أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي














المزيد.....

ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي


مالك الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعد جائزة نوبل للسلام إحدى أبرز الرموز الأخلاقية في النظام الدولي المعاصر، إذ تُمنح للأشخاص أو المؤسسات التي تسهم في ترسيخ قيم الحوار والتفاهم الإنساني، بعيدًا عن منطق القوة والمصالح الضيقة. وفي هذا الإطار، شكّل سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنيل الجائزة، ثم خسارته لها، حدثًا سياسيًا ذا دلالة تتجاوز الجانب الشخصي لتكشف عن أزمة عميقة في مفهوم القيادة لدى القوى الكبرى.
لقد سعى ترامب، منذ توليه السلطة، إلى بناء صورة الزعيم الذي يعيد تعريف العلاقات الدولية عبر ما سماه “صفقات السلام”. فكان من أبرز إنجازاته الدبلوماسية ما عُرف بـ“اتفاقيات أبراهام”، التي شملت تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. غير أن هذه المبادرات، على أهميتها الشكلية، افتقرت إلى البعد القيمي والإنساني الذي يُعد جوهر فكرة السلام. فقد تم تجاوز القضية الفلسطينية بوصفها لبّ الصراع العربي–الإسرائيلي، وتحويلها إلى ملفٍ إداري ثانوي، في حين تم توظيف “السلام” كمصطلح سياسي يخدم إعادة التموضع الأميركي في المنطقة.
وفي المقابل، أظهر ترامب تخبطًا استراتيجيًا واضحًا في الملفات الدولية الكبرى، إذ لم يقدّم رؤية متماسكة تجاه الحرب الأوكرانية–الروسية، بل تبنّى مواقف ضبابية تميل إلى تبرير السلوك الروسي، في تجاهلٍ لتداعيات العدوان على الأمن الأوروبي والنظام الدولي. كما تبنى طرحًا صادمًا تجاه القضية الفلسطينية من خلال تصورات اقتصادية بحتة، كفكرته بتحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” عبر مشاريع استثمارية مشروطة بإعادة التوطين، وهو ما يعكس اختزالًا للسلام في بعده التجاري لا السياسي أو الإنساني.
أما في تعامله مع الحلفاء الأوروبيين، فقد اتسمت سياسته بالنزعة الانعزالية وفرض القيود الجمركية والضغوط الاقتصادية، في سياق رؤية تعتبر التعاون الدولي شكلًا من أشكال الاستغلال لأميركا، لا شراكةً متبادلة. هذه المقاربة الشعبوية أضعفت الثقة داخل المنظومة الغربية، وأعادت تعريف مفهوم “التحالف” على أساس المصلحة الآنية لا الالتزام المبدئي.
إنّ فشل ترامب في الحصول على جائزة نوبل للسلام لا يرتبط برفضٍ سياسي أو مؤسسي له، بقدر ما يعكس عجزًا بنيويًا في رؤيته للسلام بوصفه قيمة إنسانية. فهو ينظر إلى السلام باعتباره منتجًا سياسيًا قابلًا للتسويق، لا عملية تاريخية معقدة تتطلب التزامًا أخلاقيًا واستمرارية في بناء الثقة. وبذلك، يمكن القول إنّ خسارته للجائزة مثّلت حكمًا رمزيًا على قصور خطابه العالمي وانحرافه عن المفهوم الفلسفي للسلام.
في المقابل، جاء منح الجائزة لعام 2025 إلى ماريا كورينا ماتشادو، المعارضة الفنزويلية التي قادت نضالًا سلميًا طويلًا من أجل الانتقال الديمقراطي ومقاومة القمع، ليعيد التذكير بمعنى الجائزة الأصلي: الاعتراف بالشجاعة المدنية والإيمان بقوة اللاعنف في مواجهة الأنظمة الشمولية.
إنّ فوز ماتشادو يجسّد المفارقة بين السلام كقيمة أخلاقية شمولية والسلام كأداة سياسية نفعية، ويؤكد أن الفعل الإنساني المخلص أكثر قدرة على إقناع التاريخ من أي استعراض إعلامي أو دبلوماسي.
ختامًا، يمكن النظر إلى خسارة ترامب لجائزة نوبل بوصفها حدثًا كاشفًا لتراجع البعد القيمي في السياسة الأميركية المعاصرة، ولتحول مفهوم الزعامة من مشروع بناءٍ جماعي إلى ممارسة فردانية تبحث عن المجد أكثر من المعنى.
وهنا تكمن المعضلة الأساسية في شخصيته السياسية: زعيم يسعى إلى تخليد صورته، لا إلى تخليد فكرة السلام.



#مالك_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبايكر والانتخابات: حين يهين المالكي اما عراقية ويطلب من الش ...
- بين العشيرة والدولة: أزمة الهوية الوطنية في العراق المعاصر


المزيد.....




- عائلة تنجو بأعجوبة من غرق قاربها لمدة 20 ساعة.. ماذا فعلت؟
- مصر.. عمر خيرت يطمئن جمهوره ويعلن عن حفله الأول بعد تعافيه
- فيديو مرعب لثعبان ضخم يسبح عبر مياه الفيضانات في تايلاند
- الفيضانات تهدد حياة سكان غزة.. إسرائيل تعلن إطلاق عملية عسكر ...
- من -مكافحة الإرهاب- إلى تغيير الجغرافيا: العملية الإسرائيلية ...
- ميرتس: أوروبا -ليست بيدقا- ولا اتفاق -بدون موافقة- أوكرانيا ...
- الاستبدادُ والإرادةُ والأخلاقُ
- ويتكوف سيزور موسكو للقاء بوتين بشأن خطة السلام الأمريكية لأو ...
- بالخريطة التفاعلية.. أبرز التطورات للعملية العسكرية الإسرائي ...
- ساعة جيب ذهبية لأحد ضحايا سفينة -تيتانيك- تُباع بسعر قياسي ف ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي