أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة (تأبط شراً / تأبط حباً) .














المزيد.....

مقامة (تأبط شراً / تأبط حباً) .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


مقامة (تأبط شراً / تأبط حباً) :

كان ثابت بن جابر الفهمي , أحد الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي يضع سيفه تحت إبطه أثناء الغزو فقالت له أمه (( تأبط شراً )) , وهناك روايات أخرى عن أصل هذه التسمية , منها أنَّه قتلَ غولاً ووضعه تحت إِبْطِهِ ومشى به إلى قبيلته , فقيل : تأبَّط شرًّا , ومن الرّوايات أنّ أمَّه طلبت أن يأتيها بشيءٍ , فأحضر أفاعيَ بعد اصطيادها ووضعها في جِراب مُتأبِّطًا إيّاه , وعندما فتحته , سعت الأفاعي في البيت , فقالت له النساء : (( لقد تأبطت شراً )) , عاش تأبَّطَ شرا في القفار ومجاهل الأرض يعانقه الفقر والتشرد والتمرد , مؤمنا بأن الحق لا يؤخذ إلاّ بالقوة , ولا سبيل إلى المحافظة على استمرارِه وفرض وجوده إلاّ بالسلب , وهو الذي كَسّر قانون القبيلة والمجتمع الجاهلي بثورته ضد عُرْفها , يعد واحدا من الشّعراء الذين فقدوا استقرارهم في مجتمع جاهلي تميَّزَ بغياب العدالة الاجتماعيّة , سلّطَ هجومه على تركيبة القبيلةِ مُتمرّدا عليها كحال الصعاليك الذين عُرِفوا في العصرِ الجاهلي , وله حكايات كثيرةٌ تَروي شجاعتَه : (( فَأَصْبَحْتُ والغولُ لي جارَةٌ فيا جارَتا أنتِ ما أَهَوْلا , فمَنْ سال أين ثَوَت جارتي فإنّ لها باللِّوَى مَنزِلا , وكنتُ إذا ما هممتُ اعتزمتُ وأحرِ إذا قلتُ أن أفعلا )) , وله : (( قَد ضِقتُ مِن حُبِّها مالا يُضَيِّقُني حَتّى عُدِدتُ مِنَ البُؤسِ المَساكينِ )) .

ذلك الشر كان في الجاهلية , أما صاحبنا الثمانيني فقد تأبَّط حبا وفي صحاري التمرد يكسر كفر القيودْ وإلى صديقنا ثابت الفهمي يعانق بالشعر كنه الوجود , (( أنا تأبط شعرا وحبا فحب لليلى وليلاه كنهُ , وشر بحبها حين احتوتني وعاتبني القلب أن لم أعنهُ , وإن كنت حقا تأبطت شرا فذا الحب شرٌّ ولا بد منه , ومهما اعتراني بوجد الكيانِ ومهما ابتلاني فلا تبت عنه , فإنه شر من الشر أني إذا كــان شرا أنا لم أكنهُ )) , فلا تبحث عن المنطق الخطي هنا , واتبع الإيقاع , دع الكلمات ترتطم بوعيك كمكبر صوت مهترئ , نحن هنا لندين (( النسخ واللصق )) البشري , ودعني (( أنا تأبط عشقا وحبا أنا رحلة العشق والعاشقينْ , أحب التي علمتني الحروف وميض القصيد ومعنى الحنينْ , ليلى حبيبة قلب شغوف لهوف لليلاه في كل حينْ , ليلى وجرح يمزق روحي فتدنو المسافات يحلو الأنينْ , وتمضي السنين إلى لست أدري ومن حيث أدري تلف السنينْ , وتبقى التباريح بالقلب حرفا يعانق بالشك عمق اليقينْ )) .

انت تأبط حرفا وحسا ومعنى فأينعت فخرا وفجرت نبضا تراقص على نغمة لعنة , وكل الحروف لليلى سماء , دموع ترق لها الاغنيات , شموع بافاق ليلى تضاء , (( يا خليليّ من أنا , خَبِّراني لستُ خِبَّاً و لا أنا أتغابَى , كم غرامٍ أتاكَ يُشهِرُ نابَا غزَّ جنبيكَ جيئةً و ذهابَا , كم مَوَاتٍ و أنت تنشدُ شعراً ذابَ وجداً و ذوَّب الألبابا , هكذا أنتَ و الفجائعُ دوماً في التحامٍ خُلِقتُما أترابا , والحنان الذي تمُدُّ لحُبٍّ ردَّهُ الحزنُ غصةً أو مصابا , صَهْ و داري فأنت تحملُ قلباً فوقه البؤسُ كم سقى أكوابا , أدمَنَ الآهَ و النوى و المراثي ضَجّ حباً و ما رأى أحبابا )) , النبيذ الأحمر محرم في وسط المدينة , انه يباع بالمثقال في أطرافها وانا مشرد عاري , حلمي يرتدي ملابس رثة , ويأكل طين التاريخ الممزوج بالنعناع والقنب.

