أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - العراق ..... حين يصبح السؤال عن الحاكم بلا جدوى














المزيد.....

العراق ..... حين يصبح السؤال عن الحاكم بلا جدوى


مالك الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يندهش اليوم من ترشيح سلام عادل لرئاسة الوزراء، كمن يفتح عينيه فجأة ليكتشف أن الماء مبلّل، وأن النار حارّة، وأن العراق صار مسرحًا عبثيًا يحكمه ممثلون ردّيئون، بينما الجمهور ــ نحن ــ يُطالَب بالتصفيق إجباريًا، ويُجلد بلا انقطاع باسم الصبر، وباسم المرحلة، وباسم الخطر القادم دائمًا من الغد
يا سادة، ترشيح سلام عادل نكتة؟ نعم
لكن السؤال الذي يتعمّد كثيرون الهروب منه هو: هل النكتة في الاسم، أم في البلد الذي تحوّل منذ أكثر من عشرين عامًا إلى نكتة كبرى، ثقيلة الظل، طويلة النفس، لا تنتهي؟ بلد لا يعرف أحد أين يبدأ جدّه وأين ينتهي هزله، دولة من ورق، مؤسسات من دخان، وسلطة تتبدّل وجوهها بينما يبقى الجوهر واحدًا: الفشل، ولكن بصيغ مختلفة
يُقال لك باستهجان مفتعل: “ترشيحه مهزلة
وكأنّ رؤساء الوزراء السابقين كانوا لآلئ الفكر السياسي، أو بناة دولة حديثة، أو حتى موظفين أكفاء في إدارة أزمة واحدة
فلنسأل بهدوء: ما هي شهاداتهم؟ ما هي مشاريعهم؟ ما هي رؤاهم الاستراتيجية؟ ما الذي تركوه غير الخطب، واللجان، والوعود المؤجلة؟
لا نرى إلا سيرة واحدة تتكرر بإصرار مرضي: نهبٌ يليه نهب، فسادٌ يولّد فسادًا، تبعيةٌ تتغذى على تبعية، ثم يخرج علينا رئيس وزراء جديد ليتلو خطاب الإصلاح ذاته، بينما كانت الدولة قد فقدت أسنانها وأعصابها وذاكرتها
وهنا يطفو السؤال الذي يبدو جريئًا في ظاهره، لكنه في العمق سؤال يائس، سؤال وُلد من رحم الانهيار
هل يمكن أن يصبح العراق أكثر تعاسة لو تولّاه سلام عادل؟
لنكن صريحين بلا تزويق لغوي
التعاسة العراقية لم تعد حالة قابلة للقياس أو المقارنة، بل صارت بنية قائمة بذاتها، قعرًا بلا قاع، حفرةً تُحفر كل يوم بأدوات جديدة، حتى إنّ الجحيم ــ لو أُتيح له الاختيار ــ لاحتار في إيجاد مكان أعمق.
فماذا سيهدم الرجل مما لم يُهدم؟
وأي مؤسسة سيخرّبها وقد تحوّلت معظم المؤسسات إلى هياكل خاوية؟
وأي خطيئة سياسية يمكن أن يرتكبها بعد أن صارت الخطايا سياسة عامة، تُمارَس في وضح النهار وبحماية القانون؟
بل إن حديثه عن “وزارة للفرح” ــ على بساطته وربما سذاجته ــ يبدو للمفارقة أكثر انسجامًا مع حاجة مجتمع مسحوق، من وزاراتنا التي أتقنت فنّ صناعة الكآبة، وتخصّصت في إدارة الجوع والعوز والقهر واليأس
نعم، وزارة للفرح! ما العيب في ذلك؟
أليس الفرح هو المورد الوحيد الذي عجزت الحكومات عن سرقته، لا لأنها تحترمه، بل لأنها لم تعرف يومًا كيف تُنتجه؟
ثم يظهر من يلوّح بورقة الاتهام الجاهزة: “الرجل طائفي.”
وكأنّ العراق، منذ 2003، عاش تحت حكم نخبة وطنية عابرة للطوائف، منزّهة عن الانتماءات الضيقة، محصّنة ضد الغريزة المذهبية
الطائفية في العراق ليست زلّة لسان ولا موقف فرد، بل هي بنية حكم، ونظام توزيع سلطة، ودستور غير مكتوب، وسلوك يومي
فلماذا تُحمَّل هذه الخطيئة لشخص واحد، بينما الجالسون على مقاعد السلطة منذ عقدين هم المعماريون الحقيقيون لهذا الخراب الطائفي؟
نعم، ترشيح سلام عادل نكتة
لكن النكتة الأشد مرارة هي العراق نفسه: عراق تُمنَح فيه المناصب بالولاء لا بالكفاءة، وبالطائفة لا بالمواطنة، وبحسابات الخارج لا بحساب مصالح الناس. عراق صار فيه الفشل خبرة، والعجز فضيلة، والنجاة الشخصية أعلى من فكرة الوطن
وإذا كان الوطن قد صار نكتة كبرى، فلماذا نستكثر أن يكون رئيس الوزراء مزحة جديدة؟
على الأقل، مزحة تعترف بأنها مزحة، لا مأساة تتنكّر في زيّ “الدولة”، ولا كارثة تُقدَّم على أنها “مرحلة انتقالية”
لذلك، فالسؤال الحقيقي ليس: هل يصلح سلام عادل؟
بل: هل بقي في هذا البلد ما يصلح أصلًا؟ وهل بقي لنا قاعٌ لم نبلغه بعد؟
وأخشى أن الإجابة الأصدق، والأقسى، هي
أنّ القاع… لم يعد قدرًا، بل صناعة يومية نُتقنها جميعًا، دولةً ومجتمعًا ونخبًا، بصمتٍ يوازي الجريمة



