أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - ديمقراطية قومٍ عند قومٍ مصائبُ














المزيد.....

ديمقراطية قومٍ عند قومٍ مصائبُ


محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 21:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توجّه، يومي الاحد والاثنين، ملايين الإيطاليين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رؤساء بعض الأقاليم المهمّة. والاقاليم هنا تضم ملايين المواطنين. واللافت هو انك تشاهد الدعاية الانتخابية قبل بضعة أيام وليس قبل أشهر كما يحصل في العراق. والحوارات التي تتابعها وتسمعها في التلفزيون تدور جميعها حول البرامج والمشاريع والخطط، لا حول التسقيط والاساءة للخصم او المنافس السياسي وإظهار عيوبه غير "السياسية" والتشهير به.
وهنا احاول أن اصوّر لكم بالكلمات المشهد الانتخابي:
مدرسة ابتدائية كبيرة تتوسطها ساحة مخصّصة يوم الاقتراع لمركبات ذوي الاحتياجات الخاصة. والشوارع والأزقة المحيطة بالمدرسة خالية تماما من أي وجود " أمني" ومن اي نوع. وعندما دخلنا رأينا ثلاثة من رجال الدرك بزي عسكري عادي جدا. يقومون بمهمة ارشاد بعض كبار السن للوصول إلى الغرفة المخصّصة للاقتراع. لا أسلحة لديهم سوى الموبايل ومسدس، وهو سلاح "الخدمة" كما يسمّونه هنا.
وفي الممر الطويل توجد غرفتان على اليمين ومثلهما على الشمال. وكل غرفة تحمل الرقم الذي خصّص لك والمدوّن على بطاقتك الانتخابية. وبطبيعة الحال لدينا قسيمة أو بطاقة انتخابية تضم كامل المعلومات الشخصية. نستخدمها منذ عدة سنين. وقبل أن تخرج من مركز الاقتراع يضعون لك فيها ختم الانتخابات وتاريخ اليوم. وانتهى الأمر.
وقفتُ على باب الغرفة بكل الادب الذي تفرضه سنوات العمر الطويلة. اراقبُ ما هو موجود في الداخل. رايتُ ستة شباب جالسين خلف طأولة من الخشب مستطيلة الشكل وعادية جدا. وبعضهم أمامه سجلات كبيرة مفتوحة. لا أجهزة إلكترونية ولا حبر بنفسجي ولا تفتيش ولا أجهزة أخرى تكلّف الدولة ملايين الدولارات، كما هي الحال في العراق. نادى عليّ أحد الفتيان: "تفضّل". فتفضلت بالدخول وفي يدي البطاقة الوطنية (بطاقة الأحوال الشخصية) وقسيمة الانتخابات. ناولتهما إلى أحد الجالسين فألقى نظرة سريعة في السجل الكبير المفتوح أمامه. وسرعان ما وجد اسمي ولقبي. وفي ذات اللحظة سلّمتني فتاة أخرى بطاقة الاقتراع. وأشارت لي بيدها: "كابينة رقم ٢". وهنا أود أن اضيف (چم كلمة) حول البطاقة التي نضع فيها علامة ( x) للشخص أو الحزب الذي نختاره وننتخبه. صدقوني، انها ورقة بحجم صفحة الورق المستخدم في الطابعات المنزلية أو في الدوائر. يتم طيّها مرتين أو اكثر فتصبح بحجم اليد. والورقة الانتخابية تكاد تكون نفسها في جميع الانتخابات، من حيث اللون والحجم. وما يتغيّر فيها هو ما في داخلها فقط. وعندما تفتحها وانت في الكابينة المخصصة لك تشاهد عمودين أو ثلاثة تضم أسماء ورموز الأحزاب المشاركة. ولاحظت باعتباري مخضرم هنا أنه حتى الكابينات الثلاث تكاد تكون نفسها. وبدت عليها عوامل الزمن ظاهرة للعيان رغم ضعف نظري ! وضعت علامة أكس (x) على الحزب الذي اصوّت له دائما (وهو دائما من الأحزاب الخاسرة !) ثم توجهت إلى طاولة الفتيان
الجالسين بهدوء وأدب. والشيء الملفت هنا، وربما يكون (زبدة كلامي) هو الصندوق الكبير الذي نضع فيه بطافة التصويت. يا ناس يا عالم يا بشر. صدقوني، أنه صندوق من الكارتون السميك فقط ! يتوسط الطاولة وخلفه تقف فتاة تتابعك بنظرها وانت تضع بطاقتك في الصندوق الكارتوني. ثم تسلّمك بطاقتك الوطنية وقسيمة الانتخابات التي سوف تستخدمها في الانتخابات القادمة. وعندما تخرج من المركز الانتخابي يودعونك ب "نهارك سعيد". أما رجال الدرك الثلاثة فيكتفون بتوديعك بابتسامة بسيطة.
توقفت لبضع دقائق كي اضع بطاقتي الوطنية في محفظة النقود، فلاحظت أن رجال الدرك مازالوا منهمكين في ارشاد وتوجيه بعض كبار السن. واشير هنا إلى أن الوقت كان قبل منتصف النهار. ولهذا تجد حضور كبار السن هو الغالب.
ليس هذا كل شيء: أُغلقتْ صناديق الاقتراع الساعة الثالثة عصرا يوم الاثنين. صدقوني، بعد عشر دقائق فقط بدأت النتائج الأولية تظهر تدريجيا على شاشة التلفزيون الحكومي. وفي ظرف ساعة واحدة عرفنا من هو الفائز ومن هو الخاسر.
لا وجود من اي نوع لما يسمى ب "المفوضية العليا للانتخابات". ولا وجود لثلاثين مكروفون أمام الناطق الرسمي باسمها. ولا وجود لطعون وشكاوي بالمئات او اعتراضات من قبل البعض. ولا وجود لمراقبين دوليين أو محليين. لان وجودهم يعتبر تدخل في شؤون الدولة وتشكيك في نزاهة مؤسساتها الدستورية. والأهم من كل هذا هو توفير ملايين الدولارات. لكون الانتخابات عملية طبيعية وثقافة ديمقراطية وممارسة "عادية" لا تتطلب هدر أموال طائلة لشراء أجهزة ومعدات وبرامج جديدة. ولا تجييش الجيش والقوى الأمنية وإغلاق الشوراع كما يجري في "ديمقراطية" العراق. والفرق هو ان العراق يحاول بكل السبل أن يثبت للعالم أن النظام "ديمقراطي" ونزيه. أما في أوروبا فليسوا بحاجة لإثبات اي شيء. فالعملية الانتخابية وممارستها تشكل جزءا من الثقافة السياسية لكل مواطن.
وسيصبح العراق بلدا ديمقراطيا فقط إذا توفرت فيه صفات وميزات الاننخالات التي تجري في البلدان التي تؤمن قولا وفعلا بالديمقراطية وتكافؤ الفرص والالتزام بالدستور والقوانين النافذة. ولا تروّج أو تبالغ في إظهار ديمقراطيتها المشكوك فيها اصلا من أجل كسب رضا أطراف خارجية...



