أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟














المزيد.....

إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 16:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


حين أنقذ إنزو مايوركا دلفيناً... بكى البحر على غزّة.

في عام 2009، روى الغطّاس الإيطالي الشهير إنزو مايوركا قصة هزّت وجدان كل من سمعها. كان يغطس مع ابنته روسانا قبالة سواحل سيراكوزا، حين لمس دولفين ظهره. لم تكن لمسة للّعب أو اللهو، بل نداء استغاثة صامت.

قاده الدولفين إلى الأعماق، حيث كان دولفين آخر عالقاً في شبكة صيد مهجورة، يتخبّط بين الحياة والموت.

بسكين صغيرة وإرادة كبيرة، تمكّن إنزو من تحريره. وعند الصعود إلى السطح، وضعت أنثى الدولفين صغيرها في لحظة مؤثّرة. أما الدولفين الآخر، فدار حول منقذهم، ثم اقترب ولمس وجنة إنزو بلطف، كأنما يهمس له بشكرٍ صامتٍ لا يُنسى، قبل أن يختفي مع أسرته في عمق البحر.

في الحياة، هناك شعوب بأكملها عالقة في "شبكة" أشدّ فتكاً من شباك الصيد.
في غزّة، لا دولفين ينتظر مولوده، بل أمّ تحتضن أطفالها تحت الأنقاض.
لا صوت شكر يصعد من الأعماق، بل صرخات تتردّد في الأزقّة المدمّرة، لا يسمعها أحد.

لو كان للبحر قلب، لبكى.
ولو كان للشبكات لسان، لاعترفت بأنها ليست سوى جزء من صمتٍ عالميٍّ مخزٍ.
أنقذ إنزو روحاً واحدة، وفي غزّة تُزهَق الأرواح بالجملة، والعالم يتفرّج.

الدولفين عرف كيف يطلب النجدة، أما طفل غزّة، فكل ما يملكه نظرة تشقّ القلب.
الدولفين لمس وجنة منقذه بشكر، أما طفل غزّة، فلا يجد وجنة يلمسها... فالموت كان أسرع.

قال إنزو يوماً:
"ما لم يتعلّم الإنسان احترام الطبيعة والتواصل مع الكائنات، فلن يفهم يوماً دوره الحقيقي على هذه الأرض."

وأنا أقول: "ما لم يتعلّم الإنسان احترام الإنسان، فلن يستحقّ أن يُدعى إنساناً".

غادر الدلفين إلى عرض البحر.
أما غزّة... فمتى تغادر الألم؟
متى تلمس الحرية وجنةَ طفلٍ فلسطيني؟
متى يأتي "إنزو" لهذا الشعب العالق، ليقطع شِباك الحصار وينتشله من القاع؟

حتى إشعارٍ آخر، تبقى غزّة تنظر نحو السطح، تختنق... ثم تتنفّس بالحلم.

وهكذا يمضي الفلسطيني، لا يحمل على ظهره حقيبة سفر، بل يحمل وطناً ممزّقاً بالخرائط، مثقوباً بالذكريات.
يمضي من محطة إلى أخرى، كأنّ عمره قطار لا يعرف نهاية،
من لجوء إلى لجوء،
من مخيّم إلى مخيّم،
من خيمة إلى خيمة،
ومن نكبة إلى نكسة، إلى مجزرةٍ جديدة.

كلما حاول أن يلتقط أنفاسه، باغته الغبار، وكلما رسم حلماً، محته قذيفة.
حتى الدموع – التي يُقال إنها تريح القلب – لم تعد تكفي.

وغزّة... تلك البقعة الصغيرة، تحوّلت إلى مرآة لكل وجعٍ عربي.
كل حجر فيها شهيد،
وكل شجرة أمٌّ تبكي،
وكل طفل يسأل:
"هل سنعيش غداً؟ أم نكمل الرحيل؟"

شلال الدم لم يجف،
والعالم يراقب بصمتٍ مخزٍ.
لكن، رغم الألم، ما زال الفلسطيني، في أقسى محطات القهر، يرفع رأسه،
لأن من تعلّم أن يولد في الخيمة، ويحيا على الرماد،
ويغنّي وسط الركام...
لا تموت قضيّته.

تنويه: هذا النصّ تخييليّ تعبيريّ، لا يروي حادثةً بعينها، بل يستلهم من وجع الواقع رموزه، ومن جراح فلسطين حروفه، ليبوح بحزنٍ لا يسع الكلمات، عن شعبٍ تُحاصره القذائف... ويخذله العالم.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!
- حين تُصبحُ النّكبةُ في غزّة خبراً بلا ذاكرة
- غزّة تنزفُ... واليمن آخرُ الأَوفياءِ


المزيد.....




- الإيموجي لغة تواصل عالمية صامتة.. لأن -الحروف تموت حين تُقال ...
- المرصد: قتلى في اشتباكات في مدينة السويداء السورية
- مهاتير محمد يتعافى من إرهاق أصابه خلال احتفاله ببلوغ 100 عام ...
- لواء إسرائيلي متقاعد: الحكم العسكري والمدينة الإنسانية أوهام ...
- هل تلاعب نتنياهو بالمفاوضات على مدى عامين؟
- سفينة -حنظلة- تنطلق من إيطاليا لغزة
- مغردون ينصحون بالتخلي عن آيفون بعد تهديد ترامب أوروبا بسلاح ...
- لجنة الانتخابات السورية تبحث النظام الانتخابي مع أطراف محلية ...
- وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري في لندن
- البصرة تتصدر 11 مدينة عراقية ضمن الـ15 الأكثر حرارة عالميا


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