أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن صالح الشنكالي - من الهروب من التطرف إلى إعادة إنتاجه في أوروبا














المزيد.....

من الهروب من التطرف إلى إعادة إنتاجه في أوروبا


حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي

(Hassan Saleh Murad)


الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 20:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقدمة
بين الحرية والاندماج في المجتمعات الأوروبية، تنشأ فجوة أحياناً يملأها التطرف، حتى بين أولئك الذين هربوا منه.

خلال زيارتي لصديقي المسلم في إحدى الدول الأوروبية، سألته عن أحوال الجالية، فكانت إجابته مثقلة بالقلق: “خطرنا الحقيقي بدأ من الأفكار المتطرفة هنا”. وأضاف أنه يعرف أشخاصاً لا علاقة لهم بالدين، أو كانوا معتدلين، لكنهم اليوم أصبحوا متشددين بفعل مساجد تدار من قبل جماعات متطرفة بحرية تامة، في حين أن هذا الفكر محظور في كثير من بلدان العرب والمسلمين. مفارقة صادمة: ما هرب منه الناس في أوطانهم، وجدوه ينتظرهم في بلدان اللجوء، لكن بلباس جديد وعناوين براقة.

مع مرور الوقت، نلاحظ ازدياد الكراهية بين الشعوب، إذ وجدت بعض الحركات الجهادية في أوروبا بيئة مفتوحة لتطوير نشاطها، والتأثير في عقول المهاجرين الذين فروا بأرواحهم من الحروب والتطرف. ومع تحسن ظروف معيشتهم، بدأ بعضهم يتحول فكريًا بفعل هذا النشاط المنظم، حتى أصبح الخوف حقيقياً من أن تُختطف عقول الأطفال في المدارس، وينحرفوا عن المسار الوسطي السلمي الذي جاءت به عائلاتهم.

التطرف اليومي واستعراض الدين
الخلل لا يقتصر على الفكر المؤدلج، بل يظهر أيضاً في ممارسات يومية تخدش صورة الدين قبل أن تخدش مشاعر المجتمع المضيف. صلاة استعراضية في الساحات العامة، أو قطع السير في الشوارع للتظاهر بالتدين، كأن الإيمان يحتاج إلى منصة وميكروفون ليثبت وجوده. هذه السلوكيات لا تعبر عن روح الدين، بقدر ما ترسل رسائل غير لائقة وتحول الفضاء العام إلى ساحة صراع رمزي.

الأمر الأخطر ما نشهده أحياناً من حملات ومظاهرات حاشدة ضد المسيحيين، أو دعوات علنية لاستخدام مكبرات الصوت لحث الآخرين على دخول الإسلام. هنا يفقد الخطاب معناه الأخلاقي، ويتحول من خطاب قييمي إلى استفزاز ثقافي. فالإيمان لا ينتشر بالضجيج، ولا يُزرع بالإكراه الرمزي، بل يُقنع بالقدوة والاحترام.

التطرف وخدمة الآخر
هذه الممارسات، مع الخطاب المتطرف، لا تسيء فقط لعلاقة المسلمين بالمجتمعات المضيفة، بل تقدم خدمة مجانية لتيارات اليمين المتطرف، التي تبحث عن أدلة لتأكيد دعايتها القائمة على الخوف والكراهية. وهكذا يتغذى التطرف والكراهية بين المهاجر ومواطني الدول المضيفة، ما يدفع الإنسان العادي الثمن، ويؤدي أحياناً إلى ترحيل المهاجرين أو عرقلة إجراءات الإقامة.

ولتقليل هذا الخطر، يجب على دول المهجر اتخاذ إجراءات حاسمة: حظر نشاطات التطرف، ومنع بث الكراهية، وسحب الإقامة من الذين لا يلتزمون بالقوانين، بما يحمي المجتمع من الانزلاق نحو صدام ثقافي وفكري مستمر.

