أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!














المزيد.....

من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 16:12
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يكن الشهيد نزار بنات مجرّد ناشط سياسي ومعارض شرس، بل كان رجلاً استثنائياً في تفاصيله الصغيرة، بنكاته التي تُشبه الناس البسطاء، وبـ"نهفاته" التي تحوّلت، بعد رحيله، إلى شهادات حياة من نوعٍ آخر.
بين العدس والبسبوسة، وبين القرعة المحشوة والكلمات الثقيلة، صنع نزار بنات مساحة ضوء في عتمة السياسة الفلسطينية.

خلال فترة التحضير لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، اتصل نزار وتحدّث إلى زوجته جيهان، التي كانت قد طبخت طبقاً من العدس. كان نزار يعشق العدس عشقاً استثنائياً. قال لها:
"حضّري لي عشاءً..."

فردّت عليه ممازحة:
"آسفة، يا عضو المجلس التشريعي... هذه أكلة للفقراء."

فانفجر نزار ضاحكاً ضحكةً عالية لا تُنسى، ضحكة عبّرت عن رفضه لأن يتحوّل المناضل إلى شخصية برجوازية تنفصل عن الشعب.
كان يدرك أن العدس ليس مجرد طعام، بل رمزٌ للبساطة التي تمسّك بها حتى آخر لحظة.

في إحدى الأمسيات، دعا نزار بنات صديقه الدكتور أمجد شهاب إلى منزله لمناقشة الانتخابات المقبلة.
أراد أن تكون الدعوة "غير تقليدية"، فدخل المطبخ حاملاً "قرعة" كبيرة، وطلب من زوجته أن تحشوها. قال لها ضاحكاً:
"اليوم عندي ضيوف سياسيون... يجب أن نُكرمهم على طريقتنا!"

ولم يكن غريباً أن يغادر نزار النقاش السياسي كل بضع دقائق، متجهاً إلى المطبخ ليتفقد حال القرعة:
"استوَت؟ أم لا تزال؟"

كأن التحضير للديمقراطية لا يكتمل إلا بمذاق ورق العنب ودفء المطبخ العائلي.

عُرف نزار ببساطته الصادقة، وكان يعشق حلوى البسبوسة تماماً كما يعشق الحرية.
ربما كان يراها ملاذاً من ضغوط السياسة، أو مكافأةً بعد تسجيل فيديو ينتقد فيه الفساد.
لم يكن يرى في النضال سبباً للعبوس الدائم، بل كان يرى أن الضحكة موقف، تماماً كالكلمة الصادقة.

استُشهد نزار بنات تحت التعذيب، لكن ما لا يمكن اغتياله هو تلك الروح التي عرفها أصدقاؤه وعائلته:
روحٌ مرحة، صادقة، إنسانية.
يروي من عرفوه تفاصيل عن نكاته، وعن صراخه في وجه الظلم.

كان نزار بنات يعلم أن القلوب تُربَح بالحب، لا بالخوف، وأن الشعب الفلسطيني لا يريد زعيماً يرتدي ربطة عنق، بل من يأكل العدس معهم، ويضحك من قلبه، ويبكي حين يجب أن يبكى.

لم يكن نزار بنات يملك ثروة، ولا منصباً، ولا حساباتٍ سرّية، لكنه امتلك ما لا يقدر عليه كثيرون:
امتلك قلباً لا يعرف الخوف، ولساناً لا يعرف الصمت، وكرامةً لا تُشترى.
كان فقيراً بالمال، غنياً بالشجاعة، معتزاً بنفسه كأنّ في جيبه الدنيا، وكأنّ بيته المتواضع هو مقرّ القرار الوطني.

لم يُساوِم، لم يُجامل، لم يلبس الأقنعة.
عاش حرّاً، ومات حرّاً، فكانت روحه أكبر من كل المناصب، وأرفع من كل الصفقات.
لم يسعَ إلى أن يصبح زعيماً، لكنه أصبح رمزاً.
لم يتعطّف على الناس، بل كان واحداً منهم: يأكل العدس، ويضحك من قلبه، ويصرخ في وجه الظالمين كمن لا يملك شيئاً... سوى الحقيقة.

نزار ، أيها الحيّ فينا رغم الغياب،
نم مطمئنّ القلب...
فما خُنت يوماً، ولا ساومت، ولا ارتجفت أمام الظلم.
وهذا كافٍ ليكتبك الشعب الفلسطيني في ذاكرته الخالدة.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة... تنزفُ في عرض البحر!
- غزّة تنزف بصمت... وأمريكا تُدير المجزرة!
- غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!
- سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا ...
- غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!
- نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!
- حين تُناديه الأُمُّ... ولا يُجيبُ!
- حين ينكسرُ قلبُ الأب… ولا أحدَ يسمع!
- مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل المل ...
- محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!


المزيد.....




- ما هي التقنيات المفترضة التي شوشت أنظمة الجي بي إس على طائرة ...
- -رمز للصمود ونعمة عظيمة-..آبي أحمد يشيد باكتمال بناء سد النه ...
- هجوم بسكين في مرسيليا يوقع 4 جرحى.. والشرطة تطلق النار على ا ...
- شي جين بينغ يرحب بفلاديمير بوتين لإجراء محادثات في بكين
- مواجهات في باندونغ: شرطة إندونيسيا تطلق غازاً ومطاطاً على طل ...
- حركة تحرير السودان: كيف نشأت وأين هي اليوم؟
- قمة شنغهاي تكشف -أنانية- واشنطن وإهمالها مبدأ المصلحة المشتر ...
- إسرائيل تبدأ بتعبئة جنود الاحتياط قبل هجوم متوقع على غزة، و- ...
- يوسف الكواري عضو المكتب السياسي للحزب في حوار حول “ماذا يجري ...
- شركة نستله تطرد رئيسها بسبب إخفاء علاقة غرامية مع موظفة!


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!