أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!














المزيد.....

محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 16:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


في رحاب النضال الفلسطيني، تبرز قصص كثيرة لأبطال قدّموا أرواحهم وفقدوا الكثير في سبيل قضية الحرية والكرامة. ومن بين هؤلاء الأبطال، يظل اسم محمد نمر غضبان محفوراً في ذاكرة الكفاح الفلسطيني، كرمزٍ للثبات والصمود. مهندس إلكترونيات ومناضل شجاع، عاش حياته حاملاً على كتفيه أمانة الثورة، ولم يملّ أو يكلّ حتى اللحظة الأخيرة.

لكنّ قصة محمد لم تكن مجرّد حكاية نضال، بل كانت أيضاً قصة ألمٍ ونسيان.
هذا الرجل، الذي كان قلب الثورة النابض، وجد نفسه وحيداً في نهاية الطريق، ليكشف لنا الوجه الآخر للحياة الثورية، حيث لا تُقابل التضحية دائماً بالتقدير، وقد يُجابه الوفاء بالخذلان والنكران.

وُلد محمد نمر غضبان في قرية الكويكات بفلسطين، في السابع من شباط/فبراير عام 1945، وكان من أولئك الذين حملوا على عاتقهم أمانة الكفاح من أجل الحرية، فعاش حياته كلها مناضلاً لا يعرف الاستسلام.

في عام 1966، نفّذ عملية عسكرية جريئة ضد جيش الاحتلال في منطقة المزرعة على ساحل عكا، حيث قتل ضابطاً من جيش الاحتلال، ثم استولى على دراجة نارية تعود لصديقه، وقادها باتجاه الحدود اللبنانية، التي عبرها سباحةً حتى وصل إلى منطقة الناقورة.
هناك، التقى ببائع ثياب متجوّل من بلدة برجا، وسأله عن اتجاه مدينة صور، إذ كان هدفه الوصول إلى عمه، علي غضبان، الذي كان يعمل مدرساً للغة العربية والقرآن الكريم في المدرسة الجعفرية.

تابع محمد طريقه مشياً على الأقدام حتى وصل إلى مخيم البص قرب صور.
وهناك، شاهد ثكنةً للجيش اللبناني، ورأى فيها للمرة الأولى في حياته جيشاً عربياً، فامتلأ صدره بالفرح والأمل. دخل الثكنة وهو سعيد، لكنه لم يجد الترحيب، بل سُجن ونُقل إلى ثكنة الحلو في بيروت.

في سجن ثكنة الحلو، تعرّف على شخصيات فلسطينية بارزة، مثل ياسر عرفات (أبو عمار) وخليل الوزير (أبو جهاد).
كما أرسل رسالة إلى عمه في صور عبر أحد السجناء من جنوب لبنان، الذي خرج لاحقاً من السجن. وصلت الرسالة إلى عمه، الذي بدوره أخبر سماحة السيد موسى الصدر، فتدخّل الأخير وأخرج محمد من السجن بعد أن كفله.

ومنذ عام 1967 وحتى عام 1969، عاش محمد في بيت السيد موسى الصدر، وأصبح سائقه الخاص، مشاركاً عن قرب في الحياة العامة والروحية لذلك البيت، الذي شكّل مرحلةً مفصلية في وعيه السياسي والإنساني.

بعد خروج ياسر عرفات "أبو عمار" وخليل الوزير "أبو جهاد" من السجن، تواصل محمد معهما، وطلبه أبو عمار شخصياً من السيد موسى الصدر، إذ كان محمد يجيد اللغة العبرية بطلاقة. عمل مدرساً ومترجماً في صفوف الثورة، ينقل رسائلها ويشرح مآسي شعبه.
وقد كان معروفاً في صفوف الثورة الفلسطينية بلقب "النقيب غضبان"، تقديراً لجهوده والتزامه.

في 9 تموز 1978، تزوّج من المناضلة نهاد ديب حيدر، ورُزق منها بخمسة أبناء: بهية، هلا، أحمد، خديجة، وطلال.

في عام 1982، وبعد الاجتياح، ترك حركة فتح، واستقر في منطقة الزاهرية بمدينة طرابلس.

وفي عام 1983، زاره خليل الوزير (أبو جهاد) وزوجته انتصار الوزير (أم جهاد)، وكان برفقتهما راجي النجمي وزوجته. وقد أحضرا له مبلغاً كبيراً من المال، لكنه رفض استلامه، متمسكاً بمبادئه وكرامته.

عاش محمد ظروف حرب المخيمات في بيروت، وفي مخيم الرشيدية.
طوال حياته، بقي نظيف الكف، لم يمتلك بيتاً، ولم يحصل على دعم حقيقي من الثورة التي خدمها بإخلاص وتفانٍ.

الثورة التي كانت كلّ حياته، تخلّت عنه، كما تخلّت عن أطفاله. لم تجد تضحياته صدىً كافياً، وتركه رفاق السلاح يعيش في ظلال النسيان والحرمان، بينما ظلّ هو، حتى أيامه الأخيرة، يخدم قضية شعبه.

توفي محمد نمر غضبان في 23 تموز/يوليو 2017، في مخيم الرشيدية، ودُفن في مخيم برج البراجنة، مخلفاً وراءه قصة نضال وتضحية، لكنها أيضاً قصة ألم وجفاء.

رحل محمد نمر غضبان، لكن ذكراه تظلّ نبضاً حيّاً في وجدان كلّ من يؤمن بحقّ شعبه في الحرية والكرامة.
قد تغيب الأسماء أحياناً عن الصفحات الرسمية، لكنّ قصص الرجال الذين بذلوا أرواحهم بلا مقابل لا تموت.
كان محمد قلب الثورة النابض الذي خُذل، لكنه ظلّ رمزاً للوفاء والكرامة، شاهداً على أن النضال الحقيقي لا يُقاس بالشهرة أو المكانة، بل بالعزيمة التي لا تنطفئ، مهما طال الليل.

وحين غادر محمد فلسطين لأول مرة، لم يكن يحمل معه سوى حلم التحرير، وترك خلفه ابنه جميل، طفلاً صغيراً في مهد الغياب، ليبدأ فصلاً آخر من الحنين، لا يعرفه إلا الآباء الذين حملوا الوطن على ظهورهم، وتركوا أبناءهم في حضن الانتظار.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!
- شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!


المزيد.....




- فستان زفاف ثانٍ لأمينة خليل في اليونان..هل تفوّق على الأول؟ ...
- -حيوانات ترفع أعلامًا أجنبية-.. شاهد ما قاله ترامب عن -مثيري ...
- إيران تهدد باستهداف جميع القواعد الأمريكية في حال فرض الحرب ...
- -الدوما-: لا طرق قانونية لتمديد ولاية زيلينسكي
- الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج تحقيقه حول أحداث 7 أكتوبر في موش ...
- الأحزاب المعارضة تصوت على حل الكنيسيت الإسرائيلي اليوم.. كيف ...
- لوس أنجلوس.. ترامب يبعث الحياة في -قانون الانتفاضة- بعد أكثر ...
- -التحالف الدولي- يبحث مخاطر -داعش- في سوريا
- إسرائيل تبدأ تجنيد جيش من الحريديم مطلع يوليو
- نتنياهو يسابق الزمن لإنقاذ حكومته وسط تهديدات بحل الكنيست بس ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!