أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية انتزاع الحرية من سجن شطّة 1956!














المزيد.....

فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية انتزاع الحرية من سجن شطّة 1956!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 18:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


في أروقة الأسر والسجون، حيث يلتقي الألم بالعزيمة، يعيش الإنسان بين جدران باردة لا تعرف الرحمة، ومعاناة لا تنتهي.
هناك، خلف قضبان سجن شطّة في خمسينيات القرن الماضي، عاش سبعة أسرى فلسطينيين أياماً قاسية محفوفة بالخطر، يواجهون الحرمان والاعتداءات بصمت يختلط فيه الألم بالأمل. وبينهم برز اسم فايز خليفة جمعة (أبو مديرس)، الذي تحوّلت حياته إلى قصة من الصبر والتحدّي، ورمز للشجاعة التي تُختبر في أصعب اللحظات، حين يصبح الثمن الحقيقي للحرية كل ما نملك من قلب وإرادة.

في أواخر عام 1956، شهدت فلسطين المحتلة واحدة من أجرأ محطات النضال ضدّ الاحتلال، حين أقدم سبعة أسرى فلسطينيين على مواجهة سجّانيهم في سجن شطّة الواقع في شمال الأغوار، ضمن عملية انتزاع الحرية التي أصبحت لاحقاً رمزاً للشجاعة والإصرار.

كان سجن شطّة في خمسينيات القرن الماضي أحد أبرز السجون التي أقامها الاحتلال في المناطق الشمالية من فلسطين، وكان يضمّ أسرى سياسيين فلسطينيين، ويُطبَّق فيه نظامٌ قاسٍ يهدف إلى كسر إرادتهم. فالحبس الانفرادي، ونقص الغذاء، والاعتداءات الجسدية كانت جزءاً من الحياة اليومية للأسرى. ومع ذلك، لم تهتز عزائمهم، بل صقلت الظروف قلوبهم لتصبح أكثر قوة وصلابة.

تفاصيل العملية البطولية:

خاض سبعة أبطال مواجهة مباشرة مع سجّانيهم، وأظهروا عنفواناً غير مسبوق. وتمكّنوا من انتزاع سلاح أحد الجنود، فاندلعت مواجهة انتهت بمقتل 11 جندياً من قوات الاحتلال. ولم يكتفِ الأبطال بذلك، بل استولوا على بعض الأسلحة الرشاشة، وتوجّهوا نحو الأراضي الأردنية، كاسرين القيود وجدران السجن، وموصلين رسالة واضحة: الحرية تُنتزع بالإرادة والجرأة.

وفي قلب هذه الملحمة يبرز اسم فايز خليفة جمعة (أبو مديرس)، ابن السابعة والعشرين، المنتمي إلى عشيرة عرب السّمنيّة في قضاء عكا شمال فلسطين.

كان فايز خليفة جمعة (أبو مديرس) نموذجاً للشجاعة والرجولة، قائداً لا يعرف الخوف، مؤمناً بأن الحرية تستحق كل مخاطرة وكل تضحية.

بعد نجاح عملية الهروب من السجن، استقرّ فايز خليفة جمعة (أبو مديرس) في الأردن مدة أربعة أشهر، ثم انتقل إلى سوريا، قبل أن يستقرّ في جنوب لبنان، في مخيمات مدينة صور، حيث عاش في تجمع الشبريحا شمال المدينة أسوأ أيام حياته. هناك فقد زوجته ثنيّة غَنّام، ثم خسر ابنه الوحيد مديرس خلال حرب المخيمات (6-12-1986)، وعاش حياة صعبة وقاسية، ظلّ وحيداً في مواجهة الواقع المؤلم حتى وافته المنية.
لم تكن عملية سجن شطّة مجرد محاولة فرار، بل كانت ملحمة بطولية عكست إرادة الفلسطينيين في تحدّي الاحتلال وكسر القيود.
جسّدت هذه المحاولة الصبر والقوة والعنفوان والرجولة، وأكدت أن الاعتقال لم يكن نهاية الطريق، بل بداية لمعركة جديدة ضدّ الاحتلال. واليوم، يظلّ اسم فايز خليفة جمعة ورفاقه رمزاً للبطولة، ونموذجاً للشجاعة التي صنعت تاريخ النضال الفلسطيني.

خلال إعداد كتابي عشائر قضاء عكا، الذي صدر عن دار بيسان في بيروت عام 2016، كان فايز خليفة جمعة (أبو مديرس) من أهم الأشخاص الذين ساعدوني للتعرف على طبيعة قضاء عكا الجغرافية. لا أبالغ إذا قلت إنه كان يعرفها بكل تفاصيلها كما يعرف اسمه، فقد قضى أياماً طويلة يعيش في وديانها وبين أشجارها، هارباً من مطاردة قوات الاحتلال البريطاني ومن مطاردة قوات الاحتلال الصهيوني، فكانت معرفته للأرض معرفة حياتية عميقة لا يملكها سوى من عاشها.
ورغم كل ما قدّمه من تضحيات، بقي وحيداً بعدما خذلته الثورة الفلسطينية التي قاتل معها، ليقضي أيامه الأخيرة في عزلة وحزن عميق، شاهداً على قسوة الواقع بعد عمرٍ من النضال.

[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.

المصادر:

▪︎فايز خليفة جمعة (أبو مديرس). مقابلة شخصية، الشبريحا – جنوب لبنان، 2001.

▪︎فايز خليفة جمعة (أبو مديرس). مقابلة، 18 آذار/مارس 2004. مجموعة النكبة. محفوظات الجامعة الأميركية في بيروت.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة
- نزار بنات... حين قال -لا- ونام في تراب الوطن!
- أنس الشريف ومحمد قريقع… حين يكتب الشهداء وصية الحقيقة ويفضحو ...
- في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!
- مليارات تُصرف على الحروب... ماذا لو صُرفت على الحياة؟
- في زمن الهوان... حين تئنّ الأمة ويشرق الأمل!
- حينَ كان الذِّئبُ وفيّاً... وخذلنا البشرُ!
- حينَ بَكى الذِّئبُ... ونامَ الإِنسانُ!
- غزة: حين تصمُتُ الإنسانيّةُ وتتكلمُ المجازر!
- زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!
- أمير… طفلُ غزّة الذي مشى إِلى العدس فقتلتهُ رصاصةٌ: وصمةُ عا ...
- وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!
- أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!
- رحيل زياد الرحباني: صمت البيانو.. وانطفأ الضوء في المسرح!
- أحمد مرعي ناصر... شاعر الأرض الذي حملتهُ الرّياحُ إِلى سعسع!
- جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!


المزيد.....




- مصر: فيديو ما فعله رجل بزوجته وأهلها والداخلية تكشف تفاصيل
- لماذا تستهدف إسرائيل الأبراج السكنية في مدينة غزة؟
- غزة: -التهجير القسري- وخطوط مصر الحمراء
- لبنان: نائب عن حزب الله يؤكد تمسك التنظيم الشيعي بالسلاح وعد ...
- رشيد عبد الحميد:-الشعب الغزي شعب جبّار..يتألم، لكنه ينهض ويو ...
- فرق إزالة المتفجرات والألغام تواصل عملها في الخرطوم
- فتاة تنال شهادة البكالوريا الفرنسية في سن التاسعة
- 23 دقيقة من التصفيق.. ترقب لتتويج -صوت هند رجب- بمهرجان البن ...
- ما سر هذا الدعم الشرس من مودي وأمثاله لنتنياهو؟
- تونس تشيع -قتيل مرسيليا- وغضب وحزن يعم البلاد


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية انتزاع الحرية من سجن شطّة 1956!