محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 16:48
المحور:
القضية الفلسطينية
قد يحدث أن يقع القلب في غرام ما لا يستطيع الوصول إليه، أن ينجذب العصفور إلى السمكة كما لو أنّ بينهما لغة سرية لا تُفكّ شيفرتها، لكن المشكلة ليست في الحب ذاته، فالحب في جوهره براءة واندفاع نحو الضوء، بل في السؤال الموجع: أين يسكنان؟
في حضن الماء، حيث تختنق أجنحة العصفور؟
أم تحت جناح السماء، حيث تتلاشى أنفاس السمكة؟
هنا يولد التناقض القاتل الذي يفتت الأرواح. فالعاشقان قد يجتمعان في الحلم، لكن الواقع يرفض أن يمنحهما أرضاً مشتركة. فيتأرجحان بين طيران يائس وغرق صامت، كما لو أن القدر يسخر من محاولاتهما الطفولية للنجاة.
كل قصة حب مستحيلة تحمل في داخلها مرارة السؤال:
هل نترك من نحب كي نحيا؟
أم نحاول العيش معه خارج حدود الطبيعة، فننطفئ معاً؟
العصفور قد يغامر بالنزول إلى البحر، يرفرف بجناحيه وهو يظن أن الحب أقوى من الماء، لكنه سرعان ما ينكسر وينطفئ. والسمكة قد تحاول أن تقفز خارج مائها، تتنفس لحظة حرية في الهواء، لكنها تسقط مختنقة على اليابسة.
وهكذا يتكرر المشهد في حياة البشر: قلوب تنجذب إلى من لا يمكنها العيش معهم، أرواح تبحث عن دفء لا يلائم بيئتها، فتنتهي الحكايات بالخذلان، لا لغياب الحب، بل لأن الكون نفسه لم يمنح تلك القلوب وطناً مشتركاً.
إنها مآسي العاشقين، حين يُحكَم عليهم بالاختيار بين وجع الفراق ووجع الفناء. وفي النهاية، يبقى السؤال معلّقاً بين السماء والبحر:
هل كان الحب خطيئة؟
أم أن الخطيئة الحقيقية هي أن نُحب ما لا يمكن أن يكون لنا؟
[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