أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف














المزيد.....

غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 16:20
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ تغيب فيه القيم، وتتبدد الأحلام، يعود صوت محمد الماغوط من خلف الرماد، لا كشاعرٍ فقط، بل كمرآة مكسورة نرى فيها وجوهنا، ومآسينا، وانكسار أرواحنا. ذلك المقطع الآسر من نصّه، المحمّل بالخذلان واللامبالاة، كأنه كُتب لغزّة، ولأولئك الذين ساقهم الزمنُ إلى امتحانِ التاريخِ والألمِ، من غيرِ وعدٍ، ولا استئذان.

"لا يهزّني نصر، ولا تذلّني هزيمة…"

في غزة، النصر لا يشبه النصر، والهزيمة لا تليق حتى بالهزيمة. الناس هناك لا يحتفلون بالتحرير، ولا يبكون الخذلان؛ لأن ما يعيشه الإنسان هناك أعمق من كل ما يمكن أن يُقال. صارت الحياة نفسها عبئاً فادحاً، واستمرارها معجزةً يوميّة.

"لا يُربكني احتلال، ولا يُسعدني استقلال…"

غزة اليوم ليست محتلة فقط بالجيوش، بل بالخذلان العربي، بالصمت الدولي، بالحصار القاتل، بالجوع، وبالعزلة القسرية. لا استقلال يُحتفل به، ولا حرية تُمارس، فقط مساحة جغرافية صغيرة تختزن في طيّاتها أكبر قدر ممكن من القهر. ما عاد الاحتلال خبراً صادماً، وما عاد الاستقلال وعداً قابلاً للتصديق.

"لا يشغلني تراث، أو حضارة، أو موقع استراتيجي…"

غزّة، بترابها وناسها، لم تعد تُقاس بجمالها التاريخي، ولا بموقعها الجغرافي، بل بعدد الشهداء، وعدد الأيام التي يمكن أن ينجو فيها طفل من قصف أو مجاعة. كل شيء أصبح مؤجّلاً، عالقاً بين السماء والأرض، حتى الحياة نفسها أصبحت أشبه بعقوبة جماعية.

"أي طعام آكل، وأي لباس أرتدي، ولأي طائفة أنتمي…"

أسئلة محمد الماغوط ليست تساؤلات وجودية هنا، بل تفاصيل يومية لأمٍّ تبحث عن كسرة خبز لرضيعها، ولشابٍ يحفر قبر أخيه بيديه، ولشيخٍ يُصلّي تحت الأنقاض. ما عادوا يهتمّون للطائفة، أو للسياسة، أو للانتماء. كلّ ما يريدونه هو أن يبقوا أحياء، أن يبقوا بشراً.

"حيث يدركني النعاس أنام كالحيوان…"

ما أقسى هذه الجملة في ظلّ القصف الليلي، حين ينام طفلٌ في حضن أمّه غير مدرك أنّ البيت قد يسقط فوقه في أية لحظة. ما أشدّها حين ينام الناس في الخيام بعد أن اختنقت منازلهم بالدخان. وما أمرّها حين يصبح الموت أسهل من الحياة.

"لا أحنّ إلى شيء، ولا أُبالي بشيء…"

ربما يكون هذا هو أكثر ما يختصر الحالة. ففي غزة، البكاء فقد جدواه، والغضب لم يُغيّر شيئاً، والحنين صار ترفاً لا يليق بمن يبحث عن جرعة ماء. لقد باتت اللامبالاة وسيلة للبقاء، لأن من يشعر بكل هذا القهر قد ينفجر بدلاً من أن يعيش.

نصّ الماغوط لم يُكتب لغزّة، لكنه وجد فيها موطئ قدم. لم يقصدها، لكنها تقمّصت كلماته، كما لو كانت غزّة هي القصيدة نفسها. واقعٌ يشبه اللامعنى، ومصيرٌ مُعلّق، ووجعٌ يصرخ بلا صوت.

ويبقى سؤالٌ يتردّد في أعماق قصيدته:
كم من الوقت يستطيع الإنسان أن يصمد وهو يموت في العلن؟
غزّة، وحدها تعرف الجواب.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!
- شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...


المزيد.....




- بعد محاكمة أشعلت منصات التواصل.. شاهد كاردي بي تُبرّأ وتهدد ...
- إطلالات أنيقة للمشاهير الرجال على السجادة الحمراء في البندقي ...
- تنمر ترامب يجمع قوى عالمية في الصين- في الإيكونومست
- -قتلنا 11 إرهابيًا-.. ترامب يبرّر أول تحرّك عسكري ضد زورق فن ...
- خمسة جرحى في اعتداء بسكين في مرسيليا جنوب فرنسا والشرطة تقتل ...
- ملاحقة الدولة الفرنسية أمام القضاء لتقاعسها عن منع الإبادة ا ...
- سانشيز: رد أوروبا على حرب غزة فشل ذريع ويقوض مكانة الغرب
- هكذا يتصور نتنياهو نهاية الحرب
- إعلام إسرائيلي: نقاش عاصف باجتماع -الكابينت- لتأييد زامير صف ...
- شهيد كل يومين.. 76 انتهاكا إسرائيليا ضد الصحفيين الفلسطينيين ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف