أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ساجدة الموسوي : رفيقة الحرف وسادنة الضاد .














المزيد.....

مقامة ساجدة الموسوي : رفيقة الحرف وسادنة الضاد .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


كتبت الشاعرة ساجدة الموسوي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية نصا مهيبا بعنوان ( لغتي التي أحب) ,وأذ أثني على صدق المشاعر وبراعة الوصف , أردفتها بالمقامة الآتية :

إلى الصديقة التي وقفت بباب (( المليكة )) متهيبةً , فجاءت حروفها أبهى من قناديل الجنوب , وأسمى من نجوم العوالي , ما أجمل هذا النص , مكتوب بلغةٍ شاعريّة وبروح راقية , وصفت فيها اللغة العربية بـ (( المليكة )) التي ترهبها هيبتها بقدر ما يحركها حبها , ووصفت (( خوف المحب )) من التقصير أمام جمال اللغة , قرأتُ بوحكِ , فما وجدتُ فيه (( تأتأةً )) بل وجدتُ فيه عزفاً على أوتار الخصيب, إن كان قلبكِ يرجفُ عند الخطابة , فإنّ حرفكِ قد ثبتَ ثبات الجبال في (( قصرها اليعربي )) , لقد وصفتِ اللغة بـ (( السيدة )) , وأنتِ اليوم في حضرتها وصيفتها الوفية التي تتقنُ رسم الوشم في دفاتر العمر, لا تخشي الارتباك , فما كان خوفكِ إلا (( تقديراً )) لجمالها , وما كان شعوركِ بالصغر أمامها إلا (( عظمةً )) في روحكِ التي تدركُ مكامن الجلال.

لله درُّ نبضكِ , لقد جعلتِ من ((همزة الوصل )) جسراً لقلوبنا , ورسمتِ لـ (( الضاد )) وطناً يحدهُ الخيال شرقاً , وتحرسه الكواكب شمالاً , وأثبتِّ أن الشجاعة ليست في غياب الخوف , بل في الوقوف أمام (( الملكة )) وقول أجمل الكلام رغم ارتعاش اليد , ألله يا أم سما , إن كانت اللغةُ هي (( السيدة )) , فقد كنتِ أنتِ اليوم مرآتها الصافية التي عكست سناءها في (( مرايا السديم )) , لقد قرأتُ مدادكِ الذي سُكب بمداد الخوفِ والرهبة , فوجدتُه نصاً يتنفسُ (( هيبة العارفين )) , لقد زعمتِ أن يدكِ ترجفُ كيدِ طفلٍ يتهجى خطواته الأولى , وما دريتِ أنَّ هذا الارتجاف هو الذي صاغَ لنا معلقةً من نور, وأنَّ تعثركِ المزعوم لم يكن إلا رقصاً بارعاً فوق أسطر الوفاء للغتنا الأم .

يا أخت الدرب , لقد نصبتِ لـ (( سيدتنا )) اليعربية قصراً من نُضار , وجعلتِ من جغرافيتها كوكباً يحدهُ الخيال وتضيئه قناديلُ الشوق , وصفتِها بـ (( المليكة )) , فكنتِ أنتِ في حضرتها الشاعرةَ التي لم يزدها الارتباك إلا رقيّاً , ولم يزدها الحياء إلا بلاغة , ولقد تأملتُ فيما كتبتِ , فأذهلني فيكِ ثلاث : أولها أدبُ الوقوف, حين قلتِ (( أمدُّ يدَ الخوف )) , لم يكن خوفكِ من نقصٍ في البيان , بل هو خوفُ المحبِّ أن يقصرَ في وصفِ من يحب , هو ذلك الشعور المهيب الذي يعتري المرء حين يقف أمام (( عظيم )) , فيشعر أن مفرداته ضئيلة أمام جلال الموقف , وثانيها عشقُ الدفاترحين ذكرتِ الدرب الذي مشيتِيه مع اللغة دون افتراق رغم (( عسر الليالي )) , وذكّرتِنا بأن اللغة ليست مجرد قواعد ونقوش , بل هي رفيقة عمر, وشاهدة على الأحزان والأفراح , وعنوانٌ ثابت في مرايا السديم لا يتبدل ,وثالثها شجاعةُ المرتبك, أذ أخبرتِنا أن الشجاعة مغروسة في خصالكِ , ومع ذلك تخشين الارتباك , وهل هناك أجمل من شجاعة تعترفُ بضعفها أمام (( سلطان الكلمة )) ؟ إن هذا الصدق هو الذي جعل نصكِ يلمس الحشا , كما يلمس نبض روحكِ (( المليكة )) التي تهيمين بها.

عذراً يا صاحبة البيان , إن كنتِ تخشين (( التأتأة )) أمام هيبتها , فاعلمي أن صمتكِ قبل الكتابة كان صلاةً , وأن كلماتكِ بعد ذلك جاءت كـ (( جواهر في أقاصي السماء )) , لقد أثبتِّ أن لغتنا العظيمة لا تفتح أبواب قصرها اليعربي إلا لمن يقترب منها بقلبٍ وجلٍ كقلبكِ , وروحٍ تحرسها نجوم العوالي كروحكِ , سيبقى نصكِ هذا وداً ممدوداً , ونقشاً لا يمحى , وشاهداً على أنكِ لم تكوني يوماً (( تائهة )) في الكتابة , بل كنتِ السكنَ والمسكنَ في رحاب الضاد.

