أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الشجاعة : اذا حلت المقادير بطلت التدابير.















المزيد.....

مقامة الشجاعة : اذا حلت المقادير بطلت التدابير.


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


يقول ابن طبابا العلوي : (( محرمة أَكفال خَيلي عَلى القَنا وَدامية لباتها وَنُحورَها , حَرام عَلى أَرماحِنا طَعن مُدبِر وَتُندق مِنها في الصُدور صدورها)) , الجبن والفرار مما يشين بني الأحرار , الجبن غريزة كالشجاعة يضعها لله فيمن شاء من خلقه , قال المتنبي : (( يرى الجبناء أنّ الجبن حزم ... وتلك خديعة الطبع اللئيم )) , ويقول الحصين بن الحمام المري : (( لسنا على الأعقابِ تَدمى كُلومنا , ولكن على أقدامنا تقطرُ الدِّما )) , يعني أننا لا نهرب من القتال فتُجرح ظهورنا وأعقاب أقدامنا , بل نقاتل في مواجهة العدو , وإذا أصابنا جرح فإنه يكون في مقدمة أقدامنا, وهو تعبير عن الشجاعة والإقدام في المعركة , ويعتبر البيت كناية عن عدم الفرار والالتحام بالعدو.

قال الشاعر: (( يفر الجبان من أبيه وأمه ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه )) , وقالت عائشة رضي الله عنها : (( إن لله خلقاً قلوبهم كقلوب الطير كلما خفقت الريح خفقت معها فأف للجبناء )) , وقال خالد بن الوليد عند موته : (( لقيت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم وها أنا ذا أموت حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء )) , (( إن موت الفراش عار وذل وهو تحت السيوف فضل شريف )) , وقول السموأل (( وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل منا حيث كان قتيل , تسيل على حد الظباء نفوسنا وليست على غير الظباء تسيل )) .

ويقال أسرع الناس إلى الفتنة أقلهم حياء من الفرار , وقال دارا بن دارا يحرض جيشه على القتال : (( قتيل صابر خير من ناج فار )) , وقال هانئ الشيباني لقومه يوم ذي قار: (( يا بني بكر هالك مغدور خير من ناج فرور , المنية ولا الدنية , يا بني بكر استقبال الموت خير من استدباره , الطعن في ثغور النحور أكرم منه في الاعجاز والظهور , يا بني بكر قاتلوا فمالنا من المنايا بد , الجبان مبغض حتى لامه والشجاع محبب حتى لعدوه , ويقال الجبن خير أخلاق النساء وشر أخلاق الرجال )) , وقال يعلى بن منية لقومه حين فروا يوم صفين : (( إلى أين قالوا قد ذهب الناس , فقال أف لكم فرار واعتذار ؟)) , ولما قوتل أبو الطيب المتنبي ورأى الغلبة عليه فر , فقال له غلامه أترضى أن يحدث بهذا الفرار عنك وأنت القائل : (( والخيل والليل والبيداء تعرفني ... والطعن والضرب والقرطاس والقلم)) فكر راجعاً فقاتل حتى قتل واستقبح أن يعير بالفرار.

روى الرفيق مدحت إبراهيم جمعة رواية , أنه فيفي عام 1959 أصدرت محكمة المهداوي حكماً سياسياً على مجموعة من الضباط والقادة بالإعدام , ويقول الرفيق مدحت , أن الحزب كانت لديه إمكانية تهريب ثلاثة أشخاص من السجن قبيل تنفيذ أحكام الإعدام , والثلاثة هم : العميد الركن ناظم الطبقجلي , والعقيد رفعت الحاج سري , والرفيق الحزبي فاضل الشكرة , وأوفدت القيادة مدحت أبراهيم جمعة لإبلاغهم قرار القيادة , فذهب مدحت وقابل العميد الطبقجلي , الذي لم يبد أي رغبة , ولكنه طلب رأي العقيد سري , وعندما قابل العقيد سري , رفض المقترح رفضاً باتاً قاطعاً , وقال يستحيل أن يوافق على المقترح ويترك الضباط الصغار يواجهون رصاص الإعدام دون قادتهم بمعنويات ضعيفة وتسجل على تاريخهم الشخصي , وعلى تاريخ الجيش العراقي , وهو يشكر الحزب ولكن قراره هو أن يذهب لميدان الرمي ويعدم مع بقية الضباط , وأبلغ مدحت قرار العقيد سري هذا للعميد الطبقجلي , فأيده تماماً , وقال أنا مع هذا القرار الصائب , وعندما أبلغ القرار للرفيق فاضل الشكرة وهو حزبي يلتزم بقرار القيادة , ولكنه قال بموضوعية أنه يفضل ويستحسن قرار العميد الطبقجلي والعقيد سري , ويفضل أن يعدم معهم , ويقول الرفيق مدحت وهكذا عدت إلى القيادة القطرية لأبلغهم أن القادة الثلاثة يرفضون تهريبهم من تنفيذ حكم الإعدام بهم , وفعلاً واجه الضباط رصاص الإعدام في 20 / أيلول / 1959 بشجاعة نادرة , الضباط القادة في المقدمة والكل يهتف بحياة العراق والأمة العربية , وحقاً سجلوها مأثرة عظيمة في تاريخهم وتاريخ الجيش العراقي الباسل , السير إلى الموت خياراً لابد منه ورجولة في مصافحة الحتوف.

