أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!














المزيد.....

الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 17:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ طغت فيه أصوات البنادق على نداءات الفكر، وغابت فيه القيم الإنسانية خلف أبخرة البارود، يبرز مبدأٌ خالد: "أهم صناعة هي صناعة الإنسان، فهي أقوى من صناعة السلاح." هذا المبدأ لا يبدو مجرد شعار، بل حقيقة تتجلى بوضوح في ملحمة الشعب الفلسطيني، الذي ما زال، رغم المحن، يصنع من ذاته سلاحاً أقوى من كل ترسانة.

منذ أكثر من سبعة عقود، لم يتوقف الاحتلال عن استخدام أقسى أدوات العنف والتدمير، معتقداً أن تفوق السلاح كفيل بطمس الهوية ومحو الوجود، لكن الواقع أظهر أن الشعب الفلسطيني لا يُهزَم بالبندقية، لأنه اختار أن يستثمر في صناعة الإنسان: في الإيمان، والوعي، والصمود، والمعرفة، والثقافة، والإبداع.

في المخيمات، وفي ظل الحصار، ووسط الدمار، وُلدت أجيال من المثقفين، والأطباء، والمعلمين، والشعراء، والمخترعين. لا شيء يمنع الفلسطيني من التعلم، حتى تحت القصف. دفاتر الأطفال تتحول إلى رموز مقاومة، والمدارس المدمّرة تُستبدل بصفوف مؤقتة على الأنقاض، لأن هذا الشعب أدرك أن معركته الحقيقية ليست فقط مع الرصاص، بل مع محاولات سلخه عن ذاته.

في المقابل، يعتمد الاحتلال على آلة عسكرية ضخمة: طائرات، ودبابات، وتكنولوجيا تجسس، وجدران إسمنتية، وسجون، لكنه فشل في كسر إرادة إنسان يؤمن بقضيته. كل معتقل فلسطيني يخرج من الأسر أكثر وعياً وثقافة، وكل بيت يُهدم يتحول إلى قصة بطولة، وكل شهيد يُولَد من دمه ألف حكاية تُبقي القضية حيّة في قلوب الأحرار.

لقد تحوّل الفلسطيني من ضحية إلى صانعٍ لملحمة إنسانية. باتت روايته تنافس رواية الإحتلال المدعومة بأضخم آلات الإعلام. وأصبح وجوده بحد ذاته تحدياً، لأنه اختار أن يقاوم عبر الكلمة، والتعليم، والتمسك بالتراث، والابتكار.

في غزة، حيث يظنّ العالم أن لا حياة، خرج من تحت الركام شعراء يصدحون باسم الأرض، ومهندسون يبتكرون حلولاً للصمود، ونساءٌ يُربّين أجيالاً لا تنكسر. هنا تكمن القوة الحقيقية: صناعة الإنسان الحر، الواعي، المثقف، المبدع.

كلما اشتد الحصار، ازداد هذا الشعب صلابة. وكلما ظنّ الاحتلال أنه اقترب من طمس الوعي، خرج الفلسطيني من تحت الركام أكثر إشراقاً، وأكثر تمسكاً بإنسانيته وهويته. إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى شفقة العالم، بل إلى أن يُنصت له، وهو يصنع الحياة من بين أنياب الموت.

نفتخر بهذا الشعب العملاق، الذي علّمنا أن القوة لا تُقاس بعدد الدبابات، بل بقدرة الإنسان على النهوض بعد كل نكسة، وعلى تحويل الألم إلى وعي، والدم إلى قصيدة، والحصار إلى مدرسة.

مسكينٌ شعبُنا الجبّارُ العظيم صاحب التضحيات...
أنت في وادٍ، ومن يدّعون تمثيلك في وادٍ آخر.

لكن، رغم الخذلان، يبقى هو الأجدر بالتحية، والأحق بالقيادة، لأنه لم يتخلَّ يوماً عن حلمه بالحرية، ولم يتنازل عن كرامته.
في وجه السلاح، ظل الإنسان الفلسطيني هو المعجزة التي لن تُهزم، والنموذج الذي سيسجّله التاريخ بكل فخر.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!


المزيد.....




- بسبب -كثرة المصافحات-.. البيت الأبيض يكشف سبب ظهور كدمات على ...
- للمرة الأولى في الإتحاد الأوروبي.. سلوفينيا تمنع وزيرين إسرا ...
- مراسلون بلا حدود: ترامب يستلهم أساليب الأنظمة الاستبدادية
- حرب غزة تسبب مشاكل عقلية لآلاف الجنود الإسرائيليين
- مسؤول سوري: القصف الإسرائيلي يعرقل البحث عن الأسلحة الكيميائ ...
- -عدالة مُضللة-.. كيف دمرت خوارزميات البريد البريطاني حياة ال ...
- بيت ديفيدسون ينتظر مولوده الأول من شريكته إلسي هيويت
- راجت إحدى أغانيها على تيك توك مؤخرا.. وفاة كوني فرانسيس عن ع ...
- أردوغان: الهجمات الإسرائيلية على سوريا تُهدد المنطقة بأكملها ...
- محلل درزي سوري لـCNN: إسرائيل لا تحمي الدروز.. وتستخدم السوي ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!