يا رفيقةَ الدربِ والضاد , لقد قلتِ إن لسيادتها في حشاكِ (( نبض روحٍ )) , وأقول لكِ : إن لكِ في حشاي مِثل ما لها من المحبة والتقدير, إن هذا (( الارتباك )) الذي يسكنكِ كلما وقفتِ أمام جلال اللغة , هو ذاته النبل الذي عرفتُه فيكِ , فأنتِ لا تقاربين الأشياء العظيمة إلا بحسِّ العارفِ المتهيب , ولا تدخلين قصرَ اللغة إلا حافيةَ القلب , تعظيماً لمنزلتها , يا من مددتِ يدَ الطفولةِ نَحوَ (( المَليكة )) , فأورقَ في كفّكِ النُّضارُ , والياسمين , لا تَخجلي من (( تأتأةِ )) الرّوحِ فإنَّ ارتباكَ الحَرفِ أمامَ الجمالِ , صَلاة , وإنَّ وجلَ قلبكِ في مَحرابِ الضّادِ , هيبةُ العارفين , يا رفيقةَ الدربِ الّذي ما زالَ يجمعُنا على (( عُسرِ الليالي )) ونُورِ المَحابر لكِ في الحشا , مِثلُ ما لسيّدتنا منَ النّبضِ ولكِ في دفاترِ عُمري , رُكنٌ مَكين , يا مَن رصّعتِ (( شَمالَ )) الخيالِ بصدقكِ وجعلتِ من (( الجنوبِ )) لقلوبنا , قناديلَ حَنين , أنتِ لم تكتبي عن اللغةِ فحسب , أنتِ سكَبتِ عِطركِ في مَحبرتها فصارتِ الحروفُ بكِ , أجملَ وأثمنَ من (( الغوالي )) .

يا ابنةَ اليعربيّ , يا سَيّدةَ الحَرفِ الرّحيب , ارتجافُ يدكِ كان (( مُوسيقا )) , وتأتأتكِ كانت (( تَرتيلاً )) , فارتقي مَنصةَ المجدِ , ولا تَرتبكي فمثلي ومثلُ اللغةِ , نَفخرُ أنَّ لنا في القلب , مِثلَ هذا الحَنين , ولا تخشي الوقوفَ , فإنْ كنتِ تَرينها (( مليكةً )) تأخذُ بالألباب فأنا أراكِ (( أميرةَ البيانِ )) التي لا تَهاب شجاعتُكِ المَغروسةُ في خِصالكِ نَبَتت حُبّاً , وصداقةً , ووفاءً لا يَميل بيني وبينكِ , (( دربٌ مشيناهُ )) صِدقاً وعنوانٌ في (( أقاصي الأقاصي )) نَقشناهُ مَعاً , في مرايا السّديمِ , وفي ظِلِّ النّخيل.

عزاؤكِ يا غالية , أنَّ من يرتبكُ أمام جمالِ اللغة هو وحدهُ من يدركُ كُنهها , وأنتِ لم تدركي كنهها فحسب , بل صرتِ جزءاً من بهائها , فلا تخشي (( التأتأة )) بعد اليوم , فأخوتنا التي تعمدت بالكلمة الطيبة هي الشفيعُ لنا , وحرفكِ الذي يخشى الارتباك هو أثبتُ الحروف في ميزان البيان , دمتِ أختا , ودام قلمكِ (( كوكباً حارساً )) لجمال لغتنا , ومرآةً تعكسُ أصالة روحكِ التي لا تبالغُ فيما تقول , ولستِ أبداً تُغالين.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة في انتظار الفتح : مُطارحةُ وِجْدان بين سالكٍ تائهٍ وسا ...
- مقامة غزال الرجاء .
- مقامة بلقيس .
- مقامة الوجع .
- المقامة الباراسايكولوجية في غرام الأرواح المُنقِيَة .
- مقامة الخشوف .
- مقامة الحروفية : عماد الدين النسيمي المسلوخ حياً .
- مقامة عفونة العقل : حين يموت العقل قبل الجسد .
- مقامة الفتوحات العالية .
- ألمقامة ألقَلَنْدريَّة : خمر وشمع وفراشة وبلبل ووردة .
- مقامة ألأفاعيل .
- مقامة (تأبط شراً / تأبط حباً) .
- مقامة تقاسيم على ثرثرة المندلاوي الجميل .
- المقامة الباكسرومانية في جدل السلام والهيمنة.
- مقامة الأقصاء : من إفراد البعير المُعَبَّد إلى تفكيك المجتمع ...
- مقامة الميمر: عذوبة اللحن وغموض الأصل .
- مَقامَةُ عَلْوَةِ النَّجَفِيّ والوَفَاءِ الهَالِكِ .
- مقامة مأزق فارس الملل : اللومُ عادةُ مَن لا يُغامرون , فلسفة ...
- مقامة تأجيل الصدمة .
- ألمقامة الاستغنائية .


المزيد.....




- وفاق الممثلة سمية الألفي عن عمر ناهز 72 عاما
- تحقيقات أميركية تكشف زيف الرواية الإسرائيلية بشأن مقتل أستاذ ...
- المنتج السينمائي التونسي شاكر بوعجيلة: أيام قرطاج السينمائية ...
- وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي بعد صراع طويل مع السرطان
- وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي
- إقبال على تعلم العربية في إسبانيا رغم العراقيل وخطاب العنصري ...
- موضة شرقية بروح أوروبيّة معاصرة.. إطلالات نانسي عجرم في كليب ...
- في يومها العالمي: اللغة العربية بين التطوير وخطر التراجع
- -الست-.. فيلم يقترب من أم كلثوم ويتردد في فهمها
- 5-نصوص هايكو :بقلم الشاعر محمد عقدة.دمنهور.مصر.


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ساجدة الموسوي : رفيقة الحرف وسادنة الضاد .