أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسن صالح الشنكالي - العدالة المؤجَّلة وإعادة إنتاج اللاثقة














المزيد.....

العدالة المؤجَّلة وإعادة إنتاج اللاثقة


حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي

(Hassan Saleh Murad)


الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 16:26
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تمر اكثر من احدى عشرة سنة على الإبادة الإيزيدية التي ارتكبها تنظيم داعش الارهابي في 3 اب (اغسطس) عام 2014، وما زالت قضاء سنجار تعيش في حالة لا حرب فيها ولا سلام. في الظاهر، اختفى الرصاص وانحسرت المعارك، لكن الحياة اليومية للناجين تكشف عن واقع أكثر قسوة. فلايزال الاف النازحين محاصرين في مخيمات الإقليم، ينتظرون الإجراءات البطيئة والمعقدة للعودة، بينما تُسهّل الحكومة نقل عوائل الجلادين، الذين شارك ذووهم في القتل والسبي الايزيديين، إلى منازلهم بسهولة مريبة، دون مساءلة، ودون اعتبار لمعاناة الضحايا.
وعلى نقيض ذلك تحركت مئات الحافلات الحكومية المكيفة لنقل آلاف من عوائل داعش من مخيم الهول، إلى مخيم جدعة تمهيداً لدمجهم في المجتمع بينهم فارون من العدالة، بينما لا يزال الإيزيديون العائدون من النزوح انتظارهم في العودة وعند عودتهم في نقاط التفتيش، ينم تفريغ حمولتهم لغرض التدقيق والتفتيش ويدفعون من مالهم الخاص، ويخضعون لإجراءات أمنية صارمة، وكأنهم من يتحملون خطايا الجلادين. هذا المشهد لا يُظهر فقط غياب العدالة، بل يعيد إيذاء الضحايا نفسياً، ويعمّق حالة اللاثقة، ويحوّل الضحية إلى متهم يحتاج لإثبات براءته.

إضافة إلى ذلك، لا تزال البنية التحتية في قضاء سنجار مدمرة، ولم تُعَد إعمارها بعد. القضاء الذي يعد الوحيد في العراق الذي لا تُدار إداراته المحلية في موقعها الرسمي، ما زال مهمشاً، ويتنازع على إدارته العديد من القوى الأمنية، ما يزيد من إحساس الأهالي بالعجز والضعف. كما أن العفو العام الذي أفرج بموجبه عن عشرات الآلاف من المحكومين بمادة 1/4 إرهاب، والذين انتموا إلى تنظيم داعش، يبرهن على اختلال الأولويات: الجلادون يحصلون على الحماية، بينما الضحايا يظلون في حالة انتظار دائم للعدالة، ويعانون من غياب التعويضات الحقيقية. والأمر الأكثر غرابة هو أن البرلمان العراقي لم يعترف بالإبادة الجماعية، رغم اعتراف أكثر من 13 دولة أجنبية رسمياً بها، مما يزيد من شعور الإيزيديين بأن الدولة لا تنصفهم.

في هذا السياق، يوضح عالم السلام يوهان غالتونغ أن السلام السلبي هو غياب العنف المباشر مع استمرار العنف البنيوي والثقافي، وهو ما تعيشه سنجار: غياب المحاسبة، تعدد القوى الأمنية المتناحرة، تأخر عودة النازحين، تفكك الثقة بين المجتمع والدولة، وبنية تحتية مهملة. أما السلام الإيجابي، فهو الذي يتجاوز مجرد غياب العنف، ويشمل بناء منظومات العدالة والمساواة، وتعزيز الثقة، وإزالة أسباب العنف المستقبلية.

لتحويل هذا الواقع إلى سلام إيجابي مستدام، يجب إعادة هيكلة السياسات: ضمان عودة آمنة وكريمة للنازحين، إزالة الإجراءات المرهقة، وتقديم الدعم اللوجستي الكامل. ينبغي إنشاء آليات عدالة انتقالية توثق الجرائم وتضمن المحاسبة والتعويض، والاعتراف الرسمي بالإبادة. توحيد الإدارة الأمنية والمدنية، وإشراك الضحايا في اتخاذ القرار، خصوصاً في الملفات التي تمس حياتهم مباشرة، سيكون خطوة ضرورية لإعادة بناء الثقة تدريجيًا وتعزيز العدالة الاجتماعية.

السلام في سنجار اليوم ليس مجرد غياب القتال، بل هو سلام مجروح، هشّ، ومنقوص. الهدوء الظاهر يخفي خلفه بنية كاملة من الظلم، والسياسات التي تعيد جرح الإبادة كل يوم، وتحوّل الضحايا إلى أطراف ضعيفة في صراع مستمر. السلام الحقيقي لا يتحقق إلا بغياب الظلم، وبمحاسبة الجلادين، وتمكين الضحايا من استعادة حياتهم، وهو السبيل الوحيد لبناء مجتمع متماسك وآمن في سنجار وما بعده



##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)       Hassan_Saleh_Murad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيمان كمسار داخلي: دراسة في وحدة التجربة الروحية بين الحلا ...
- العراق بين الصراع الأقليمي وصراعات الداخل
- لماذا لا يحدث التغيير في مدارسنا؟
- حرب الطقس… من القنبلة الذرية إلى التحكم بالمناخ كاداة نفوذ
- جلوس قادة الكُرد في دهوك: هل نحن مقبلون على خارطة جديدة؟
- عراق ما بعد الانتخابات: نتائج بلا أغلبية… ومشهد بلا بوصلة
- غياب المشروع الوطني… العراق بين وهم الوحدة وحقيقة الانقسام
- زهران عمدة نيويورك الجديد خليط متجانس
- هل رجل الدين لازال صمام أمان للمجتمع؟ وكيف تكون نظرته إلى ال ...
- الصدر مجددًا يعلن المقاطعة بين وهم المقاطعة وضرورة المعارضة
- الإيزيديون بين الدستور وواقع الإقصاء الانتخابي
- الانتخابات العراقيّة بين الشكوك والتوافق الإجباريّ
- تحولات الشرق الأوسط بين سقوط الأيديولوجيا وصعود الفرد
- بين الرموز والعبادة: قراءة في الإنسانية والدين في التراث الع ...
- العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية
- الدرس التاسع : كيف نفهم الدرس بسهولة
- الدرس العاشر: مستقبل التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي
- التعليم والاقتصاد… هدر الطاقات في وطنٍ حائر
- دروس في التربية / الدرس الثاني
- دورس في التربية / الدرس الثالث


المزيد.....




- محاولة استعادة معزز صاروخي بتجربة شركة صينية.. شاهد ماذا حصل ...
- مصدر مصري مسؤول: لا تنسيق مع إسرائيل لفتح معبر رفح للخروج من ...
- إسرائيل تُرسل مبعوثا إلى لبنان لإجراء محادثات لمنع التصعيد
- هل تشن الولايات المتحدة حربا على فنزويلا؟ بي بي سي تقصي الحق ...
- كأس العرب: الجزائر تبحث عن انطلاقة قوية أمام السودان الساعي ...
- -الحرب في السودان دلالة مأساوية على عجز الولايات المتحدة- - ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن عن فرقة متخصصة بالذكاء الاصطناعي.. ما ...
- أول اجتماع بين لبنان وإسرائيل منذ عام 1982.. هل ركبت بيروت ق ...
- تعطلت أكثر من 5300 رحلة مع أول عاصفة -نورإيستر- أمريكية بثلو ...
- الولايات المتحدة تُعلق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسن صالح الشنكالي - العدالة المؤجَّلة وإعادة إنتاج اللاثقة