محمد حمد
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 21:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يعرف عالم السياسة شيئا اسمه الكرم الا في العراق. مع العلم أن السياسة ليست "مصيف" عشيرة يدعى إليه الضيوف بكل لطف وأدب. غير ان "ديمقراطية" العراق لها رأي واسلوب آخر. فقد نقلت وسائل إعلام محلية (عراقية) أن نوري المالكي, بائع المحابس سابقا، والذي تذكرني مهنته الاولى بأغنية عراقية قديمة (إذا لم تخنّي الذاكرة) تقول "اي والله يا بو محبس...لابس لك زبون اطلس.ا لخ" قام بترشيح شخصيات أخرى لمنصب رئاسة الحكومة وهو مرشّح أيضا. عجيب غريب امرك يا عراق !
وعندما سألوه عن هذا الأمر قال إنه (كرم) ثم اضاف، إن السودااني رئيس الحكومة الحالي والمرشح الاوفر حظا "رشح هو الآخر حيدر العبادي لرئاسة الحكومة". لكن السوداني لم يدخل "الكرم" في الموضوع. ولم "يتكرّم" على حيدر العبادي. والملاحظة الأخيرة من عندي.
ان نوري المالكي، الذي يبني علاقاته على أساس عاطفي وطائفي واحيانا عدواني، لا يريد أن يتولى محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة لولاية ثانية. والسبب بسيط جدا، وهو أن السوداني ليس طائفيا بما فيه الكفاية. وفيه الكثير من الاعتدال مقارنة بمنافسيه المحتملين. فالسوداني استطاع أن يبعد نفسه عن قيضة ايران قدر المسنطاع. وتقرّب أكثر من أمريكا (وهذا ما سيقوم به اي رئيس حكومة قادم). كما تمكّن السوداني من إرضاء أطراف ما كانت ترضى ابدا حتى لو حصلت على الرئاسات الثلاث دفعة واحدة. إضافة إلى هذا أن تحالف السوداني المسمى (الاعمار والتنمية) هو الكتلة الأكبر في البرلمان الاتحادي وفي (الإطار التنسيقي) ايضا. ولا توجد دولة في العالم تتجاهل حزبا أو تحالفا لديه أكثر من أربعين مقعدا في البرلمان. حتى لو أن العملية السياسية في العراق، كما كرّرنا عدة مرات، تبقى استثناءا وشذوذا عن بقية دول العالم.
أما ظاهرة المرشّح الذي يرشّح شخصا آخرا لنفس المنصب فيمكن تفسيرها بما يلي:
السوداني يقول لحيدر العبادي: (اذا كانت كفتي في انتخاب رئاسة الحكومة هي الراجحة فأنت تدعمني باصواتك. واذا كانت كفتك هي الراجحة فأنا ادعمك باصواتي. وهكذا نقطع الطريق على نوري المالكي) واظن أن بقية المرشّحين سيتبعون نفس المبدا والاسلوب.
وفي خضم الصراع الدائر حول كرسي رئاسة الحكومة لا يوجد شيء اسمه المواطن. فقد تمّ نفيه خارج الساحة بعد أن أدى واجبه في انتخابات "ديمقراطية" وفق المواصفات الامريكية. هدفها الأول هو الوصول إلى كرسي الرئاسة الوثير.
وبعد ذلك يا شعب العراق، لكلّ حادث حديث !
#محمد_حمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