محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 00:52
المحور:
القضية الفلسطينية
في غزة لا ينام الليل كما ينبغي، ولا تشرق الشمس إلا وهي مبللة بالدمع. كل فجرٍ هناك ينهض مثقلاً بأصوات القصف، برائحة الركام، وبحنينٍ قديمٍ إلى حياةٍ كانت تُعاش ببساطةٍ وطمأنينةٍ قبل أن يتحوّل الأفق إلى رماد.
غزة اليوم ليست مجرد مدينةٍ محاصرة؛ إنها جرحٌ مفتوحٌ على مرأى العالم، يئنّ ولا يُسمَع، ينزف ولا يُضمّد. الأطفال الذين كانوا يركضون خلف الطائرات الورقية، صاروا يركضون الآن من بين الأنقاض، يحملون دمىً مكسورة وقلوباً أثقل من أعمارهم.
في غزة تتداخل رائحة الخبز برائحة البارود، والبحر هناك يبدو حزيناً، كأنه فقد قدرته على الغناء. الأمّهات يفتحن نوافذ البيوت المهدّمة كل صباحٍ على أمل أن يعود الغائبون، على أمل أن يسمعن صوتاً من بعيد يقول: “لقد عدتُ يا أمي.” لكنّ الصدى وحده يجيب.
كل حجرٍ في شوارع غزة يحفظ اسماً، كل زاويةٍ تعرف قصةَ وداعٍ لم يُكتب له اللقاء. ومع ذلك، وسط هذا الرماد، تولد الحياة بطريقةٍ تشبه المعجزة؛ طفلٌ يبتسم، عجوزٌ تصلّي، شابٌّ يزرع وردةً في شقّ جدارٍ مهدّم. كأنّهم يقولون: نحن هنا، لم ننتهِ بعد، والحكاية لم تُغلق صفحتها الأخيرة.
ربما تُهزم المدينة جسدياً، لكنّها لا تنكسر. فغزة التي تنام على الحطام، تستيقظ على الأمل. وغداً حين يهدأ الريح، ستطير العصافير من جديد، تحمل في أجنحتها رسالةَ شعبٍ لم يعرف إلا الصمود، ولم يختر سوى الحياة، رغم كل ما حوله من موت.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