أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!














المزيد.....

زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


في قلب السيّدة فيروز، مساحةٌ لا تُشبِهُ إلا زياد.
هو ابنُها، رفيقُها، ملجؤُها الفنّي والروحي، ووجعُها القديمُ المتجدّد.
كان صوتُه يسبقُ عمره، وكانت كلماتُه مثل عينيه، تقولُ كلَّ شيءٍ وتُخفي كلَّ شيء.

تزوّجت فيروز من الموسيقار عاصي الرحباني عام 1955، وأنجبت أربعة أبناءٍ، لكلٍّ منهم حكايةٌ مختلفة، تنسجُ خيوطاً من الألم، والعُزلة، والوفاء العميق:

زياد الرحباني (1956 – 2025)، الابنُ البكر، الموسيقيُّ العبقري، والابنُ الأقربُ إلى روحها؛

هلي الرحباني (1958 – )، الذي يُعاني من إعاقةٍ جسديّة، ويعيشُ بعيداً عن الأضواء؛

ليال الرحباني (1960 – 1988)، التي خطفها الموتُ باكراً، فتركت في القلب غصّةً لا تندمل؛

ريما الرحباني (1965 – )، الكاتبةُ والمخرجة، التي تُرافقُ والدتها في سنواتها الأخيرة.

في السابعة عشرة من عمره، وبينما كان أقرانُه يتلمّسون دروب الحياة، تلقّى زياد ضربة العمر:
أُصيب والدُه، عاصي الرحباني، بنزيفٍ حادٍّ في الدماغ.

تلك اللحظة لم تُغيّر فقط مجرى العائلة، بل غيّرت زياد نفسه.
فيروز، التي لطالما وقفت شامخةً على المسرح، خرجت يومها لتُكمل البروفات،
لكنّها عندما رأت كرسيَّ عاصي فارغاً، انهارت بصمت.
لم تقُل شيئاً، بل تركت للوجع أن يتسلّل إلى صوتها، وللدمعِ أن يُحاصر عينيها.

فجأةً، جاء زياد... الشابُّ اليافع، الحاملُ إرثاً فنّياً وجرحاً شخصيّاً.
جلس في عتمة الألم، وكتب ولحّن أغنيةً أصبحت علامةً في تاريخ الموسيقى العربيّة:

"سألوني الناس عنك يا حبيبي
قلتلهم راجع، أوعى تلوموني
غمّضت عيوني، خوفي الناس يشوفوك
مخبّى بعيوني..."

لم تكن تلك مجرّد تجربة تلحينٍ أولى، بل كانت صيحة ابنٍ موجوع، يقول لأمّه:
"أنا هنا، وسأحمل عنكِ بعضاً من الغياب."

مرّت السنوات، وكبر زياد.
أصبح ملحّناً وموسيقياً ومؤلفاً يهابه الكبارُ ويُحبّه البسطاء.
لكن، رغم الشهرة، بقي طفل فيروز.
بقي ذاك الحنون، الساخر، الحزين، الذي يكتب عن القهر والحبّ والوحدة، كأنّه يكتب سيرته.

رحل زياد عن عمرٍ ناهز 69 عاماً، ورحلت معه حكاياتٌ كثيرة لم تُكتب،
وضحكاتٌ كان يُخفي بها حزنه، وألحانٌ كان ينثرها كالدمع على مفارق الذاكرة.

وها هي فيروز اليوم، بعد أن ودّعت رفيق دربها عاصي، ودفنت ابنتها ليال،
ها هي تودّع زياد... ابنها، صديقها، ظلَّها ومرآتها.
هي التي غنّت:

"بيعزّ عليّ غنّي يا حبيبي... لأول مرة ما منكون سوا..."

تقولها اليوم من دون صوت، ومن دون جمهور، ولكن بدمعٍ لا يُرى.

زياد لم يكن مجرّد ابنٍ لفيروز،
كان قطعةً من روحها،
ورحيلُه لم يُكسِرها فقط،
بل أطفأ في عينيها آخر ما تبقّى من الحياة.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمير… طفلُ غزّة الذي مشى إِلى العدس فقتلتهُ رصاصةٌ: وصمةُ عا ...
- وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!
- أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!
- رحيل زياد الرحباني: صمت البيانو.. وانطفأ الضوء في المسرح!
- أحمد مرعي ناصر... شاعر الأرض الذي حملتهُ الرّياحُ إِلى سعسع!
- جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!
- غزة... مرثيةُ أمةٍ فقدت شرفها!
- الطفلة شام تسأل عن الطعام في الجنة، وغزة تموت جوعاً!
- نداء عاجل إلى العشائر العربية المتجهة إلى السويداء!
- بين الترفيع والترقيع: المشهد الفلسطيني في لبنان تحت المجهر
- الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!
- بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة
- غريبٌ بين النجوم
- إِصلاحٌ أم انتقامٌ؟ قراءةٌ في تحرُّكاتِ -القيادةِ الفلسطينيّ ...
- ما بين -الشجرة- وغزة... أنشودة الدم التي لا تموت!
- غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!
- غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!
- غزة... وحيدة في ليل الخذلان!
- غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!


المزيد.....




- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!