#مالك_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يستعيد العقل مكانته: تفكيك سلطة النص ومسارات النقد الدين ...
- من علي الوردي إلى قيس الخزعلي: حين يهاجم الوهمُ علمَ الاجتما ...
- العنف الشيعي والعنف السني: تشابهات عميقة خلف الانقسام المذهب ...
- عندما تتردد الدولة: قراءة في إلغاء قرار تجميد أموال حزب الله ...
- العراق بين الدولة والمحاور: خطوة جريئة قد تغيّر قواعد اللعبة
- كاظم الحائري، نظرية الكفاح المسلح، والانتظار المهدوي – قراءة ...
- لا يهم أن كنت فقيرًا في الدنيا… كيف تُستخدم اللغة الدينية لإ ...
- الحرب على الفرح في العراق: حين يتحوّل التحريم إلى مشروع سلطة
- «المسلم في أوروبا: قراءة في التوترات العميقة للاندماج»
- خطاب أحمد البشير: كيف تتحوّل السخرية إلى أداة لقراءة الواقع ...
- ظاهرة احمد البشير: كيف تحوّل الإعلام الساخر إلى قوة نقدية في ...
- الإعلام العراقي بعد 2003: كيف تغيّر المجال العام؟
- العراق 2025: تحليل نقدي لثبات المنظومة الحاكمة وحدود التغيير ...
- الجولاني في البيت الأبيض... نهاية زمن الشيطان وبداية زمن الت ...
- البرامج الحوارية السياسية في العراق: أزمة الخطاب الإعلامي وت ...
- حين تُصبح الجنة برنامجًا انتخابيًا: قراءة في تسييس المقدّس ب ...
- الانتخابات العراقية 2025: بين تديين السياسة وحدود الوعي المد ...
- الانتخابات العراقية 2025: بين فقر الوعي وثراء الشعارات
- ثورة تشرين 2019: خمسة ملايين دينار ثمن الشهيد
- مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني


المزيد.....




- ترامب: نتنياهو قد يزورني في مارالاغو.. والسيسي -صديقي- مرحب ...
- ماذا قالت أمريكا عن موافقة إسرائيل على صفقة الغاز لمصر؟
- ليلة مجنونة في لوسيل.. المغرب يخطف كأس العرب من الأردن في نه ...
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات على قاضيين إضافيين في الجنائية ...
- عشاء خاص ووثائق سفر..الديمقراطيون ينشرون مواد جديدة من أرشيف ...
- تأجيل توقيع الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور إلى شهر ي ...
- قمة بروكسل: امتحان صعب للقارة العجوز؟
- المايسترو التونسي محمد الأسود ضيف الساعة المغاربية على فرانس ...
- البرازيل والمكسيك تقترحان التوسط لحل دبلوماسي للأزمة بين أم ...
- الداخلية السعودية تعلن تنفيذ حكم القتل لمدان يمني بجرائم إره ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - العراق ..... حين يصبح السؤال عن الحاكم بلا جدوى