أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!














المزيد.....

غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 22:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


في غزّة، لم يعد الناس يعيشون كباقي البشر. هناك، الحزن لا يُوصف، ولا يُقاس، ولا يُحتمل. تنهار الحياة بصمت، ومعها تنهار أحلام الطفولة، وضحكات الأمهات، وكرامة الآباء، وكلّ ما يشبه الحياة.

الناس في غزّة تائهون، كأنّهم في يوم الحشر. العيون شاردة، الأجساد منهكة، والأنفاس مثقلة بالدخان والدمار والجوع. طفلٌ يحمل أخاه المذبوح دون دموع، لأنّ الدموع قد جفّت منذ زمن بعيد. أمٌّ تُفتّش في الرماد عن بقايا رغيف، أو عن ملامح وجه دفنته النيران.

في غزّة، لا وقت للحزن، ولا مكان له، فكلّ شيء هناك مغموس بالحزن: الشمس، القمر، السماء التي تبكي، والأرض التي تنزف. كلّ زقاقٍ يشهد على موت، وكلّ خيمةٍ تروي مأساة، وكلّ حجرٍ يحمل اسماً كان حيّاً، ثم صار شهيداً.

إلى علماء الأمّة، وخطباء المساجد، ومفسّري يوم القيامة:

هل يُعقل أن يُحاسب أهل غزّة على ذنوبهم يوم الحساب؟
هل بعد مئات الأيام من الحصار والموت والجوع والتشريد والخذلان، يُنتظر أن يصطفّوا بين يدي العدل الإلهي؟
هل ستسألهم الملائكة عن تأخير صلاة الفجر، وهم لم يناموا ليلةً واحدة إلا تحت صواريخ لا تعرف وقتاً؟
هل سيُسألون عن إفطار يومٍ من رمضان، وهم لا يجدون ما يفطرون عليه أصلاً؟

أيّ جحيم أعظم من هذا؟
وأيّ صبرٍ يشبه صبرهم؟
وأيّ نارٍ أشدّ من تلك التي تحرقهم وهم أحياء؟

في غزّة، الناس لا ينتظرون القيامة، إنّهم يعيشونها.
ولا يخافون الموت، لأنّهم يصادقونه.
في غزّة، لكلّ دمعة ثمن، ولكلّ صرخة قصّة، ولكلّ روحٍ طاهرة مقام لا تدركه الأرض.

غزّة اليوم ليست مجرّد مدينة، بل شهادة حيّة على خيانة العالم، وصمت الضمير، وزيف الخطاب.
إنّها كتابٌ مفتوحٌ في حضرة الله، صفحاته مكتوبة بالدم، وسطوره آياتٌ من عذاب لا يُحتمل.

يا رب، إن نسينا نحن، فلا تنسَ أنت.
وإن خذلناهم، فلا تتركهم وحدهم.
فأهل غزّة... شفعاؤنا يوم الحشر، لا مذنبون.

غزّة ليست جغرافيا فقط، بل اختبارٌ يومي لإنسانيّتنا.
في كلّ يومٍ تُقصف فيه البيوت، تُقصف معه الضمائر.
وفي كلّ مرّة يصمت فيها العالم، تصرخ غزّة وحدها.

ستنتهي الحروب يوماً، وسينزل الليل ستاره، لكنّ وجه غزّة سيبقى محفوراً في الذاكرة،
شاهداً على زمنٍ ظالم،
يصرخ فينا: "كنتُ أُذبح أمامكم، فماذا فعلتم؟"

سلامٌ على غزّة،
على ترابها المجروح،
وأرواحها الطاهرة،
وصبرها الذي تخجل منه الجبال.
سلامٌ على من عاشوا يوم القيامة قبل أن تقوم الساعة.

وليُدرك العالم أجمع:
لن ننسى، ولن نغفر،
لكلّ من أدار ظهره لغزّة وهي تُباد،
لكلّ من تواطأ، وصمت، وساهم، وبرّر، وتجاهل.
الخذلان جريمة،
والصمت شراكة في الدم،
والتاريخ لا يرحم.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!
- شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...


المزيد.....




- -حرب كلامية-.. ترامب يعرب عن خيبة أمله في إيلون ماسك والأخير ...
- في الذكرى الـ81 لإنزال نورماندي... المحاربون القدامى يعودون ...
- محررون فلسطينيون يتحدثون عن ظروف اعتقالهم داخل السجون الإسرا ...
- اكتشاف مدينة أثرية غارقة في المحيط يعود عمرها إلى 140 ألف عا ...
- اتصال هاتفي بين ولي العهد السعودي والرئيس الإيراني
- انسحاب مسؤولين مصريين من فعالية دولية كبرى خلال كلمة إسرائيل ...
- ترامب يعرب عن استيائه من -تصعيد- النزاع الأوكراني
- في مشهد إنساني.. توزيع مثلجات مجانا على الحجاج في صعيد عرفات ...
- الأمين العام لحلف -الناتو- يقترح زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 ...
- حكومة نتنياهو تصدر توجيهات للإدارة المدنية ببدء فرض السيادة ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!