أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة جشع الورثة وسوء خاتمة التركة.














المزيد.....

مقامة جشع الورثة وسوء خاتمة التركة.


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


مقامة جشع الورثة وسوء خاتمة التركة :

أيها السادةُ الأفاضِلُ , يا مَن شَهِدَ الدُنيا بِزَخارفِها، وخَبَرَ الزوالَ بِصوارفِها , حدّثونا عن زمانٍ فيهِ الأموالُ فتنةٌ , والمواريثُ مِحنةٌ , تُوقِدُ في القلوبِ جَمرةَ الجشعِ , وتُورِثُ بينَ الأهلِ عداوةً لا تُطفأُ بِدَمعِ , فكأنّما هيَ نارٌ حُرّةٌ , لا تُبقي وُدّاً ولا تَذَرُ مُرّةً , فكمْ ضاعَ حَقٌّ , وكَمْ بانَ خُلقٌ , وكَمْ نُقِضَتْ عُهودٌ على أعتابِ ما يُنسى , وأكفانُهُ تُكسى , فلنَروِ لكُم شيئاً من خَفايا تلكَ المُقامات , وعَواقبِ تلكمُ التَرِكات , لتَعتَبِروا وتَزدجِروا.

أرزاق كثيرة , توزعها الورثة وبُدِّدت في البدد , فحين اقتلعوا آخرَ نخلات الدار اكتشفوا تحت جذورها بئراً , تدفّق الماءُ عالياً كما لو أنّهم قطعوا من الأرض وريداً , ولتلافي النزيف أعادوا النخلة لموضعها حَسْبَهم أن َّ كل شيء يمكن أن يعودَ كما كان , تفعلُ الشيءَ وتندمْ فتعتذر وتعودُ الأمورُ لسابقِ عهدها , لكن النخلةَ ماتت والبئرُ جَفّ وظلّوا يهوّنونَ الأمرَ على بعضهم بالأعذار , وذلك البخيل الذي ولد فقيرا , تمرد على واقعه , مضت سنوات , تفرغ لجمع ثروته , حافظ عليها بعدم الإنفاق , شكره الورثة , وخدعة ذلك الذي صرف كل ما يملك من أجل أن يكون له وريث , حملت , تدللت , تحملها , مرت الشهور , اعترف له الطبيب أن الحمل كاذب , طلقها.

النزاع : وقد يكونُ الميراثُ هو الامتحان الأخيرُ لِمَعدنِ القلوب , فكم من أخوةٍ فرقتهم حزمةُ مالٍ لم تكن لهم فيها يد , وكم من صِلاتٍ قُطعت بسببِ شهوةٍ عابرةٍ للاستئثار بما ليس حقاً , فيتحولُ الطمعُ إلى سُمٍ يسري في عروق العائلة , فتُنسى الوحدةُ ويُهجرُ الودُ , ويغدو كلُ فردٍ خصماً في معركةٍ خاسرةٍ ضاعت فيها الرحمةُ قبلَ المال.

رؤى حول المال والثروة : تختلف الآراء حول الأموال بشكل كبير , حتى بين الأثرياء الذين يمتلكون الكثير منها , فالبعض يراها أصل الشر كله , في حين يرى البعض الآخر أنها لا صلة لها بنجاحهم , ورغم ذلك يقضي معظم الأشخاص الكثير من أوقاتهم في التفكير في الثروة والأموال , ولأنه ليس هناك شجرة تطرح نقودًا , يعيش معظم الناس في العالم وفقًا لميزانية محددة , وحسبما نشر (( فورتشن )) , كلما زادت سيطرة الأشخاص على ما يمتلكونه من أموال , تمكنوا من السيطرة على حياتهم بشكل أفضل.

مسؤولية المورّث : وليسَ جَمْعُ المالِ غايةً للمرءِ العاقل , بل هي وسيلةٌ لصنعِ استقرارٍ لا يتبددُ بعدَ رحيله , إنَّ الحكمةَ تقتضي من المورّث أن يُرَتّبَ بيتهُ المالي قبلَ أن يغادره , فيسدَّ ديناً , ويُنفّذَ وصيةً , ويزرعَ القناعةَ في نفوسِ ورثته , لأنَّ التركةَ قد تكونُ إرثاً من ذهبٍ , وقد تكونُ إرثاً من شقاءٍ إذا لم يُتركْ خلفها نظامٌ وعدلٌ يُطفئُ نارَ الجشعِ الموقوتة.

الموعظة الدينية والفلسفية : يتحدثون عن الميراث وكأن الحياة بعد الوالدين حياة , وفي الأسلام : إن الدنيا متاع , من اشتدَّ عليها حرصُه أوشكَ فيها نقصُه , ومن مدَّ عينيه إلى ما ليس في يدَيه , أسرعَت الخيبةُ إليه , وعكفَت الحُزونَةُ عليه , والآخرةُ عند أهل الإيمان خيرٌ من كل نفيس , وأجلُّ من كل مُستعاضٍ , وأعظمُ من كل مُستطرَف , وقِسمةُ الترِكات شريعةٌ نازِلة , وفريضةٌ عادلة , ومن بطلَت أمانتُه , وظهرَت خيانتُه , وساءت دِخلَتُه , وبانَ خبثه , ولاحَ غدرُه ومكرُه , أساءَ القسمةَ , وخانَ الشريكَ وأكلَ سهمَه , ولم يترُك لشريكِه قِيدَ فِتْر , ولا قِيسَ شِبر , ولا عتَبًا ولا رتَبًا , ولا مقعَدًا ولا مصعَدًا , ولا مَقيلاً ولا سبيلاً , ولا مجالاً ولا مالا , وشرُّ الناسِ من إن نُوقِشَ حقَد , وإن حُوسِبَ شرَد , وإن طُلِبَ مرَد , ولم يرَه أحد .

وفي الختامِ , فلتَعلَموا يا أهلَ العِبرةِ أنَّ المالَ زائلٌ , والخيرَ باقٍ , فَطُوبى لمَن أورَثَ خيراً , وأحسنَ قِسمةً , وسلِمَت ذِمّتُهُ مِن دَنَسِ الخِيانَةِ أو شُبهَةِ الطّمعِ , فإنَّ المالَ كالسّحابِ , يظَلُّ يَهطِلُ على أقوامٍ ويَنتقِلُ عن آخرين , فاجعَلوا أرزاقَكُم وُسعاً لا وِزرًا , ودُنياكُم مَعْبَرًا لا مُستَقَرّاً , وإيّاكم أن تَلهَثوا وراءَ غنيمةٍ تُورِثُ ندامةً , أو تُطفئُ بينَكُم قَدْرَ صَدَاقَةٍ , وبِاللهِ التّوفيقُ ومِنهُ السَّدادُ , وإليهِ المَرجعُ والمَعادُ.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الخلجات .
- مقامة حميد يا مصايب الله : صرخة الهور والحب الضائع .
- مقامة رحى الخزاف .
- مَقَامَةُ حِفْظِ السِّرِّ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَالْحِكْمَةِ ...
- مقامة أبانا .
- مقامة العبر .
- مقامة تجليات قلق الورّاق .
- مقامة ام الكعك .
- مقامة غنائية .
- مقامة الرجاء الشطرنجية : في وصفِ لعبةِ التَّشظّي .
- مَقَامَةُ لَبَنِ العُصْفُورِ.
- مقامة الأنتخابات .
- مقامة لمحات من ذلك الزمان : أحداث ورجاء .
- مقامة الخبب : في رحلة العمر والأدب .
- مقامة القيمر الأسمر.
- مقامة الفلْس الدّوّانِقِي : نوادر البخلاء ومآثرهم .
- مقامةُ الأفندي تحسين في بَتانِ بغدادَ وبَطِّها .
- الغطرسة : الداء والجلاء .
- مقامة العبارة الضيقة : ما أوسع رؤيتها ؟
- مَقَامَةُ الْأَحْفَادِ وَمَتَاعِبِ الْأَجْدَادِ .


المزيد.....




- وفاة الممثل الألماني أودو كير الذي تألق في هوليوود عن عمر نا ...
- -بينك وبين الكتاب-.. معرض الشارقة يجمع 2350 دار نشر من 100 د ...
- وفاة أيقونة السينما الهندية دارميندرا عن 89 عاماً
- تحولات السينما العراقية في الجمعية العراقية لدعم الثقافة
- وفاة جيمي كليف أسطورة موسيقى -الريغي- عن عمر ناهز 81 عامًا
- فيلم -الملحد- يعرض في دور السينما المصرية بقرار قضائي مصري و ...
- -شرير هوليود-.. وفاة الممثل الألماني الشهير أودو كير
- محكمة الجنايات تفرج عن الممثلة الكويتية إلهام الفضالة دون ضم ...
- وفاة نجم موسيقى الريغي الجامايكي جيمي كليف عن 81 عاما
- نظرة داخل المتحف المصري الكبير


المزيد.....

- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة جشع الورثة وسوء خاتمة التركة.