أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - خطاب أحمد البشير: كيف تتحوّل السخرية إلى أداة لقراءة الواقع العراقي؟














المزيد.....

خطاب أحمد البشير: كيف تتحوّل السخرية إلى أداة لقراءة الواقع العراقي؟


مالك الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن قدّم المقال السابق «ظاهرة أحمد البشير: كيف تحوّل الإعلام الساخر إلى قوة نقدية في العراق؟» إطارًا عامًا لفهم صعود الإعلام الساخر ودوره في كشف تناقضات الخطاب السياسي، يأتي هذا النص بوصفه امتدادًا طبيعيًا لذلك التحليل، لكن بخطوة أعمق وأقرب إلى تفاصيل الخطاب نفسه. فبدل الاكتفاء بوصف الظاهرة، يحاول هذا المقال تفكيك الأسلوب الخطابي لأحمد البشير: كيف يبني نكاته؟ كيف يعيد ترتيب الأحداث؟ ولماذا يؤثر في الجمهور إلى هذا الحد؟
السؤال المركزي هنا هو
لماذا تحوّل برنامج ساخر إلى أداة فعّالة لقراءة الواقع السياسي في العراق؟
الجواب لا يكمن فقط في طبيعة البرنامج، بل في الأسلوب الذي يستخدمه البشير، وفي الطريقة التي يعيد بها ترتيب الأحداث داخل إطار فكاهي لكنه شديد الجدية في العمق.
أول ما يلفت النظر في خطاب البشير هو قدرته على التبسيط دون تسطيح
فالسياسة في العراق معقدة ومتشابكة، واللغة الرسمية غالبًا غامضة أو محمّلة بالشعارات. لكن البشير يأخذ الحدث السياسي، يفككه، يعرض تناقضاته، ثم يعيد تقديمه في شكل قصة مفهومة للجمهور
هذه القدرة على “ترجمة” الواقع هي التي جعلت برنامجه جسرًا بين تعقيدات السياسة وحياة المواطن العادي
ثانيًا، يعتمد البشير على المفارقة، وهي وضع حدث أو تصريح في سياق مختلف يكشف ما فيه من تناقض أو مبالغة
فحين يقول سياسي إنه يحارب الفساد، يعرض البشير تصريحًا سابقًا أو موقفًا يناقض كلامه، ويحوّل هذا التناقض إلى لحظة سخرية تكشف الحقيقة بطريقة أقوى من أي تقرير تقليدي
بهذا الأسلوب، تصبح السخرية أداة تحليليّة أكثر دقة من الخطابات السياسية ذاتها
ثالثًا، يستخدم البشير اللغة القريبة من الشارع
لا يتحدث بلغة نخبويّة، ولا يقدّم نفسه كخبير أو محاضر، بل كجزء من الجمهور
هذه “الألفة اللغوية” تجعل المشاهد يشعر أن البرنامج يمثّله، وأنه يطرح الأسئلة التي تدور في داخله، لكنه لم يجد المنصة التي يعبّر من خلالها.
رابعًا، يتعمد البشير استخدام الكوميديا السوداء عندما يتناول قضايا قاسية مثل الفساد، الطائفية، انعدام الخدمات، أو العنف السياسي
الكوميديا السوداء هنا ليست للسخرية من الألم، بل طريقة لتخفيف حدته ولإعادة تنظيمه في وعي الناس، بحيث يصبح قابلاً للنقد بدل أن يتحول إلى استسلام أو تطبيع مع الفوضى
خامسًا، يمنح البرنامج للجمهور دورًا فعالًا
فالمقاطع تنتشر بسرعة على الإنترنت، وتُعاد مشاركتها وتعليق الجمهور عليها
وبهذا يصبح الخطاب الساخر جزءًا من حوار جماعي لا تملكه سلطة ولا تفرضه جهة سياسية
إنها مساحات نقد حرة تتشكل في الفضاء الرقمي، يشارك فيها الشباب بشكل رئيسي، وتساهم في تشكيل وعي جديد أكثر استقلالية.
إن خطاب البشير لا يقوم على الضحك من أجل الضحك، بل على كشف ما لا يُقال في الإعلام التقليدي. إنه يضيء المناطق المعتمة حول النفوذ السياسي، ويعيد قراءة تصريحات السياسيين، ويقدّم واقعًا مكشوفًا من دون تزيين. وهذا ما يجعل تأثيره اجتماعيًا بقدر ما هو إعلامي
كما أن البرنامج تطور عبر السنين؛ فبعد أن كان فقرة ساخرة أسبوعية، أصبح منصة حوارية تستضيف شخصيات محلية ودولية، ما أضاف له بعدًا معرفيًا وجعل السخرية جزءًا من خطاب أوسع يتعلق بفهم الدولة، والمجتمع، والسلطة، وحقوق المواطن
في النهاية، يمكن القول إن خطاب أحمد البشير يمثل لحظة انتقال في الوعي العراقي
من مرحلة الخضوع للخطاب الرسمي، إلى مرحلة مساءلة هذا الخطاب عبر لغة جديدة أقرب إلى الناس وأكثر قدرة على كشف الحقيقة
فالسخرية ليست بديلاً عن التحليل السياسي، لكنها أصبحت بوابة واسعة لدخول الجمهور إلى عالم النقد والوعي، في بلد يحتاج فيه المواطن أكثر من أي وقت مضى إلى لغة تحميه من التضليل وتساعده على فهم واقعه



