أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غريتا... ضميرٌ يبحر نحو غزة حين خذلها العالم!














المزيد.....

غريتا... ضميرٌ يبحر نحو غزة حين خذلها العالم!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 00:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ غابت فيه الأصوات الحُرّة، وتلعثمت الحناجر العربية بين الخوف والمصالح، خرج صوتٌ من أقصى شمال الأرض، من بلاد الثلج والرفاه، يحمل دفءَ إنسانيةٍ لم تعد تُرى إلا نادراً.
إنها غريتا ثونبرغ، الناشطة البيئية السويدية الشابة، التي آثرت أن تترك بيوت الفنّ والثراء، لتُبحر نحو شواطئ غزة، تحمل على كتفيها علماً لا يخصّ جنسها ولا دينها، بل يخصّ الإنسان وحده.

تمَّ احتجازها في سجن النقب بعد أن تمَّ اختطافها من المياه الإقليمية، إثر رحلةٍ بحريةٍ حاولت من خلالها كسر الحصار المفروض على القطاع. عاملوها بقسوة، وحرموها من الطعام، وتُركت في زنزانةٍ قذرةٍ، لأنها ببساطة رفضت أن تصمت، ورفضت أن توقّع على تعهّدٍ بعدم العودة إلى البحر.

لكن خلف هذا المشهد القاسي، يولد مشهدٌ آخر من الفخر. فهذه الفتاة التي لم تعرف غزة إلا عبر الأخبار والصور، آمنت أن الإنسانية لا تُحدّدها الجغرافيا ولا اللغة، وأن الصمت في وجه الظلم جريمة.

هي لا تحمل سلاحاً، ولا تنتمي إلى حزب، لكنها تحمل قلباً أقوى من الجيوش، ضميراً يجلد العالم بصمته، وصوتاً يُذكّر بأن في الأرض ما زال من يقف حين ينحني الآخرون.

من السويد إلى شواطئ المتوسط، حملت غريتا رسالتها: أن البيئة لا تُفصل عن الإنسان، وأن العدالة لا تكتمل إن غاب عنها صوت المظلوم. وعندما أعلنت تضامنها مع غزة، ونددت بجرائم الاحتلال، شنّ عليها الإعلام الغربي حملات تشويه، واتهموها بالتطرّف والانحياز، لكنها لم تتراجع.
قالت يوماً: «حين تصمت الإنسانية أمام المجازر، يصبح الصمت جريمة.»

ذلك الموقف الصغير في ظاهره، العظيم في أثره، أعاد التذكير بأن الشجاعة ليست في القوة، بل في الموقف، وأن الحرية لا تحتاج سلاحاً، بل تحتاج قلباً لا يعرف الخوف.

في عالمٍ عربيٍ مثخنٍ بالصمت الرسمي، تخرج فتاةٌ من السويد لتقول ما عجزت عنه منابرنا: إن غزة ليست رقماً في نشرة الأخبار، بل جرحٌ مفتوح في ضمير البشرية.
وفي وقتٍ انشغل فيه كثيرون بالمجاملات السياسية، خرجت هي لتقول: «سأذهب بنفسي.» فذهبت... ودفعت الثمن.

إنها صورة تُحرجنا جميعاً. فحين تتقدّم فتاةٌ في الثانية والعشرين لتدافع عن أطفالٍ لا تعرف أسماءهم، بينما تتراجع شعوبٌ بأكملها عن كلمة الحق، علينا أن نسأل: من بقي إنساناً في هذا العالم؟

قد يُسجن الجسد، لكن الفكرة لا تُسجن. وإن حُوصرت غريتا في زنزانة، فإن صورتها اليوم تعبر المحيطات، وتعيد إلى الوعي العالمي معنى التضامن الإنساني الحقيقي.
إن ما فعلته لم يكن بدافع الدين ولا السياسة، بل بدافع الفطرة: تلك التي خنقها الخوف في صدور كثيرين، وأيقظتها في قلب فتاةٍ واحدة.

التاريخ لا ينسى، سيسجّل أن فتاةً من الشمال البعيد وقفت يوماً إلى جانب شعبٍ محاصرٍ في الجنوب.
سيسجّل أنها اختارت الكرامة على القصور، والحق على الراحة، والحرية على الصمت.

أما نحن — أبناء هذه الأرض — فربما حان الوقت لنسأل أنفسنا:
هل سنبقى شهوداً صامتين بينما الغرباء يدافعون عنّا؟
أم سنعيد لأنفسنا صوتنا وضميرنا الذي ضاع بين الخوف واللامبالاة؟
لأن التضامن مع غزة ليس موقفاً سياسياً...
بل اختبارٌ لإنسانيتنا جميعاً.

■ بطاقة تعريفية:

الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ (Greta Thunberg) تُعَدّ واحدةً من أبرز الوجوه في مجال حماية البيئة ومكافحة تغيّر المناخ في العالم.

● الاسم الكامل: غريتا تينتين إلين إيرمان ثونبرغ (Greta Tintin Eleonora Ernman Thunberg)
● الجنسية: سويدية
● تاريخ الميلاد: 3 يناير 2003
● مكان الميلاد: ستوكهولم، السويد

■ بدايتها ونشاطها

في عام 2018، عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، بدأت غريتا إضراباً مدرسياً من أجل المناخ، إذ جلست أمام البرلمان السويدي مطالِبةً حكومتها باتخاذ إجراءات جديّة ضدّ التغيّر المناخي.
كانت تحمل لافتة كُتب عليها: "إضراب مدرسي من أجل المناخ" (Skolstrejk för klimatet).

تحوّلت هذه المبادرة الصغيرة إلى حركة عالمية عُرفت باسم "Fridays for Future" (أيام الجمعة من أجل المستقبل)، شارك فيها ملايين الطلاب حول العالم.

■ إنجازاتها وتأثيرها

▪︎ألهمت جيلاً جديداً من الشباب للمطالبة بالعدالة البيئية.

▪︎ألقت خطابات مؤثرة في مؤتمرات دولية، أبرزها قمة العمل المناخي للأمم المتحدة عام 2019، حيث قالت عبارتها الشهيرة:

"كيف تجرؤون!" (How dare you!)

▪︎رُشّحت لجائزة نوبل للسلام عدة مرات.

▪︎اختيرت شخصية العام 2019 من قبل مجلة Time.

■مواقفها

تنتقد غريتا بشدّة ما تصفه بـ"الكلام الفارغ" من قادة العالم، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل خفض انبعاثات الكربون فوراً ووقف الاعتماد على الوقود الأحفوري.
كما ترفض السفر بالطائرة، مفضّلةً استخدام القطارات أو القوارب في تنقّلاتها الطويلة.

*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميّات من القلب... حين يتحوّل الألم إلى إبداع!
- أبواب أغلقتها الأيام!
- تحيّة من فلسطين إلى اليمن!
- غزة... عنوان الصمود وضمير الأمة!
- غزة وجائزة نوبل للسلام… من يستحقها حقاً؟
- غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!
- يا لعارنا.. ويا لعزّة غزة!
- غزة… الحزن الذي يصنع تاريخاً!
- غزة بين خذلان الإخوة وشهامة غوستافو بيترو!
- غزة.. مرآة الإنسانية!
- يكفيكم شرفاً… يا أبطال أسطول الصمود!
- سجّل يا تاريخ: غزة لم تُخذل من البحر بل من البرّ!
- غزة بين وصايتين: من كلوب باشا إلى توني بلير!
- العصفور والسمكة.. حين يصبح الحب مستحيلاً!
- إلى غزة… وإلى الشهيد الذي لم يخذلها!
- فلسطين… قضيّةٌ عادلةٌ بِأيدٍ فاسدةٍ!
- نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ وال ...
- نزار بنات ويوسف نصّار... حكايات لا تنتهي!
- علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الك ...
- ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!


المزيد.....




- واشنطن تبشر الرهائن بالعودة.. وحماس: الإفراج عن 48 رهينة يوم ...
- اشتباكات عنيفة بين باكستان وأفغانستان بعد غارات جوية مزعومة ...
- نظام جديد لدخول الاتحاد الأوروبي.. تعرف على التفاصيل
- الجزيرة تحصل على وثيقة تفصيلية بالخطوات التنفيذية لخطة ترامب ...
- رويترز: وفاة 3 دبلوماسيين قطريين في حادث بشرم الشيخ
- لماذا تريد مصر إضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف الحرب في غزة؟ ...
- قيادي بحماس: سنرد على أي عدوان إسرائيلي إذا استؤنفت الحرب
- مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في عدة مناطق بالضفة
- شاهد.. أسباب الريمونتادا الإماراتية على عُمان
- مستقبل مظلم في أميركا وإسرائيل


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غريتا... ضميرٌ يبحر نحو غزة حين خذلها العالم!