أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - المقامة الكنغرية : في تقلّب أحوال (( القفّازة )) .















المزيد.....

المقامة الكنغرية : في تقلّب أحوال (( القفّازة )) .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 13:00
المحور: الادب والفن
    


نشرالسيد طارق فتحي مقالا عن تغيير مواقف أحد داعمي النظام الطائفي لما بعد الغزو , ففي حين أنه كان أحد ألأصوات العالية لنظام ماقبله , حيث نشط سابقا في التملق البعثي , وكتب ألأغنية الشهيرة : (( منين طلعت هالشمس ؟ مناك , من العوووووجة )) , واليوم يعدل بوصلة التملق الى شيوعية كاذبة واسلاموية منافقة , فنستطيع أن نصفه بأنه الشكل (( الكنغري )) , حيث أنه دائم القفز من حضن لحضن اخر , وأحببت أن أكتب هذه المقامة مستلهماً من دراسة (( ميكانيكا القفز )) , و(( توفير الطاقة الأيضية )) لدى الكناغر , لإسقاطها على (( كناغر السياسة )) الذين أتقنوا فن الوثوب بين العهود دون بذل جهدٍ أخلاقي يذكر.

حدثنا عيسى بن هشام قال : رأيتُ في بغداد زمن التحولات , عجباً من العجب , وأمراً يحيّر اللبيب المستعجب , رأيتُ رجالاً كأن جلودهم من (( مطاط )) , وقلوبهم من (( سُرّة منبسطة )) , يمشون بين الناس بمشيةٍ خماسيةِ الأطراف في سكون الليل , فإذا حميَ وطيسُ المصالح , ورأوا بريق (( الدولار)) أو لمعان (( الكرسي )) , استحالوا (( كناغراً)) , تخرق الآفاق بوازع الانتهازية , دخلتُ مجمعاً يضمُّ (( المحللين )) و(( المتحدثين )) , فإذا بصاحبنا - الذي كان بالأمس يصدحُ بتمجيد (( النظام الوطني )) والبعث العتيد , ويقسم بأغلظ الأيمان على الوفاء للحدود والجنود - قد استبدل (( الزيتوني )) ببدلةٍ إفرنجية , وصبغَ لحيتَه بلون المرحلة , وبدأ يثبُ وثباتٍ (( كنغرية )) نحو (( عراقِ ما بعد الغزو )) وما تلاه من ولائم , فقلتُ في نفسي : يا سبحان الله , كيف لهؤلاء أن يقطعوا المسافات بين المتناقضات دون تعبٍ أو نَصَب ؟ .

وفي ميكانيكا الوثب الانتهازي , تذكرتُ حينها ما قاله أهلُ العلم في جامعة (( صن شاين )) عن أوتار الكنغر وإجهاد أقدامه , فهؤلاء (( المتحولون )) قد ابتكروا نموذجاً (( ثلاثي الأبعاد )) للنفاق , إنهم عند (( السرعات المنخفضة )) - أي حين تكون المناصب بعيدة - يجرّون أذيالهم بتؤدة , فإذا لاح لهم (( السياسيُّ الجديد )) ملوّحاً بالإعطيات , استنفروا (( أوتار أخيلهم )) السياسية , إنهم كما كشفت دراسة ((إي لايف eLife )) , لا يتكبدون تكلفة إضافية في الطاقة عند زيادة سرعة (( التغيير)) , فكلما زاد انحناؤهم للرياح القادمة من خلف البحار , زاد تخزينهم لـ(( الطاقة المرنة )) في جيوبهم , مما يعادل القوة العضلية التي قد تُبذل في التفكير أو المبدأ.

ولأنه خريف المبادئ , قلتُ لصاحبي وقد رأيته يخطبُ في قناةٍ (( مُجنسة )) : يا هذا , ألم تكن بالأمسِ سادنَ المعبد القديم ؟ فما بالُ كاحلك اليوم قد انحنى حتى كاد يلامسُ الثرى في حضرةِ الغازي؟ فضحك بملءِ فمهِ وقال: يا عيسى , المواقفُ هي خريف العلاقات , يتساقطُ منها المزيفون كأوراق الشجر , وأنا شجرةٌ لا تموت , بل تُغيرُ لونَ ورقها في كل فصل , ألم تسمع عن (( تكلفة توليد القوة ؟ )) , إن الثباتَ على المبدأ يكلفُ طاقةً أيضية عالية , أما القفزُ مع القويّ , فيوفّرُ الجهد , ويزيدُ من مخزون الكرامة الحركية التي نبيعها في سوق النخاسة الإعلامية .

ولما نظرتُ إليه في حظيرة الكناغر العراقية , فإذا به يعتمدُ (( المشية الخماسية )) حين يداهنُ العامة , ويتحولُ لـ(( الوثب العالي)) , حين يقتربُ من صُناع القرار, إن سرعة انحنائه عند مفصل الكاحل السياسي تزدادُ مع زيادة (( كتلةِ العطاء )) , فيُقللُ من الطاقة المرنة للضمير, ليزيدَ من إجهاد (( وتر التملق )) , وبذلك يحافظُ على نفس مقدار (( صافي العمل )) في حسابه البنكي , بغض النظر عن سرعةِ تبدّل الحكومات , ولما رآني أطيلُ النظر في ميكانيكا قفزه , أدارَ لي ظهره , ووثبَ وثبةً (( كنغرية )) طار بها إلى ((روضة القفز ومستقر النهاز , التي يسمونها المنطقة الخضراء )) , تاركاً وراءه أوراقاً خريفيةً ذابلة , هي ما تبقى من تاريخه الذي كان يزعمُ أنه (( وطني )) .

أضاف عيسى بن هشام : عجبتُ لصاحبنا (( القفّاز)) كيف يبررُ هذا التقلبَ بميكانيكا العلوم , فدنوتُ منه وهو يتأهبُ لوثبةٍ جديدة نحو منصبٍ (( سيادي )) , فقلتُ له: يا أبا الوثبات , لقد استندتَ إلى دراسة جامعة (صن شاين كوست ) , فهل وعيتَ أن الكنغر يثبُ ليبقى على قيد الحياة في أدغال أستراليا , أما أنت فتثبُ لتميتَ ما تبقى من حياء في أدغال السياسة ؟ فنظر إليّ شزراً , وكأنه يقيسُ (( زاوية مفاصله )) قبل الإجابة , وقال : يا عيسى , إن العلم لا يُحابي العواطف , لقد أثبتت لورين ثورنتون أن الكنغر حين تزداد سرعته , تزداد زاوية انحناء أطرافه الخلفية , ونحنُ - معشرَ المحللين والمتحولين - كلما زادت سرعة الأحداث (من غزوٍ, فاحتلالٍ , فمحاصصة ) , زدنا من انحناء ظهورنا , هذا الانحناء ليس ذُلاً , بل هو تخزين للطاقة المرنة في وتر أخيل السياسي , لكي نستعيدها في القفزة القادمة نحو المائدة الجديدة , وهي التي يسمونها طاقة الضمير المرنة.

وتابع مستطرداً وهو يشيرُ إلى شاشة التلفاز وشارحا نموذج (( التقاط الحركة )) لتبديل الموقف : ألم تقرأ عن النموذج ثلاثي الأبعاد الذي ابتكره فريق الدراسة ؟ نحن أيضاً لدينا نموذجنا , نراقب لوحة قياس القوة على الأرض , فإذا كانت القوة للأجنبي , مالت رؤوسنا يميناً , وإذا كانت للميليشيا , مالت يساراً , وإذا كانت للشعارات الوطنية , أبقينا أطرافنا الخمسة (اليدين والرجلين واللسان) تلامس الأرض في تظاهرٍ بالثبات , إنها عملية تحليل طاقة المفاصل , فمعظم جهدنا يتركز في مفصل الكاحل , لأنه العضو المسؤول عن الالتفاف السريع حين يغرق المركب .

وعن استعادة الطاقة من جراح الوطن , قلتُ له : ولكن الدراسة تقول إن هذا الالتفاف والانحناء يُقلل من الطاقة الحركية المرنة للكاحل , ويزيد الإجهاد على الأوتار , فقهقهَ حتى بدت نواجذه وقال: هنا يكمنُ السرُّ يا مسكين , نحن نُجهد أوتار كرامتنا عمداً , لأن الإجهاد في عرفنا يعني زيادة كمية الطاقة التي يمكن تخزينها وإعادتها , فكلما أُهنّا أنفسنا في حضرة الحاكم الجديد , خزنّا رصيداً نستخدمه للقفز فوق رقاب الشعب في الدورة الانتخابية القادمة , نحن نُخالف اتجاه تكلفة توليد القوة , فبينما يستهلك الصادقون أعمارهم وطاقتهم في الثبات , نصلُ نحن إلى القمة بالقفز, وبأقل تكلفة أيضية ممكنة .

ثم تركني ووقف أمام الكاميرا , وقد تحول (( الزيتوني )) القديم في ذاكرته إلى غبار , وبدأ يمتدح (( الديمقراطية المستوردة )) بنفس النبرة التي كان يمتدح بها (( القائد الضرورة )) , وكأن حنجرته مزودة بمحرك (( هيدروليكي)) , يغير النغمات حسب ترددات (( القوة المبذولة على الأرض )) , فأنشأتُ أقول في وصفه : تراهُ رزيناً في الرخاءِ مشيُّهُ خماسيَّ أطرافٍ يجرُّ به الذيلَا , فإن لاحَ (( دولارٌ )) تسامتْ وثوبُهُ وصار كـ ((كنغرٍ)) لا يبتغي النيلَا , يُطوّعُ أوتارَ النفاقِ لسرعةٍ ويجعلُ من قفزِ العيوبِ له نيلَا , فيا بؤسَ شعبٍ في حماه (( كناغرٌ )) , ترى القفزَ مَجداً والوقوفَ هو الثُكلَا .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة رسائل العجب .
- مقامة الجمل في زمن الانكشاف : سقوط الحياء .
- مقامة ساجدة الموسوي : رفيقة الحرف وسادنة الضاد .
- مقامة في انتظار الفتح : مُطارحةُ وِجْدان بين سالكٍ تائهٍ وسا ...
- مقامة غزال الرجاء .
- مقامة بلقيس .
- مقامة الوجع .
- المقامة الباراسايكولوجية في غرام الأرواح المُنقِيَة .
- مقامة الخشوف .
- مقامة الحروفية : عماد الدين النسيمي المسلوخ حياً .
- مقامة عفونة العقل : حين يموت العقل قبل الجسد .
- مقامة الفتوحات العالية .
- ألمقامة ألقَلَنْدريَّة : خمر وشمع وفراشة وبلبل ووردة .
- مقامة ألأفاعيل .
- مقامة (تأبط شراً / تأبط حباً) .
- مقامة تقاسيم على ثرثرة المندلاوي الجميل .
- المقامة الباكسرومانية في جدل السلام والهيمنة.
- مقامة الأقصاء : من إفراد البعير المُعَبَّد إلى تفكيك المجتمع ...
- مقامة الميمر: عذوبة اللحن وغموض الأصل .
- مَقامَةُ عَلْوَةِ النَّجَفِيّ والوَفَاءِ الهَالِكِ .


المزيد.....




- عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم
- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - المقامة الكنغرية : في تقلّب أحوال (( القفّازة )) .