#مالك_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة احمد البشير: كيف تحوّل الإعلام الساخر إلى قوة نقدية في ...
- الإعلام العراقي بعد 2003: كيف تغيّر المجال العام؟
- العراق 2025: تحليل نقدي لثبات المنظومة الحاكمة وحدود التغيير ...
- الجولاني في البيت الأبيض... نهاية زمن الشيطان وبداية زمن الت ...
- البرامج الحوارية السياسية في العراق: أزمة الخطاب الإعلامي وت ...
- حين تُصبح الجنة برنامجًا انتخابيًا: قراءة في تسييس المقدّس ب ...
- الانتخابات العراقية 2025: بين تديين السياسة وحدود الوعي المد ...
- الانتخابات العراقية 2025: بين فقر الوعي وثراء الشعارات
- ثورة تشرين 2019: خمسة ملايين دينار ثمن الشهيد
- مارك سافيا في بغداد: مبعوث ترامب وملفات النفوذ الإيراني
- اتفاق إسرائيل وحماس: بين واقعية السياسة وحدود العدالة
- ترامب وجائزة نوبل للسلام: وهم الزعامة وتناقض الخطاب السياسي
- سبايكر والانتخابات: حين يهين المالكي اما عراقية ويطلب من الش ...
- بين العشيرة والدولة: أزمة الهوية الوطنية في العراق المعاصر


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المعتدى على أريانا غراندي في عرض -Wicked- ب ...
- مصر.. تامر حسني يخضع لعمل جراحي استأصل جزءًا من كليته
- الكويت.. الداخلية تعلن ضبط شبكة متورطة بستهيل استقدام عاملات ...
- الرئيس اللبناني: حزب الله بشقه العسكري انتهى.. ولاريجاني -اه ...
- مقاتلات تحلق وعزف موسيقي.. شاهد كيف استقبل ترامب ولي العهد ا ...
- لقاء ابن سلمان وترامب.. هل ستبيع أمريكا طائرات إف 35 للسعودي ...
- بعد دعوة السيسي.. مصر تبطل نتائج 19 دائرة انتخابية
- أحمد أبوزيد.. نصائح صانع المحتوى المصري للمبتدئين وما تعلمه ...
- ماذا يعني إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن الآن؟
- قائد الجيش اللبناني يلغي زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة.. ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالك الجبوري - خطاب أحمد البشير: كيف تتحوّل السخرية إلى أداة لقراءة الواقع العراقي؟