الحادثة الإرهابية الأخيرة في أستراليا تكشف جوهر المسألة بوضوح مؤلم: المهاجم كان متطرفاً، بينما أوقفه وانتزع السلاح منه مسلم أيضاً. مشهد واحد يكفي لنسف سرديات كاملة، ويؤكد حقيقة بسيطة وعميقة: المنهج المتطرف هو الذي يقتل، وليس الدين.

الخاتمة: مواجهة الفكر قبل الإجراءات الأمنية
مواجهة هذا الخطر لا تبدأ بالاجراءات الأمنية وحدها، بل تبدأ بالفكر، وبمراجعة شجاعة للمناهج والخطابات والمؤسسات التي تشرعن التطرف أو تصمت عنه. الإسلام، كما غيره من الأديان، عاش قروناً في مجتمعات متعددة الأديان، لا بالاستعراض ولا بالفرض، بل بالأخلاق، والاحترام، وحسن التعايش.

وما لم ندرك أن حماية الدين تكون بتحريره من التطرف، لا بتكثيف مظاهره الصاخبة، فإن الخسارة لن تكون على حساب المجتمعات الأوروبية وحدها، بل على حساب المسلمين أنفسهم، وصورة دينهم، ومستقبل أبنائهم



##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)       Hassan_Saleh_Murad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة المؤجَّلة وإعادة إنتاج اللاثقة
- الإيمان كمسار داخلي: دراسة في وحدة التجربة الروحية بين الحلا ...
- العراق بين الصراع الأقليمي وصراعات الداخل
- لماذا لا يحدث التغيير في مدارسنا؟
- حرب الطقس… من القنبلة الذرية إلى التحكم بالمناخ كاداة نفوذ
- جلوس قادة الكُرد في دهوك: هل نحن مقبلون على خارطة جديدة؟
- عراق ما بعد الانتخابات: نتائج بلا أغلبية… ومشهد بلا بوصلة
- غياب المشروع الوطني… العراق بين وهم الوحدة وحقيقة الانقسام
- زهران عمدة نيويورك الجديد خليط متجانس
- هل رجل الدين لازال صمام أمان للمجتمع؟ وكيف تكون نظرته إلى ال ...
- الصدر مجددًا يعلن المقاطعة بين وهم المقاطعة وضرورة المعارضة
- الإيزيديون بين الدستور وواقع الإقصاء الانتخابي
- الانتخابات العراقيّة بين الشكوك والتوافق الإجباريّ
- تحولات الشرق الأوسط بين سقوط الأيديولوجيا وصعود الفرد
- بين الرموز والعبادة: قراءة في الإنسانية والدين في التراث الع ...
- العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية
- الدرس التاسع : كيف نفهم الدرس بسهولة
- الدرس العاشر: مستقبل التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي
- التعليم والاقتصاد… هدر الطاقات في وطنٍ حائر
- دروس في التربية / الدرس الثاني


المزيد.....




- مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية يقاضي حاكم فلوريدا لتصنيفه ...
- أمين دار الفتوى بأستراليا: الاعتدال هو السبيل لمواجهة التطرف ...
- مخطط التمكين.. جوهر عقيدة الإخوان في اختراق الدول
- الإخوان يشعلون التهديدات.. والكونغرس يحملهم أزمة السودان
- بعد 11 عاما…عودة طفل عراقي خطفه تنظيم ما يُعرف بالـ-دولة الإ ...
- ماذا فعل تنظيم الدولة الإسلامية في تدمر؟
- نزلها وثبتها حالًا .. تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد عل ...
- جرائم الاحتلال في غزة تزيد من الحوادث المناهضة لليهود في أست ...
- سوريا - تنظيم الدولة الإسلامية يضرب من جديد، هل تصبح محاربة ...
- الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم بونداي استلهما فكر تنظيم الدول ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن صالح الشنكالي - من الهروب من التطرف إلى إعادة إنتاجه في أوروبا