أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!














المزيد.....

غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 16:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زاروبٍ من زواريب مخيّم عين الحلوة، التقى الفن بالكلمة، والتقت الريشة بالثورة.
في الجنوب المحاصر بالحكايات والحنين، التقى غسّان كنفاني بالفنّان الشاب ناجي العلي، ولم يكن يدري أن ما جمعه القدر في تلك اللحظة العابرة، سيصبح لاحقاً جزءاً خالداً من ذاكرة فلسطين.

نشر غسّان كنفاني عن ناجي العلي أول مقالة حملت عنوان: "ينتظر أن نأتي"، في العدد 88 من مجلة "الحرية" التي كانت تصدر عن حركة القوميين العرب، بتاريخ 25 أيلول 1961.
لم تكن مجرّد كلمات، بل كانت إشراقة أولى لفنّان سيُلهب الضمير العربي، وينحت وجع المخيم على جدران العالم.
غسّان لم يكتب عن ناجي فحسب، بل عرّف به أمّةً بأكملها، ونشر له أربع رسومات.
من بين تلك الرسومات برزت "رسمة الخيمة" الشهيرة، التي لم تُنشر بعد ذلك في أي مطبوعة، بل بقيت طيّ الكتمان لعقود، حتى ظهرت لأوّل مرة في كتاب "ناجي العلي: من أجل هذا قتلوني" لمؤلفه محمود عبد الله كلّم، الصادر عن دار بيسان – بيروت، عام 2001.
تلك الخيمة لم تكن مجرّد رسم، بل شهادة ميلاد للحقيقة، ومأوى لذاكرة اللاجئين، وصورة صامتة تصرخ بالحق والكرامة.

لكن حين نكتب عن غسّان كنفاني وناجي العلي، فنحن لا نكتب عن الموتى.
إننا نكتب عن الحياة التي قاتلت لأجلنا وماتت لأجل أن نعيش أحراراً.
نكتب عن القامات التي لم تنحنِ يوماً، عن الشهداء الذين لم يغادرونا، بل سكنوا فينا... صاروا في القلب، وفي الوعي، وفي الموقف.

غسّان لم يكن كاتباً فقط، بل كان طلقة من نوعٍ آخر.
كانت كلمته بندقيته، وكان دمه صرخة للثوار.
وحين اغتيل في الحازمية يوم 8 تموز عام 1972، لم يُرِد جسده أن يسقط وحده، بل أسقط معهم قناع الخوف، ورفع فينا راية العزيمة.
دمه الذي تناثر على الإسفلت، لم يكن دماً عابراً، بل كان بدايةً جديدة لحكاية لم تنتهِ، ولن تنتهي.

أما ناجي العلي، فكان رسّام المخيّم، واللاجئ الذي لم تغادره الخيمة.
في كل خطٍ من ريشته، وجعٌ وفكرة، وفي كل شخصيةٍ رسمها، مرآةٌ لوطنٍ مصلوبٍ على جدار النسيان.
اغتيل ناجي العلي، بعد غسّان كنفاني بسنوات، وكأنّ القاتل ذاته ظلّ يطارد الضوء في عيوننا.

فمن أرادوا تغييبهم عن المشهد، صنعوا لهم مشهداً خالداً لا يموت.
ومن حاولوا كتم أصواتهم، جعلوها أكثر حضوراً فينا.

في حضرة الشهداء، لا نملك إلّا أن ننحني، لا من انكسار، بل من فخرٍ لا يُحتمل.
هم لم يكونوا مجرّد أرقامٍ تُضاف إلى قوائم الموت، بل كانوا عناوين الكرامة، وعَصَب الوعي، وذخيرة الذاكرة.
لقد سُفكت دماء غسّان وناجي، كما سُفكت دماء آلاف الشهداء، لا لتذبل الحياة، بل لتورق فينا العزّة والكرامة.

في كل قطرة دمٍ سالت، صفعةٌ على وجه الاحتلال، ووصيّة بأننا لا ننسى، ولا نستكين، ولا نُهزم.

نُغلق هذا المقال، لكننا لا نغلق الحديث عن غسّان، ولا عن ناجي، ولا عن كلّ من مشى على دربهم.
هم وصيّتنا، وهم رسالتنا، أن نكتب كما كتبوا: بالدم، أن نرسم كما رسموا: بالألم، وأن نحيا كما عاشوا: بالكرامة.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!
- غزة... وحيدة في ليل الخذلان!
- غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!
- غزّة... وأبو الحن في فخِّ المُساعدات!
- غزّة... لا مفرّ: نُزُوحٌ من الموتِ إِلى الموتِ!
- من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!
- غزّة... تنزفُ في عرض البحر!
- غزّة تنزف بصمت... وأمريكا تُدير المجزرة!
- غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!
- سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا ...
- غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!
- نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!


المزيد.....




- عشر سنوات على الاتفاق النووي الإيراني.. من أروقة الدبلوماسي ...
- بعد هروبه من السجن داخل كيس غسيل.. السلطات الفرنسية تلقي ا ...
- ترمب يدعو أنصاره إلى التوقف عن نبش ملفات إبستين
- في عيده الـ100... مهاتير يقود دراجته وسيارته ثم يدخل المستشف ...
- اتجاه المصالحة: تفاصيل لقاء سري بين مساعدي تشارلز وهاري
- انتشال 6 جثث بعد غرق قارب قبالة جمهورية الدومينيكان
- إغلاق مطار لندن ساوثيند وإلغاء جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ص ...
- حصيلة اشتباكات السويداء ترتفع لـ89 قتيلا بينهم 14 من الأمن
- شركتان تعلنان انتهاء البحث عن باقي أفراد طاقم سفينة هاجمها ا ...
- زيلينسكي ناقش مع المبعوث الأميركي تعزيز الدفاعات الجوية


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!