أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!














المزيد.....

غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 16:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


من تحت التراب، من العدم، من حيث لا يسمع أحدٌ صرخاتِ المقهورين، يعود نزار قباني، لا بقصيدةٍ جديدة، بل بندبةٍ قديمةٍ تنزف اليوم في غزة. لا يكتب هذه المرة بالحبر، بل بدماء الأطفال، وأشلاء الأمهات، ودموع الآباء العاجزين أمام القصف والحصار.

نزار قباني الذي صاح ذات يومٍ في وجه العرب قائلاً:
"لا تُقلقوا موتي بآلاف الخُطب، فقد أمضيتُ عمري أستثير سيوفكم، واخجلتاه... سيوفُكم صارت من خشب!"، كأنه كان يكتب عن غزة اليوم، عن رفح وخان يونس، عن جباليا والنصيرات، عن كل زقاقٍ تحوّل إلى شاهد قبر.

"الموت خلف بابكم... الموت في أحضانكم... وأنتم تتفرجون"، هكذا قال منذ زمن، لكنها الآن تصرخ في وجوهنا، ونحن نتابع صور الجثث تحت الأنقاض، نُحصي الضحايا، وننتظر بيانات الإدانة... بينما الأطفال يخرجون من الحياة قبل أن يعرفوا معناها.

في غزة، لا وقت للخُطب. لا حاجة لبيانات. لا جدوى من اجتماعات القمم الفارغة. فالغزيون يعيشون الموت لحظةً بلحظة، ويقاومون بما تبقّى من كرامة. أما سيوف العرب، فخشب، وأما ضمائرهم، فمشغولة بما هو أدنى من الدم.

"ما زلت أسمع أن مونيكا تدافع عن فضائحها، وتغسل عارها بدمائكم... ودماء أطفال العراق..."، واليوم تُغسله بدماء أطفال غزة. الغرب صامت، والشرق متآمر، والعرب يُشهِرون إعلامهم... لا لفضح المجازر، بل لستر خيبتهم.

غزة ليست خبراً عابراً، ولا مجرّد رقمٍ على الشريط الإخباري. غزة هي قميص يوسف المُلطّخ بدم الكذب، وهي الابن الذي ألقاه إخوته في البئر، ثم عادوا بقلوبٍ ميتة. غزة التي صارت تعيش وحدها، تُقاتل وحدها، وتُدفن شهداءها بيد واحدة.

"ماذا أقول إذا سُئلت هناك عن نسبي؟ سأقول للتاريخ: أمي لم تكن من نسلكم... وأعلن موت العرب!"، هكذا كتب نزار قباني. واليوم، لو سُئل أطفال غزة عمّن خذلهم، لقالوا: الجميع.
فالبيانات لم توقف قذيفة، والتضامن الموسمي لم يمنع جرافة، ولا أعاد طفلاً إلى أمه.

في كل بيتٍ في غزة، يعيش نزار، يبكي، يكتب، يموت مرةً بعد مرة. وفي كلّ عينِ طفلٍ تنمو قصيدةٌ حزينة، لن تُذاع، لكنها ستُحفر في الذاكرة، وتُكتب على جدران البيوت المدمّرة: هنا كانت حياة، هنا كانت طفولة، هنا خذلنا العالم، وخذلنا "الأشقاء".

غزة، رغم كل شيء، ترفض أن تموت. ففيها من الشعر ما يهزّ العروش، ومن الدم ما يكتب التاريخ، ومن الكرامة ما لا تفهمه الخُطب.

وإن كان الشاعر نزار قباني قد أعلن موت العرب منذ عقود، فإن غزة اليوم توثّق هذا الموت كلّ يوم، بجرحٍ لا يندمل، وبصمتٍ عربيٍّ يُدوّي أكثر من القنابل، وبخذلانٍ لا يغفره التاريخ، لكنها رغم كل شيء، لا تموت.

غزّة لا تبحث عن رثاء، بل عن ضمير. لا تنتظر القصائد، بل الأفعال. ستبقى حيّةً ما دامت تقاتل، وستظلّ قصيدة نزار نبضاً في قلب كلّ حرٍّ يرفض الخيانة، ويقاوم الخنوع، ويصرخ في وجه الجبن العربي.
فلا تُثقلوا موت نزار... فقد تعب من الحزن، وتعبت غزّة من الصمت.
وإن لم يكتب نزار هذه الكلمات، فقد كتبتها غزّة على لسانه، بدمها، وبصوتٍ يشبه صوته... لأن الحروف تموت أحياناً إن لم تصرخ، كما كان يصرخ.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!
- شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت


المزيد.....




- مصممة الأزياء ياسمين يحيى تكشف شخصيات النجمات العربيات في ال ...
- الصين تستعرض قوتها العسكرية على وقع -ولادة نظام جديد-
- إسرائيل تتوقع نزوح مليون فلسطيني جراء هجومها على غزة وحماس ت ...
- فرنسا وحلفاؤها مستعدون لتقديم الضمانات الأمنية لأوكرانيا وهي ...
- تركيا: إلغاء حفل المغني إنريكو ماسياس عقب احتجاجات بسبب موقف ...
- تحالف الراغبين في باريس: ضمانات عسكرية لأوكرانيا أم رهان معل ...
- ما السيناريوهات المحتملة لعملية عسكرية أميركية كبيرة ضد فنزو ...
- محكمة هولندية تنظر في استئناف ضد الحكومة بشأن تصدير أسلحة لإ ...
- إسحاق بريك: خطة احتلال غزة ستكون كارثية على إسرائيل ولن تضعف ...
- وليد الخالدي مؤرخ مقدسي بلغ العالمية


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!