أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني














المزيد.....

مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني


مالك الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من ميشيغان إلى بغداد، يدخل مارك سافيا المشهد العراقي كمبعوث لترامب لا كدبلوماسي تقليدي، بل كرجل صفقات يحمل رائحة المال الأميركي وأجندة النفوذ الناعم. تعيينه يفتح الباب لملفات شديدة الحساسية: الوجود الأميركي، تغلغل إيران، واقتصاد يدار من وراء الستار. فهل جاء سافيا ليعيد رسم التوازن أم ليشعل صراعًا جديدًا بين واشنطن وطهران على أرض العراق؟
لم يكن تعيين مارك سافيا مبعوثًا خاصًا للولايات المتحدة إلى العراق مجرد خطوة دبلوماسية عابرة، بل رسالة سياسية مزدوجة من واشنطن إلى طهران وبغداد معًا. فالعراق، الغارق في أزماته البنيوية، يعيش اليوم لحظة غير طبيعية يتقاطع فيها النفوذ الإيراني مع الحضور الأميركي في لعبة توازن دقيقة تحكمها المصالح أكثر من المبادئ. سافيا، رجل الأعمال الأميركي من أصول عراقية، لم يأت من خلفية دبلوماسية، بل من عالم الشركات والمال وصناعة القنّب في ميشيغان، وهو ما يجعل وجوده في بغداد رمزًا لتحوّل السياسة الأميركية من الجيوش إلى الصفقات، ومن الاحتلال إلى النفوذ الناعم. غير أن هذا التحول لا يخلو من المخاطر، إذ يفتح ملفات شديدة الحساسية داخل العراق، تتعلق بنفوذ الميليشيات المرتبطة بإيران، ومستقبل القواعد الأميركية، ودور الشركات الأميركية في اقتصاد تسيطر عليه القوى الحزبية والمال السياسي. وفي ظل هذا المشهد، تبدو الفصائل المسلحة والحشد الشعبي في حالة صمت متوتر، فهي تدرك أن سافيا ليس مبعوثًا عاديًا، بل اختبار أميركي جديد لمدى قدرتها على التكيف مع معادلة نفوذ مختلفة، عنوانها الاقتصاد بدل السلاح، والاستثمار بدل العقيدة.
وُلد مارك سافيا في العراق وتنحدر عائلته من سهل نينوى، قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة حيث أسس شركة فيوتشر غرو سولوشنز المتخصصة في زراعة القنّب وتصنيعه بعد تشريعه في ولاية ميشيغان عام 2018، وسرعان ما توسعت أعماله لتشمل سلسلة متاجر ليف أند باد في ديترويت. وقد برز إعلاميًا بعد أن ربط اسمه بعلامة تجارية تحمل اسمه، ما أثار جدلًا سياسيًا وأخلاقيًا محليًا، لكنه في الوقت ذاته أثبت قدرته على الجمع بين الجرأة والبراغماتية، وهي صفات يجد فيها ترامب نفسه. في سبتمبر 2025، لعب سافيا دورًا حاسمًا في التوسط لإطلاق سراح الباحثة الروسية الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف من العراق، وهي حادثة جعلته محط اهتمام الأجهزة الأميركية، وبعد أسابيع قليلة عينه دونالد ترامب في 19 أكتوبر 2025 مبعوثًا خاصًا إلى العراق، في خطوة بدت مزيجًا من الواقعية السياسية والمغامرة المحسوبة.
تدرك واشنطن أن العراق لم يعد ساحة مواجهة عسكرية فحسب، بل مركزًا للتوازن بين الاقتصاد والسياسة والنفوذ الأمني. لذلك، فإن اختيار سافيا لم يكن لتجميل الصورة بل لفتح ملفات حساسة طال إغلاقها: شبكات النفوذ الإيراني داخل مؤسسات الدولة والفصائل المسلحة، الوجود العسكري الأميركي ومستقبل القواعد المشتركة، عمل الشركات الأميركية ودورها في الاقتصاد العراقي، والتأثير الإيراني على القرارات الاقتصادية والأمنية في بغداد. إنه انتقال من سياسة الاحتواء العسكري إلى إدارة الصراع بالأدوات الاقتصادية والاستخبارية الناعمة، عبر شخصيات تجمع بين الأصل المحلي والانتماء الأميركي. تراهن واشنطن على أن مزيج سافيا – المال، الأصل العراقي، والولاء لترامب – يمكن أن يمنحها نافذة جديدة للتأثير في الداخل العراقي دون الاصطدام المباشر مع القوى الموالية لإيران.
ورغم صمت الفصائل المسلحة والحشد الشعبي عن هذا التعيين، فإن هذا الصمت لا يعني القبول بقدر ما يعكس الاضطرار السياسي. فإيران وحلفاؤها في العراق يدركون أن اعتراضهم العلني على مبعوث ترامب قد يفسر كتصعيد في لحظة غير مواتية في ظل المفاوضات الجارية حول الملف النووي والعقوبات الاقتصادية. ولذلك فضلت هذه القوى التريث والمراقبة بدل المواجهة، منتظرة ما إذا كان سافيا سيعمل كقناة تفاهم أم كأداة ضغط جديدة. في المقابل، تنظر واشنطن إلى هذا الهدوء بحذر إيجابي، معتبرة أن غياب الرفض العلني يشكل إشارة استعداد ضمني للتعامل مع الأمر الواقع، خاصة إذا كانت مهمة المبعوث الأميركي محصورة بإعادة تفعيل الاتفاقات الاقتصادية والطاقة.
يمثل مارك سافيا نموذجًا جديدًا للدبلوماسية الأميركية، دبلوماسية تدار بالصفقات لا بالمبادئ، وبالمصالح لا بالتحالفات الثابتة. فهو ابن بيئة عراقية محافظة ورجل أعمال أميركي في آن واحد، يجسد التحول الذي تشهده السياسة الأميركية في الشرق الأوسط: الانتقال من الحرب إلى السوق، ومن القواعد العسكرية إلى النفوذ الاقتصادي. غير أن هذه المقاربة، وإن بدت واقعية في الشكل، تظل محفوفة بالمخاطر في المضمون، فالعراق ليس ساحة اقتصادية محايدة بل فضاء مشحون بالرموز الدينية والولاءات المتشابكة، حيث يتقاطع المال مع المقدّس والسلاح مع العقيدة. ولذلك، فإن مهمة مارك سافيا ستكون اختبارًا صعبًا: هل ينجح في فتح ملفات النفوذ الإيراني دون إشعال مواجهة جديدة؟ أم يصبح هو نفسه أحد أوراق الصراع المقبلة بين واشنطن وطهران؟

