أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - كيف فقدنا زهرة البيلسان…؟ تساؤلات على رصيف الغياب!














المزيد.....

كيف فقدنا زهرة البيلسان…؟ تساؤلات على رصيف الغياب!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 07:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


في صباحٍ باهتٍ لم يكن مختلفاً عن غيره، استيقظت المدينة على خبرٍ لم تعرف كيف تحتمله. سؤالٌ واحدٌ كان يرفرف في هواء النهار كأوراقٍ مذعورة: كيف فقدنا زهرة البيلسان؟
وكيف استطاع القدر أن يمدّ يده في غفلةٍ منّا، فيخطفها دون مقدمات، دون أن يمنحنا حتى تلك اللحظة الصغيرة التي تتّسع لوداعٍ أخير؟

لا أحد يملك إجابة.
ولا أحد يعرف كيف تُختصر حياةٌ كاملة في جملة: “رحلت فجأة”.

في زحمة الأيام التي تتقاطع فيها الوجوه ولا تلتفت، مرّ الرحيل
1 ديسمبر2024
كنسمةٍ باردةٍ على نافذةٍ تُغلق ببطء. كل شيء كان يمضي كما لو أن العالم لم يخسر شيئاً، لكن الحقيقة أن الفراغ الذي خلّفته البيلسان أكبر من أن يراه المارّة. فراغٌ يسكن القلوب لا الشوارع، ويتمدّد في الذاكرة لا في الممرات.

نقف اليوم أمام السؤال ذاته، نكرّره وكأن تكراره قد يخفّف وطأته:
كيف اختفت زهرة البيلسان… على حين غِرّة؟
كيف تمكن الرحيل من التسلّل بهذا الصمت، وبهذه الخفّة التي تشبه خفّة جناحِ طائرٍ يغادر نافذةً لم يُغلقها أحد؟

نحاول أن نلملم تفاصيل الأيام الأخيرة، نفتّش في الكلمات التي قيلت وتلك التي تأجّلت، في الابتسامات العابرة التي لم نفهم أنها كانت تلوّح للمرّة الأخيرة. نحاول، دون جدوى، أن نرتّب الفوضى التي تتركها الخسارة حين تقع كحجرٍ ثقيل في مياه الروح.

أكثر ما يؤلم ليس الغياب نفسه…
بل ذلك الإحساس بأننا لم نكن مستعدّين له.
لم نحمل قلوبنا بما يكفي من الحذر، ولم نُدرك أنّ القدر لا يستأذن. يفتح بابه فجأة، ويغلقه فجأة، ويتركنا معلّقين بين سؤال وآخر.

وفي غمرة هذا الحزن، تتزاحم التساؤلات:
هل كان بالإمكان أن نتشبّث بها أكثر؟
هل لمحَت في عيوننا رغبة البقاء؟
هل شعرت بأن غيابها سيترك فينا كل هذا الخراب؟
أم أن الرحيل كان قد كُتِب منذ زمن، ولم نكن نحن سوى شهودٍ متأخرين على ما تمّ تقريره في الخفاء؟

الواقع أن زهرة البيلسان لم تكن مجرد شخصٍ نعرفه؛ كانت دفءَ الصباحات، ونسمة العطر التي تمرّ في الطريق فتبدّل مزاج اليوم كله. كانت تلك المساحة الصغيرة من الطمأنينة التي لا ننتبه لقيمتها إلا حين تُنتزع منّا فجأة، كما تُنتزع صفحةٌ من كتابٍ لم نكمل قراءته.

ومع ذلك نعرف رغم الأسى أن الذكرى هي آخر ما يرحل.
وأن البيلسان، مهما مضى الوقت، ستظلّ عطرها معلّقاً في الهواء، تظلّ غصناً أخضر في ذاكرةٍ تُصرّ على الاحتفاظ بما تبقّى.

ربما نحن في نهاية المطاف، أبناءُ الغياب.
نتعلّق بمن نحبّ، ثم نتعلّم مرةً بعد مرة أن نتركهم يمضون.
لكننا لا نتوقف عن السؤال الذي يشبه نبرة بكاءٍ خافتة:
لماذا يرحل الذين نحبّهم… دائماً دون وداع؟

في صمت الغياب ووجع الرحيل، نرسل تحيةً إلى جميع الشهيدات اللواتي تركن أثراً لا يُمحى في القلوب، وعلّمنّا معنى الشجاعة والحب والتضحية، حتى في أصعب اللحظات.

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة تصرخ… والعرب والمسلمون يغرقون في صمت العار!
- القيادة التي لا تمثل أحداً: لماذا حان وقت الثورة على مؤسسات ...
- حين يجمعُنا الدَّهرُ صُدفةً… لِيُفرِّقنا الفراقُ إلى الأَبد!
- غزة… صلاةٌ فوق الركام وحياةٌ لا تنطفئ!
- انهيارات في جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر: سقوط الأسطورة أمام ال ...
- سماح إدريس… ذاكرة لقاء، ومرارة الغياب
- وفاء بهاني: ابنة الشهيد التي حوّلت الإعلام إلى معركة فلسطين
- صرخة لم تُدفن: ماذا يعني أن تكون نزار بنات؟
- حوار الطرشان في فلسطين… وغزة وحدها تقول الحقيقة!
- جورج حبش… سيرةُ قائدٍ عصاميٍّ في زمنٍ يزدحمُ بالمُرتزقةِ!
- فلسطين.. حين يعلو الشعب على الرايات!
- ياسر عرفات... القائد الذي خانته البنادق التي صنعها!
- حينَ يبكِي التُّرابُ: مرثِيّةُ وطنٍ أَثقلتهُ الحُرُوبُ وتخلّ ...
- في غزة... هزيمةٌ مُذلّةٌ للمجتمع الدولي وحقوق الإنسان!
- غزة… وسام الحياة في زمن الخذلان!
- حين يُصبحُ الوطنُ قبراً
- كلّما عاهدوا عهداً... نبذه فريقٌ منهم!
- غزّة والفاشر.. وجهان لمأساةٍ واحدة!
- الخائن يُستَخدم ثم يُرمى: تأملات في زمن الانكسار الفلسطيني!
- غزة.. مرآة الكرامة في زمن التصفيق!


المزيد.....




- ترامب يؤكد تعليق قرارات اللجوء لفترة طويلة
- تجنيد الحريديم يزيد الضغط على بنيامين نتانياهو
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أكثر من 40 مسلحا فلسطينيا في عملي ...
- ترامب يتحدث عن فرصة لاتفاق روسي أوكراني عقب محادثات فلوريدا ...
- حماس: أي قوات دولية في غزة يجب ألا تحل محل الاحتلال
- تفاؤل إزاء محادثات فلوريدا بشأن الحرب الأوكرانية الروسية
- ترامب يكشف عن مكالمة مع رئيس فنزويلا ويوضح ما قصده بغلق مجال ...
- مفاوضات فلوريدا.. تفاؤل بإنهاء حرب أوكرانيا رغم الخلافات
- وزير خارجية بولندا: نرغب في إنهاء عادل للحرب وبحدود آمنة لأو ...
- مواجهات في جنين والاحتلال يقتحم مناطق عدة بالضفة والقدس


المزيد.....

- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - كيف فقدنا زهرة البيلسان…؟ تساؤلات على رصيف الغياب!