أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - ظاهرة احمد البشير: كيف تحوّل الإعلام الساخر إلى قوة نقدية في العراق؟














المزيد.....

ظاهرة احمد البشير: كيف تحوّل الإعلام الساخر إلى قوة نقدية في العراق؟


مالك الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 14:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد التحول الكبير الذي أصاب الإعلام العراقي بعد 2003، ومع اتساع المساحات الرقمية التي فتحت الباب أمام أصوات جديدة، ظهرت شخصية استطاعت أن تحتل موقعًا مميزًا وسط هذه الفوضى الإعلامية: أحمد البشير.
لم يعد البشير مجرد مقدم برنامج، ولا مجرد كوميدي يحاول الإضحاك، بل تحوّل إلى ظاهرة ثقافية وسياسية أثرت بشكل مباشر في المزاج العام، وغيّرت طريقة تفكير جزء واسع من الشباب العراقي.
تقوم تجربة أحمد البشير على أساس بسيط في شكله، عميق في جوهره: استخدام السخرية لتفكيك الواقع العراقي. فبينما يتحدث السياسيون بلغة ثقيلة مليئة بالشعارات، ويستخدم رجال الدين خطابًا قائمًا على الهيبة والسلطة الرمزية، يأتي البشير ليقول الأشياء نفسها، لكن بلغة خفيفة، مباشرة، تحاكي الشارع وتقترب من هموم الناس اليومية.
السخرية هنا ليست مجرد نكتة، بل وسيلة لإظهار التناقضات التي يحاول الخطاب الرسمي إخفاءها.
وحين يقول البشير كلامًا ساخرًا، فهو في الحقيقة يعبّر عن أسئلة عميقة تدور في ذهن المواطن العادي:
لماذا يتكرر الفساد؟
لماذا لا تخضع الأحزاب للمساءلة؟
لماذا لا يحاسب أحد المسؤولين؟
ولماذا يتحول الدين إلى وسيلة سياسية بدل أن يكون قيمة روحية؟
هذه الأسئلة، حين تُطرح بلغة ساخرة، تصبح أسهل في التفاعل، وأقوى في التأثير.
ولهذا السبب بالتحديد، كسب البشير جمهورًا واسعًا، خصوصًا من الشباب الذين وجدوا في برنامجه مساحة للتنفيس وللفهم في الوقت نفسه.
ما يميّز ظاهرة البشير أنه نجح في تحويل برنامجه إلى منصة وعي سياسي، رغم أنه لا يستخدم لغة أكاديمية أو مصطلحات معقدة. إنه يلتقط الأخبار كما هي، ويعيد صياغتها بلغة تهكمية تجعل القضايا الجدية تبدو أقرب وأكثر وضوحًا.
هذه القدرة على “التبسيط الواعي” هي ما جعلت البرنامج مختلفًا عن البرامج السياسية التقليدية.
فوق ذلك، استفاد البشير من قوة الفضاء الرقمي، حيث ينتشر مقطع ساخر في دقائق، ويصل إلى مئات الآلاف أو الملايين. وهكذا أصبح الجمهور نفسه جزءًا من عملية نشر الوعي، من خلال إعادة مشاركة المقاطع وتداول الأفكار، وهو ما منح البرنامج تأثيرًا لا تستطيع البرامج التلفزيونية التقليدية الوصول إليه.
ومن المهم الإشارة إلى أن ظاهرة البشير لم تكن عبثية أو معزولة، بل جاءت نتيجة تراجع ثقة الناس بالإعلام الرسمي.
فعندما يشعر المواطن بأن الإعلام التقليدي يبرر أخطاء الحكومة أو يغطي على فساد سياسي، يبحث عن بديل. هذا البديل أصبح في كثير من الأحيان إعلامًا شعبيًا ساخرًا، يجد فيه الناس ما لا يجدونه في القنوات الرسمية.
ومع مرور الوقت، أصبح أحمد البشير أكثر من مجرد مذيع أو كوميدي.
لقد صار صوتًا ناقدًا يتعامل معه الجمهور كمنصة سياسية، حتى لو لم يقدّم نفسه بهذا الشكل.
كما تحوّل برنامجه إلى مرآة تعكس الواقع العراقي بكل تناقضاته، وتكشف عن حجم الهوّة بين السلطة والمواطن.
ولأن السخرية تكسر الهيبة، فقد أثارت هذه الظاهرة استياء بعض القوى التقليدية.
فالسخرية تُضعف الخطاب الطائفي، وتحرج السياسي الذي يعتمد على الكاريزما لا على الإنجاز، وتكشف رجل الدين الذي يستعمل الدين لخدمة السياسة.
ومع ذلك، لم تستطع هذه القوى إيقاف تأثير البرنامج، لأن فضاء الإنترنت أصبح أقوى من أدوات السيطرة التقليدية.
إن ظاهرة أحمد البشير تعبّر في جوهرها عن مرحلة جديدة في العراق: مرحلة ينتقل فيها النقد من الهامش إلى المركز، ويتحول فيها المواطن إلى فاعل في تشكيل الخطاب العام، لا مجرد متلقٍّ سلبي.
وهي أيضًا إشارة إلى أن السخرية قد أصبحت واحدة من أهم لغات النقد في مجتمع يبحث عن الحقيقة خارج الخطابات الرسمية.



#مالك_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العراقي بعد 2003: كيف تغيّر المجال العام؟
- العراق 2025: تحليل نقدي لثبات المنظومة الحاكمة وحدود التغيير ...
- الجولاني في البيت الأبيض... نهاية زمن الشيطان وبداية زمن الت ...
- البرامج الحوارية السياسية في العراق: أزمة الخطاب الإعلامي وت ...
- حين تُصبح الجنة برنامجًا انتخابيًا: قراءة في تسييس المقدّس ب ...
- الانتخابات العراقية 2025: بين تديين السياسة وحدود الوعي المد ...
- الانتخابات العراقية 2025: بين فقر الوعي وثراء الشعارات
- ثورة تشرين 2019: خمسة ملايين دينار ثمن الشهيد
- مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني
- اتفاق إسرائيل وحماس: بين واقعية السياسة وحدود العدالة
- ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي
- سبايكر والانتخابات: حين يهين المالكي اما عراقية ويطلب من الش ...
- بين العشيرة والدولة: أزمة الهوية الوطنية في العراق المعاصر


المزيد.....




- دريسكول: الجيش الأمريكي مستعد لتحرك عسكري بشأن فنزويلا -إذا ...
- هويته الحقيقية لم تمنع احتجازه.. شاهد عملاء فيدراليين يعتقلو ...
- مصر تستضيف مبادرة الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار بعد النزاع ...
- قطعان الأغنام تعبر مدن ألمانية نحو مراعي الشتاء
- حكومة نتنياهو تقرر تشكيل لجنة غير رسمية للتحقيق بأحداث 7 أكت ...
- أعطوا سوريا فرصة.. الكونغرس الأميركي يراجع عقوبات قانون قيصر ...
- نتائج 30 سنة من البحث العلمي: العلاقات الناجحة تبدأ من الطفو ...
- خطاب حرب أم ضغط تفاوضي؟.. نتنياهو وزامير يرفعان نبرة التهديد ...
- إعلان جبل العرب.. محاولة لكسر الاحتكار السياسي في السويداء
- حماس تحذر من -وصاية بديلة- وتطالب بقرار أممي لحماية وقف إطلا ...


المزيد.....

- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - ظاهرة احمد البشير: كيف تحوّل الإعلام الساخر إلى قوة نقدية في العراق؟