وضعت كتباً كثيرة عن البطل العقيد كلاوس شتافينبيرغ , الذي كان بطلاً حتى آخر لحظة من حياته، حين واجه رصاص الموت هاتفاً : (( لتعش ألمانيا المقدسة )) , هذه كانت الكلمات الأخيرة للبطل الذي كان واقفا في الساحة الداخلية لمبنى القيادة العامة للقوات المسلحة الألمانية حين أطلقت عليه حظيرة الرشق النار , في هذه اللحظة لم يتمكن مرافقه الملازم الأول ( وارنر فون هافن ) والذي كان في عداد المتفرجين ان يحتمل رؤية قائده يعدم , فهرع إليه ليحتضنه ويحميه من الرصاص المنهمر فيخر كلاهما صريع الوطن والواجب والشرف.

حين حان طي آخر صفحة في الحرب العالمية الثانية , بالوحدة الألمانية (1990) أصدرت حكومة الوحدة قراراً تسحب فيه الاوسمة والقاب الكريم لأولئك الضباط وكبار الموظفين الذين انشقوا عن الدولة وأنظموا إلى الجبهة الشرقية (الاتحاد السوفيتي) , أو إلى الجبهة الغربية (اميركا , بريطانيا , فرنسا) , وحين سأل صحفي ألماني مسؤولاً حكومياً عن جدوى القرار أجاب: (( نحن نعلم أن أكثر من يمسهم القرار متوفون , وبعضهم كان من شخصيات الدولة البارزة , ولكننا نريد التأكيد للجميع , اليوم وفي المستقبل , أن واجب موظف الخدمة العامة , والضابط في القوات المسلحة , أن يخدم بلاده , لا أن ينظم إلى العدو )) .

إن الشجاعة ليست فقط في ميدان الرصاص , بل هي أيضاً في ميدان الفكر والقرار, فكما استقبح المتنبي أن يُعير بالفرار الجسدي, فإننا نفتقر اليوم إلى القادة الذين لا يُعيرون بالفرار الفكري أو السياسي أو الاقتصادي, مُتسلّقو السّياسة , البعضُ يظنّ أنّ رجالَ الدولة يولدون بالفطرة قادة , إنّهم نتاجُ حريّةٍ فكرية واجتماعية واقتصادية , ومعرفيّة , كم نفتقرُ لسياسيين يستطيعون إقناع الناس بأفكارهم حيث لم نرَ بعد الغزو قادةَ فكرٍ مُجدّدين في السياسة والاقتصاد والمجتمع للأسف, كما تمّ إضعاف الطبقة الاجتماعية الوسطى التي كانت خزّانا مولّدا للفكر والثقافة والموقف , لأسبابٍ لايجهلها أحد , وهكذا فمتسلّقو السياسة كُثُر هذه الأيام , لكن من يُقنعكَ منهم ؟؟؟

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الحلم الطويل .
- المقامة الإسماعيلية في فضائل السلالة الخليلية .
- مقامة جشع الورثة وسوء خاتمة التركة.
- مقامة الخلجات .
- مقامة حميد يا مصايب الله : صرخة الهور والحب الضائع .
- مقامة رحى الخزاف .
- مَقَامَةُ حِفْظِ السِّرِّ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَالْحِكْمَةِ ...
- مقامة أبانا .
- مقامة العبر .
- مقامة تجليات قلق الورّاق .
- مقامة ام الكعك .
- مقامة غنائية .
- مقامة الرجاء الشطرنجية : في وصفِ لعبةِ التَّشظّي .
- مَقَامَةُ لَبَنِ العُصْفُورِ.
- مقامة الأنتخابات .
- مقامة لمحات من ذلك الزمان : أحداث ورجاء .
- مقامة الخبب : في رحلة العمر والأدب .
- مقامة القيمر الأسمر.
- مقامة الفلْس الدّوّانِقِي : نوادر البخلاء ومآثرهم .
- مقامةُ الأفندي تحسين في بَتانِ بغدادَ وبَطِّها .


المزيد.....




- إسبانيا: اعتقال الراهبة لورا غارسيا بتهمة تهريب الأعمال الفن ...
- الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا ...
- كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق ...
- وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما
- إيران تحظر دخول غابات مدرجة على قائمة التراث العالمي بعد أن ...
- اكتشافات بجنوب شرق تركيا تشرح حياة البشر في العصر الحجري الح ...
- عمليات جراحية على نغمات الموسيقى: اكتشاف علمي يغير قواعد الت ...
- متاحف قطر تحصد جوائز مرموقة في النسخة الثالثة من جوائز قطر ل ...
- الألكسو تكرم ستيفاني دوجول عن ترجمة -حكاية جدار- وتختار -كتا ...
- تشييع الممثلة الراحلة -بيونة- إلى مثواها الأخير في مقبرة الع ...


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الشجاعة : اذا حلت المقادير بطلت التدابير.