أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - ثورة تشرين 2019: خمسة ملايين دينار ثمن الشهيد














المزيد.....

ثورة تشرين 2019: خمسة ملايين دينار ثمن الشهيد


مالك الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعدّ انتفاضة تشرين 2019 واحدة من أكثر اللحظات السياسية عمقًا في تاريخ العراق الحديث، إذ مثّلت انفجارًا اجتماعيًا ضد منظومةٍ سياسيةٍ أنهكتها المحاصصة والفساد. لم تكن التظاهرات مجرّد احتجاجٍ على خدماتٍ متردّية، بل كانت تعبيرًا عن وعيٍ جديدٍ يرفض الوصاية الحزبية والطائفية، ويطالب باستعادة مفهوم الدولة والمواطنة.
تراكمت أسباب الانفجار الاجتماعي منذ سنوات، فقد فشلت الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 في بناء دولة قادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية أو توفير فرص العمل لأجيالٍ شابةٍ فقدت الثقة بالمؤسسات الرسمية. استشرى الفساد في مفاصل الدولة حتى تحوّل إلى ثقافةٍ سياسية، وتكرّس نظام المحاصصة الطائفية الذي قسّم السلطة والموارد على أساس الانتماء لا الكفاءة. تزامن ذلك مع تفاقم البطالة وانهيار البنى التحتية وغياب سيادة القانون واستمرار التدخلات الإقليمية في القرار الوطني، فكان الانفجار الشعبي حتميًا.
ما ميّز ثورة تشرين عن الحركات الاحتجاجية السابقة هو طابعها العفوي وقيادتها الشبابية غير المؤدلجة. خرج آلاف الشبان من بغداد والجنوب يهتفون بشعارٍ بسيط لكنه كثيف الدلالة: «نريد وطن». لم يكن وراءهم حزبٌ أو مرجعية، بل شعورٌ جمعي بالمهانة ورغبةٌ في استعادة الكرامة. تحوّلت الساحات إلى فضاءات مدنية مفتوحة عبّرت عن روحٍ عراقيةٍ جديدة تجاوزت الخطاب الطائفي وطرحت للمرة الأولى فكرة الهوية الوطنية الجامعة.
واجهت السلطة هذه الانتفاضة بعنفٍ غير مسبوق، فاستخدمت الرصاص الحيّ والغازات السامة ضد المتظاهرين السلميين. بلغ عدد الشهداء أكثر من 750، والجرحى نحو 15 ألفًا، معظمهم من الشباب العاطل عن العمل. ورغم وضوح الجرائم، لم تُكشف حتى اليوم هوية القتلة الحقيقيين، وتاهت الملفات بين لجان التحقيق الوهمية وصمت القضاء. وزادت مأساة الضحايا حين قدّمت الحكومة مشروع قانونٍ لتعويض عوائل الشهداء بمبالغ تتراوح بين مليوني وخمسة ملايين دينار فقط، قبل أن يرفض البرلمانال تمريره. كان المشهد أشبه بإهانةٍ وطنيةٍ جماعية، كأن الدولة تفاوض على سعر الدم، وكأنّ حياة الشاب العراقي لا تساوي أكثر من علبة إنسولين!
ورغم القمع والخذلان، لم تمت تشرين. لقد ولّدت هذه الانتفاضة وعيًا وطنيًا جديدًا يصعب محوه، ظهر في الأغاني والجداريات واللغة الجديدة التي تشكّلت في الساحات. تشرين لم تكن ثورة على نظامٍ فحسب، بل على ثقافة الخضوع واللامبالاة، إنها لحظة ميلادٍ رمزية لجيلٍ يريد دولةً مدنية عادلة لا تُدار بالولاءات ولا تُحكم بالعنف.
ستبقى ثورة تشرين علامةً فارقة في التاريخ العراقي الحديث لأنها كشفت عمق الأزمة البنيوية في النظام السياسي وعرّت عجز النخبة الحاكمة عن فهم معنى الكرامة الوطنية. وإذا كان الشهداء قد رحلوا، فإن رسالتهم ما زالت حيّة: أن الوطن ليس شعارًا في خطابٍ رسمي، بل عقدٌ أخلاقي بين الدولة ومواطنيها، وأن الدم الذي أريق في ساحات التحرير والحبوبي والصدرين لن يُقاس



#مالك_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني
- اتفاق إسرائيل وحماس: بين واقعية السياسة وحدود العدالة
- ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي
- سبايكر والانتخابات: حين يهين المالكي اما عراقية ويطلب من الش ...
- بين العشيرة والدولة: أزمة الهوية الوطنية في العراق المعاصر


المزيد.....




- شاهد كيف كرّم زعيم كوريا الشمالية قتلى جنوده الذين حاربوا إل ...
- فتح الأجواء الإفريقية.. فرصة استثمارية بمليارات الدولارات تت ...
- اجتماع دول -تحالف الراغبين- في لندن.. صواريخ بعيدة المدى لكي ...
- مقتل 25 شخصاً في حريق حافلة جنوب الهند إثر اصطدام دراجة ناري ...
- اعتقد السكان أنه مسلح فاستدعوا الشرطة.. إصابة جندي ألماني بع ...
- زوجة مروان البرغوثي تطلب من دونالد ترامب السعي لدى إسرائيل ل ...
- ماذا يعني فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة؟ ...
- أوروبا تقر حزمة جديدة من العقوبات على روسيا
- انقطاع خوادم -إيه دبليو إس- يؤثر سلبا على الأسرّة الفارهة ال ...
- تعرف على مسار التوتر المتصاعد بين أميركا وفنزويلا


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - ثورة تشرين 2019: خمسة ملايين دينار ثمن الشهيد