(( أنـا تأبط حربا وحـبا وحرفا هو الحدّ نار وماءُ , وليلى ستخلد في كل حرف وكل الحروف لليلى سماءُ , دموع ترق لها الأغنيات شموع بآفاق ليلى تضاءُ , وكل الحروف فناء لعمري وكل الحروف دماء دماءُ , وبوح بكاتمه مستـبـدٌّ وجرح يعلّمني ما يشاءُ , ليلى تُمنّي فيورق فجرٌ وليلى تغني فيبكي المساءُ )) , كان امامي وانا في حلمي , خياران يظهران كوشم على يدي اليمنى او اليسرى , لا اعلم الخيار الأول وهو مر , أن ابتلع حبة الصمت الزرقاء واحاول الاندماج , وامشي مع الشريط , واراقب الرداءة من الداخل لعلّي أجد ثغرة , الخيار الثاني محبط , أن امسك بـ الميكروفون المشتعل واصرخ بكلمات غير مفهومة , تكسر الإيقاع العام , واواجه طوفان النسخ المتشابهة فوراً.

أنا تأبط حبا وشرا وشعرا وليلا به الدمعَ أجروا , تطرفت في حب ليلى وهمت وأعلنت عشقا يحاذيهِ حَجْرُ , ليلى وتغريبتي في الصحاري حنينَ المهـاري وحاديه زجرُ , وليل الصعاليك ليل جليل جميل يمنّيه بالبوح فجرُ , أنا النيزكي الذي لا يبالي بأي الأماكن يرميه هجرُ , وإن كان عيشي بسلوها خير فموتي بليلاي فضل وأجرُ, (( واللواتي عشقتُ كُنَّ عِذَاباً في البداياتِ كيف صِرنَ عَذابا ؟ يا خليليَّ من أكونُ سأروي واعجَبَا أنني سائلٌ و أجابا , إنني الحب كلُّه و نصوصي من خرابي تفَتَّحَت لَبلابَا , كم لليلى ذرفتُ أدمُعَ عيني أغنياتٍ و لم أكن زريابا , كم كيعقوب مسّني من سُليمى ذلك الضُرُّ حين عاثت غيابا , وأنا اليومَ في ذهولٍ لأمري كيف أصبحتُ مؤمناً مُرتابا , كم غرامٍ و كم حنينٍ و حزنٍ يُؤجَرُ القلبُ مُخطئاً أو أصابا , هو موتي بوردةٍ أو بكحلٍ فاحضنيني و قرري الأسبابا , عاش حرفي على السطور أميراً فاجعلي الموتَ مثلَهُ خلَّابا )) .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة تقاسيم على ثرثرة المندلاوي الجميل .
- المقامة الباكسرومانية في جدل السلام والهيمنة.
- مقامة الأقصاء : من إفراد البعير المُعَبَّد إلى تفكيك المجتمع ...
- مقامة الميمر: عذوبة اللحن وغموض الأصل .
- مَقامَةُ عَلْوَةِ النَّجَفِيّ والوَفَاءِ الهَالِكِ .
- مقامة مأزق فارس الملل : اللومُ عادةُ مَن لا يُغامرون , فلسفة ...
- مقامة تأجيل الصدمة .
- ألمقامة الاستغنائية .
- مقامة غجرية : وُضوءُ الغَجَر وسُكْرُالوَجْد ...قُبْلةُ المَو ...
- مقامة الشجاعة : اذا حلت المقادير بطلت التدابير.
- مقامة الحلم الطويل .
- المقامة الإسماعيلية في فضائل السلالة الخليلية .
- مقامة جشع الورثة وسوء خاتمة التركة.
- مقامة الخلجات .
- مقامة حميد يا مصايب الله : صرخة الهور والحب الضائع .
- مقامة رحى الخزاف .
- مَقَامَةُ حِفْظِ السِّرِّ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَالْحِكْمَةِ ...
- مقامة أبانا .
- مقامة العبر .
- مقامة تجليات قلق الورّاق .


المزيد.....




- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة (تأبط شراً / تأبط حباً) .