#محمد_حمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراحل التطور الديمقراطي: اطار تنسيقي وإخر تسويقي وثالث موسيق ...
- خبر عاجل: ظهور ديناصور سياسي في العراق !
- خياران لا ثالث لهما: بين كرامة مفقودة وحليف غير مضمون
- ثلاثة كراسي رئاسية في المزاد العلني
- اوكرانيا...النهاية كانت واضحة منذ البداية
- نتنياهو: اليوم في جنوب سوريا وغدا في سوق الحميدية !
- تجمعنا كرة القدم وتفرّقنا كرة السياسة !
- حكومة تصريف الأعمال تحت رحمة القيل والقال
- تشكيل الحكومة العراقية: جيب ليل واخذ عتابة !
- ملامح المرحلة المقبلة في العراق: دشداشة وعقال وربطة عنق
- أوروبا وأوكرانيا: سارق يمنح أموال غيره لسارق آخر!
- السوداني سوّد بعض الوجوه القديمة
- إنتخابات العراق: فاز باللّذات من كان جسور !
- مقتدى الصدر ونظرية خالف تُعرف
- عرس كلّچية والعروس كاولية !
- ما هكذا تورد الإبل يا ابن خضراء الدمن !
- نتائج الانتخابات سوف تصطدم بجدار التفاهمات وتسقط ارضا !
- انتخبوا كعراقيين لا كطوائف واعراق وقبائل متناحرة
- العراق: مطلوب رئيس حكومة بمقبولية دولية ولا مبالاة شعبية
- اذا ابتسمت نيويورك أصيبت تل أبيب بالصدمة


المزيد.....




- وزير خارجية لبنان يرد على تصريح مستشار خامنئي: -سيادتنا أهم ...
- إسرائيل تكشف -سرّها الأكبر- في المواجهة الأخيرة: كيف تعقّبت ...
- تقرير يُنذر بـ-مرحلة سوداء- في لبنان: ضربات إسرائيلية قد تقع ...
- الصراع الإسلامي-المدني وتداعياته على الحريات والمشهد السياسي ...
- انقلاب جديد في إفريقيا ... ضباط يستولون على السلطة في غينيا ...
- تنزانيا تلغي احتفالات الاستقلال وسط دعوات للتظاهر
- -مرسيدس بنز- تهدي عشاقها سيارة رياضية قادمة من المستقبل
- نواب ديمقراطيون يتهمون ترامب باستخدام -إف بي آي- لترهيبهم
- موقع استقصائي يكشف دور شركات النقل الأميركية في تمويل آلة ال ...
- فرك الوجه بقشور الموز.. هل يعادل تأثير حقن البوتوكس؟


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - ديمقراطية قومٍ عند قومٍ مصائبُ