حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي
(Hassan Saleh Murad)
الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 22:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلن بعض قادة الإطار والحشد، مثل الشيخ قيس الخزعلي والسيد عمار الحكيم، عن حصر السلاح بيد الدولة، وهو إعلان ليس مدعاة للسخرية كما اعتقد البعض على منصات التواصل الاجتماعي، بل خطوة وطنية مسؤولة تنتظرها البلاد منذ سنوات طويلة من الفوضى وتعدد الجيوش خارج إطار الدولة. فالمطلب لم يأتِ من فراغ، بل جاء استجابة لمطالب جماهيرية عارمة، بعد أن أتم الحشد الشعبي، الذي تشكّل بفتوى المرجعية العليا، مهمته الكبرى في تحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي.
إنّ هذا الإعلان يعكس إدراك القادة للمسؤولية الوطنية. فبعد أن أتمّ الحشد مهمته العسكرية، لم يعد هناك مبرر لاستمرار وجود السلاح خارج سيطرة الدولة. نزع السلاح واندماج قوات الحشد ضمن القوات النظامية في وزارتي الداخلية والدفاع يمثلان خطوة حاسمة نحو توحيد الدولة وحصر القوة في إطارها القانوني، وضمان عدم الانزلاق إلى فوضى مسلحة جديدة أو مواجهات غير متكافئة قد تُلحق الضرر بالعراق وشعبه.
الغريب أنّ بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي استهزأوا بهذه الخطوة، ظناً منهم أنّها نابعة من خوف من الضربات الأمريكية، بينما الحقيقة هي أن هذه الخطوة تعكس شجاعة ومسؤولية وطنية تاريخية. فهي تظهر قدرة القادة على اتخاذ قرارات صعبة للحفاظ على الدولة والمواطنين، حتى وإن كانت هذه القرارات غير شعبية بين البعض في البداية.
قوة العراق الحقيقية تكمن في وحدته، وفي خضوع جميع القوات تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة. فحصر السلاح بيد الدولة ليس مجرد إجراء تقني أو سياسي، بل ضرورة أخلاقية ووطنية، تحمي الدولة والشعب، وتضمن هيبة المؤسسات واستقرارها.
ومع أنّ هذه الخطوة أساسية، إلا أنّها ليست كافية وحدها. فالخطوة التالية التي ينتظرها العراقيون بشغف هي حملة جدية وشاملة على الفساد بلا استثناء، إذ أن الفساد ينخر مؤسسات الدولة ويهدد الأمن الداخلي تمامًا كما يهدد السلاح المنفلت السلم الأهلي.
الدولة القوية لا تُبنى بالقوة وحدها، بل بوحدة القرار، وعدالة القانون، ومحاسبة الفاسدين، وبثقافة السلام التي تبدأ بحصر السلاح بيد الدولة. العراق أمام فرصة نادرة للانتقال من منطق الطوارئ إلى منطق الدولة، ومن ثقافة السلاح إلى ثقافة القانون، ومن تاريخ الصراع إلى أفق السلام والاستقرار
##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)
Hassan_Saleh_Murad#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