أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!














المزيد.....

نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 20:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


في بلادٍ تُجلد فيها الحقيقة، ويُغتال فيها الصادقون قبل أحلامهم، يولد بعض الناس ليكونوا أكثر من أفراد... يولدون ليكونوا صرخة، فكرة، راية، ووطناً بحجم صوتهم.

في ليلة الرابع والعشرين من حزيران2021، خُنقت الكلمات في حناجرنا، وارتجفت القلوب ونحن نرى النور يُطفأ عمداً.
اغتالوه لأن صوته كان أعلى من مقاسات الطغاة، ولأن ضميره كان أكبر من حدود الزنازين.
نزار بنات لم يُقتل فقط تحت التعذيب، بل لأننا عجزنا عن حمايته، ولأن الصمت كان شريكاً في الجريمة.
هذا المقال ليس رثاءً، بل شهادة على زمن يُكافَأ فيه الخنوع ويُدان فيه الصدق، وأن نزار، وإن غاب الجسد، ما زال الحضور الأكثر صدقاً في هذا الليل الطويل.

في وطنٍ تُغتال فيه الكلمة، ويُلاحق فيه الأمل، لم يكن نزار شخصاً عادياً، بل كان الحدث نفسه. كان الصوت حين صمت الجميع، والموقف حين انحنى الآخرون.

نزار بنات، الذي قال الحقيقة كما هي، حمل روحه على كفه، وواجه الاستبداد بجبهة مكشوفة. لم يكن يطلب سوى وطنٍ يليق بالبشر، وطن لا يخنق أبناءه لأنهم يفكرون، ولا يعتقل حناجرهم لأنهم يصرخون بألم.

اغتالوه لأنهم لم يحتملوا مرآة تُعرّيهم.
لأن الجهل لا يتحمل الوعي، والقمع لا يحتمل الجرأة، والزيف لا يحتمل الصدق.

قال ذات يوم:
"أنا لا أبحث عن مواجهة، لكنني لا أهرب من قول الحقيقة."

وفي سخريةٍ موجعة من واقع الطب والعدالة، قال:
"لا تضعوا جثماني بين أطباء تشريح من هذا الموديل."

وفي تحدٍ نادر، عبّر عن تمسكه بأرضه رغم القهر:
"أنا وأولادي مش مفكرين نهاجر من هالبلد، راح نظل قاعدين هون إلكم."

كان نزار مقاوماً، لكن مقاومته لم تكن بالبندقية، بل بالفكرة.
كان واضحاً كالشمس، صريحاً، حاداً كالسيف، نقياً كالماء، موجعاً كالحقيقة.

منذ غيابه، وكل شيء فينا يشعر باليُتم.
كأن صوتنا انكسر، وكأن الحبر بات خجولاً من نفسه.
نبكيه في صمت، لأن الجريمة لم تُحاسب، ولأن قاتليه ما زالوا يتنفسون الغدر كل صباح.

نزار بنات لم يمت.
كل من يكتب، كل من يصرخ، كل من يحلم بوطن عادل… هو نزار بنات.
وكل من يخشى الكلمة، ويخنق الحناجر، ويرتجف أمام الصدق… هو قاتله.

رحم الله نزار بنات،
وجعل من كلماته نوراً يضيء طريق الأحرار، ومن دمه لعنة تطارد صمت المتخاذلين إلى الأبد.

نم قرير العين يا نزار...
فإن ماتت القلوب، سيتكلم التاريخ.
وإن صمت المتفرجون، ستصرخ الأرض باسمك.
وإن تواطأ الجبناء، فوجهك سيظل نوراً لا يُطفأ، وصوتك عهداً لا يُنسى.

ارقد يا شهيد الكلمة،
فصوتك ما زال بيننا... يُوجِع.

وأطفالك...
كبروا قبل أوانهم، ليس لأن الزمن أنصفهم، بل لأنهم استيقظوا ذات صباح على وطنٍ اغتال أباهم أمام صمت الصامتين.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!
- حين تُناديه الأُمُّ... ولا يُجيبُ!
- حين ينكسرُ قلبُ الأب… ولا أحدَ يسمع!
- مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل المل ...
- محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!
- شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!


المزيد.....




- قبل شن ضربة قطر.. ترامب يشعل تفاعلا بكشف اتصال إيراني وما قا ...
- ترامب يشيد بالضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية ...
- ترامب ينتقد محاكمة نتانياهو ويصفها بـ-الاضطهاد- ويشيد بدوره ...
- تقرير: إسرائيل توقف إدخال المساعدات لغزة انتظارا لخطة الجيش ...
- البيت الأبيض: يورانيوم إيران المخصب -تحت الأنقاض-
- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!