أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!














المزيد.....

شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 13:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


في قلب غزّة المحاصرة، حيث يختنق الهواء برائحة الألم، وتغرق الأرض في دماء الأبرياء، تأتي قصة شهد الصوّاف، الطفلة التي لم تسرق، ولم تطلب إلا ثلاثة حبات زبيب، كصدى مؤلم لجوع عميق لا يُقاس بالمقاييس المادية فقط، بل هو جوع للكرامة، للأمان، للحق في الحياة. إنها قصة الطفولة التي تموت ببطء في ظل غدر وخذلان أمتين عربية وإسلامية، وتخاذل عالمي لا يُعرف له مثيل في تاريخ الشعوب.

شهد الصوّاف، بعينيها اللتين تفوحان برائحة البراءة والخذلان، تقول لنا أكثر مما تحكيه كلماتها البسيطة: "والله ما أنا حرامية، أنا جوعانة، جوعانة." هذه العبارة التي نطق بها قلب طفل بريء، ليست مجرد اعتراف بجوعها، بل صرخة موجهة إلى كل من خانها وخان وطنها وأمّتها. إنها رسالة قاسية بأن الأطفال هنا لا يسرقون، بل يُقتل جوعهم تحت أنظار من كان من المفترض أن يكونوا حماة لهم.

المأساة الحقيقية ليست فقط في الجوع أو في سقوط شهد مغشياً عليها من شدة الخوف، بل في الخيانة التي تلت ذلك.
خيانة أمة تحولت من ملاذ ودفء إلى مكان تخلّت فيه عن أبنائها، تخلّت عن فلسطين، عن غزّة، عن شهد نفسها. الخيانة التي تجسدت في صمتٍ مرعب، في صراعات داخلية أضعفت القضية، في حسابات سياسية جعلت الدم الفلسطيني سلعة للمساومات.

لقد شهدنا كيف تخلى بعض القادة عن مسؤولياتهم، كيف ابتعدوا عن واجبهم في الدفاع عن حقوق شعوبهم، وكيف سمحوا لمصالحهم أن تقتل الحق وتدفنه تحت ركام التخاذل السياسي. لم تكن غزّة فقط محاصرة بالجغرافيا، بل محاصرة بالسياسات التي اختارت أن تغضّ الطرف أو تساوم على دماء أبنائها.

أما المجتمع الدولي، فحدث ولا حرج. لقد شاهد العالم كله مآسي غزّة بكل قسوة، لكنه اختار سياسة الكيل بمكيالين، حيث تُعاقب الشعوب الضعيفة، ويُغض الطرف عن انتهاكات القويِّ.
بيانات الشجب الفارغة، والاجتماعات التي تكرر نفسها دون أي قرار فعلي، أضحت رموزاً للتخاذل العالمي. هذا الصمت هو خيانة جديدة بحق شهد وكل الأطفال الذين يشبهونها.

والأسوأ من ذلك، أن هذا الخذلان لم يقتصر على اللحظة الراهنة، بل هو استمرارية لسياسات الإهمال والتجاهل، التي تجعل من المعاناة حياة يومية لا تنتهي. فبينما يتناوب القصف والدمار، وبينما يتكرر المشهد المأساوي، يبقى صوت شهد وأطفال غزّة مكتوماً، وصورة جوعهم مخفية خلف جدران الحصار.

إنها معاناة إنسانية قبل أن تكون سياسية، وجع يتغلغل في أعماق النفس، يزرع اليأس، ويدفع الأطفال لأن ينسوا طفولتهم ويكبروا قبل أوانهم. صبر غزّة ليس فضيلة فحسب، بل هو صرخة متواصلة نحو من كانوا مفترضين أن يكونوا سنداً، لكنهم أصبحوا عبئاً.

لا يمكن لأي إنسان يحمل ذرة من إنسانية أن يغضّ الطرف عن قصة شهد الصوّاف. قصتها هي مرآة مرارة خذلان أمة، وغدر أصدقاء، وخيانة عالمٍ وقف متفرجاً بينما كانت حياة الطفولة تُزهق بلا رحمة.

يبقى السؤال المؤلم: كيف يمكن أن تستمر هذه المعاناة؟ وكيف لأمة تحترم نفسها أن تسمح باستمرار هذا الخذلان؟ وكيف لعالمٍ يزعم الدفاع عن حقوق الإنسان أن يتغاضى عن معاناة أطفال لا حول لهم ولا قوة؟

شهد الصوّاف ليست فقط طفلة فلسطينية، بل هي رمز لكل طفل يُقتل جوعاً، خوفاً، وخذلاناً. هي صرخة تطالب بالعدالة، بالحرية، وبإنسانية ضاعت في زحمة السياسة والمصالح.

وتبقى شهد الصوّاف رمزاً لبراءةٍ قتلها جوع الأمس وغدر اليوم، بينما تمضي الأوقات بلا حساب، ويستمر العالم في صمته المريب. غزّة التي كانت مهد الحضارة، أصبحت مقبرة للأطفال الحالمين، وصرخة حائرة تتردد في فضاءٍ لا يسمع سوى صدى الخذلان.
أما نحن، فلا نملك سوى أن نراقب بقلوب مثقلة بالوجع، وننتظر معجزة تنقذ الطفولة قبل أن تُدفن تحت الركام، قبل أن تموت أحلامها جائعة وحيدة، بلا وطن، بلا أمل، وبلا رحمة.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين


المزيد.....




- ما هي التقنيات المفترضة التي شوشت أنظمة الجي بي إس على طائرة ...
- -رمز للصمود ونعمة عظيمة-..آبي أحمد يشيد باكتمال بناء سد النه ...
- هجوم بسكين في مرسيليا يوقع 4 جرحى.. والشرطة تطلق النار على ا ...
- شي جين بينغ يرحب بفلاديمير بوتين لإجراء محادثات في بكين
- مواجهات في باندونغ: شرطة إندونيسيا تطلق غازاً ومطاطاً على طل ...
- حركة تحرير السودان: كيف نشأت وأين هي اليوم؟
- قمة شنغهاي تكشف -أنانية- واشنطن وإهمالها مبدأ المصلحة المشتر ...
- إسرائيل تبدأ بتعبئة جنود الاحتياط قبل هجوم متوقع على غزة، و- ...
- يوسف الكواري عضو المكتب السياسي للحزب في حوار حول “ماذا يجري ...
- شركة نستله تطرد رئيسها بسبب إخفاء علاقة غرامية مع موظفة!


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!