د. مالك الجبوري
باحث في علم الاجتماع السياسي
مقيم في فرنسا



#مالك_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاق إسرائيل وحماس: بين واقعية السياسة وحدود العدالة
- ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي
- سبايكر والانتخابات: حين يهين المالكي اما عراقية ويطلب من الش ...
- بين العشيرة والدولة: أزمة الهوية الوطنية في العراق المعاصر


المزيد.....




- عدد قياسي من المصابيح يُضاء احتفالًا بمهرجان ديوالي في الهند ...
- قرقاش يوضح معنى الضربة الإسرائيلية في قطر بالنسبة للإمارات و ...
- معبر رفح بعد الحرب.. فلسطينيون عالقون بين حلم العبور والتمسك ...
- واشنطن تضغط على إسرائيل وحماس لتفادي انهيار اتفاق غزة.. و-مه ...
- من بينها -داعش- وحماس ـ أموال ألمانية لدعم منظمات إرهابية!
- كل ساعة تأخير عن موعد نومك تزيد من نسبة الدهون في جسمك
- الإخبارية السورية: إنزال لقوات التحالف في دير الزور
- رئيس البيرو يعلن حالة الطوارئ للتصدي لأعمال العنف
- ترسانة المسيّرات الروسية.. من الإرث السوفياتي إلى المنظومة ا ...
- قتيلان بهجوم صاروخي على كييف وأوكرانيا تضرب مصنع كيميائيات ب ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني