أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حينَ يبكِي التُّرابُ: مرثِيّةُ وطنٍ أَثقلتهُ الحُرُوبُ وتخلَّى عنهُ العالمُ!














المزيد.....

حينَ يبكِي التُّرابُ: مرثِيّةُ وطنٍ أَثقلتهُ الحُرُوبُ وتخلَّى عنهُ العالمُ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 17:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


في ليالٍ مثقلةٍ بالدخان، حين تصمت المآذن ويغفو الضوء مذعوراً خلف الغيوم، تبكي الأرض.
تبكي كأمٍّ أنهكها الألم، وكطفلٍ لم يعرف من الدنيا إلّا الخوف.
هناك بين الركام، تنام الحكايات التي لم تكتمل، والأحلام التي وُئدت قبل أن تتنفس، والأسماء التي رحلت ولم يُنادِها أحد.
في كل زاويةٍ حجرٌ يبكي، وفي كل بيتٍ ظلٌّ يبحث عن صاحبه.

إلى من ظنّ أنّ المال يُخلِّد، وأنّ الدم إذا سُفك بعيداً لا يعود إليه بعارِه...
إلى الدول التي تحكّمت برقابنا، وأشعلت الحروب في أرضنا، واعتقدت أنّ النار لن تحرق أصابعها...

أنتم من دعمتم القتلة، وسلّحتم المحتلين، وموّلتم الانقلابات، وهندسـتم الخراب.
أردتم الشرق رماداً، والغرب واحة أمنٍ ورفاهٍ.
لكن دماء الأطفال لا تجفّ دون وعدٍ بالثأر،
والوطن لا ينسى من باعه، مهما طال الغياب.

لقد مزّقتم خرائطنا، وهدمتم مدننا، وقسّمتم ظهور شعوبنا…
بأيديكم، وبأموالكم، وبسياساتكم العمياء، صنعتم هذا الجحيم.
فلا تتوهّموا أنكم ستنجون من نيرانه، فالدخان لا يعرف الحدود، والدم لا ينسى طريق العودة.

واعلموا…
أنّ للعدل ميقاتاً، وللحقّ ساعة، وأنّ الله لا ينسى، ولا يترك المظلوم وحيداً.

وحين تحين ساعة الحساب، لن تبكي عليكم أمم، بل ستُزَفّ نهايتكم زفّاً، وترتفع الزغاريد فوق أنقاض طغيانكم،
ويُقال: هذا يوم القصاص.

اللهم أرِنا فيهم يوماً كيوم عادٍ وثمود،
واجعلهم لعنةً تُروى في كتب التاريخ،
وسُحقاً لمن ظنّ أنّ الله غافلٌ عمّا يفعل الظالمون.

غزّة، الفاشر… اسمان حفرا وجهي المأساة على خريطةٍ واحدة، وإن فرّق بينهما البحر والصحراء.
في الأولى، أطفالٌ ينامون على أصوات القصف، وفي الثانية، أرواحٌ تَهيم على وجع النزوح.
كلاهما ينزف بصمتٍ متشابه، كأنّ الحزن توأمٌ يتقاسم الهواء بينهما.

تُروى هذه الكلمات كأنّها صلاةٌ باكية، لا تُقال بصوتٍ عالٍ بل تُهمَس في صدر الأرض.
هي ليست بياناً سياسيّاً، ولا خطاباً غاضباً، بل نواحُ إنسانٍ يرى مدينتين تُقتلان كلّ يوم، ويعجز أن يفعل سوى أن يكتب.

في الشاشات وجوهٌ يكسوها الغبار، وأعينٌ تبحث عن ملامحٍ اختفت تحت الركام.
هناك طفلٌ في غزّة ينادي أباه فلا يسمعه أحد، وامرأةٌ في الفاشر تمسح عن وجه صغيرها رماد النار، وتهمس: "اصبر... لم يبقَ إلّا الله."

أيها العالم، هل تسمع صوت التراب حين يبكي؟
هل ترى المدن حين تنطفئ، والأحلام حين تذوب في العراء؟
الحزن لم يعد خبراً، صار هواءً نتنفسه، وملحاً في عيونٍ لم تعرف سوى الدمع.

لكن في هذا الظلام، يظلّ شيءٌ لا يُطفأ: ذاكرة الشعوب.
ذاكرةٌ تحفظ وجوه الضحايا كآياتٍ لا تُمحى، وتروي قصصهم في كل بيتٍ، في كل مساءٍ، في كل قلبٍ لم ينسَ معنى الوطن.
ذاكرةٌ تقول: إنّ العدل، وإن تأخّر، آتٍ لا محالة، وأنّ من أشعل النار، سيذوق رمادها ولو بعد حين.

لسنا نكتب لنُجدّد الجرح، بل لنحفظ أسماء الذين رحلوا من النسيان، ولنُذكّر العالم أنّ وراء كل رقمٍ حياة، ووراء كل شهيدٍ قصة، ووراء كل دمعةٍ وطن.
وفي النهاية، لا نملك إلّا الدعاء:
اللهم ارحم من سقطوا، وداوِ من عاشوا، وأزِل عن أرضنا هذا الليل الطويل.

غزّة، الفاشر، وكلّ أرضٍ سُلبت منها البسمة، أنتم في القلب، والوجع لكم، والذكرى لكم، والعدالة وعدٌ لا يموت.

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في غزة... هزيمةٌ مُذلّةٌ للمجتمع الدولي وحقوق الإنسان!
- غزة… وسام الحياة في زمن الخذلان!
- حين يُصبحُ الوطنُ قبراً
- كلّما عاهدوا عهداً... نبذه فريقٌ منهم!
- غزّة والفاشر.. وجهان لمأساةٍ واحدة!
- الخائن يُستَخدم ثم يُرمى: تأملات في زمن الانكسار الفلسطيني!
- غزة.. مرآة الكرامة في زمن التصفيق!
- غزّة... من قصف البيوت إلى قصف الحقيقة!
- المحررون خلف الأبواب المغلقة: خذلانٌ عربيّ يلاحق الأسرى بعد ...
- الشجاعة في غزة.. حين يصبح الخوف رفيقاً لا يفارق!
- الذين خانُوا غزّة... سقطُوا من ذاكرة الوطن!
- عبّود بطاح: الوجه الحيّ للمقاومة بعد حنظلة!
- لم تنتهِ الحكاية بعد.. غداً تطير العصافير يا غزة!
- غزّة... آخِرُ ما تبقّى من شرفِ الأُمّةِ!
- غزّة... حين تسقط الأقنعة!
- غزة تصرخ… وصمت الأخوة يقتلها!
- غزة… الجرح الذي يفضح إنسانيتنا!
- غزة لم تنكسر!
- غزة… المدينة التي نامت على رمادها وحدها!
- غزة… عنوان الصبر وشمس الكرامة


المزيد.....




- روسيا تُعلن عن أسلحة نووية جديدة يمكن لبعضها إحداث -تسونامي ...
- قاطعت مؤتمره وكادوا يبعدونها.. مشرّعة ديمقراطية وجهًا لوجه م ...
- رغم تجدد المطالبات الأممية بإطلاق سراحه .. استمرار حبس أشرف ...
- البرلمان الألماني يرفع الحصانة عن نائب آخر من حزب البديل
- إعصار كالمايغي يجتاح الفلبين.. لم يبق لدينا منزل ولا مكان نن ...
- مدينة أثينا تواجه خطر العطش بسبب تراجع منسوب مياه بحيرة مورن ...
- بيان: قوات الدعم السريع السودانية توافق على خطة أمريكية لوقف ...
- قمر عملاق يتجلى في سماء العديد من البلدان
- غارات إسرائيلية على جنوب لبنان وحزب الله يرفض التفاوض ويؤكد ...
- -فرسان غزة-.. فريق شبابي يضيء الطريق بالإبداع والعمل التطوعي ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حينَ يبكِي التُّرابُ: مرثِيّةُ وطنٍ أَثقلتهُ الحُرُوبُ وتخلَّى عنهُ العالمُ!