أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل الملجأُ إلى مقبرةٍ!















المزيد.....

مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل الملجأُ إلى مقبرةٍ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 15:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


ظهر يوم 6 حزيران 1982، قطعتُ المسافة مشياً على الأقدام من منطقة أبو الأسود إلى مدينة صيدا، وكان برفقتي أخي الأصغر أحمد. لم نكن نعرف إلى أين سيقودنا المسير، لكننا هربنا من القصف، نحمل الخوف في أعيننا والقلق في قلوبنا.

وصلنا إلى مدينة صيدا مساء ذلك اليوم، وبتنا ليلتنا في منطقة حي الحاج حافظ، وظننا أننا وجدنا ملاذاً مؤقتاً من أهوال الحرب، لكن بعد ليلتين فقط، وفي يوم 8 حزيران، كانت طائرات الاحتلال تجوب سماء المدينة على علوٍّ منخفض، تكاد تلامس أسطح المباني، حتى بدا صوتها كصفير الموت القادم.

في ذلك اليوم الأسود، استهدفت الطائرات مدرسة ثانوية صيدا الرسمية – المدخل الجنوبي، حيث لجأ إليها مئات المدنيين من الجنوب، بحثاً عن الأمان، لكن المكان تحوّل إلى مقبرة جماعية، فقد دمّرت الطائرات المدرسة بمن فيها.
لم ينجُ إلا قلة قليلة، وكان جميع من في الملجأ من الأبرياء.

تقع المدرسة شرق مدرسة الراهبات عند المدخل الجنوبي للمدينة.
كانت الانفجارات تهزّ الأرض، كأن القيامة قد قامت. سحب الدخان ملأت السماء، والصراخ امتزج بصوت الطائرات والصواريخ. ركضتُ وتوقفتُ بجانب حائطٍ مهدّم، وهناك رأيت شاباً محترقاً لا يزال حياً. معالم وجهه كانت قد تغيّرت تماماً، لكنه بدأ يتحدث إليّ وكأنه يعرفني، وكان صوته مألوفاً.

تحدث معي مطوّلاً، وفي النهاية قال لي بصوت حزين: "ماذا أصابك يا محمود؟ وأين أهلك؟"
كلماته كانت كوقع الصاعقة. كيف يعرفني؟ من هو؟
بعدها فقط عرفت أنه زميلي في المدرسة المتوسطة، حسن الطايع، الذي نجا من المجزرة، لكنه فقد كل شيء.
خسر حسن أكثر من أربعين فرداً من عائلته ومن أبناء عشيرته "عرب السويطات".

نجا بجسده، لكنه خرج محمولاً بجراح لا تشفى، وبذاكرة لن تهدأ.

كم من مجزرة تحتاجها أرواحُنا حتى نفهم أن الدم ليس مجرد خبرٍ عابر؟ وكم من شهقةِ طفلٍ تحت الركام، أو نظرةِ أمٍّ تنبش التراب بيديها، تكفي لتوقظ ضمير العالم؟
في مدرسة صيدا الرسمية – المدخل الجنوبي، لم تُقتل الأجساد فقط، بل قُتلت الأحلام والذاكرة. أطفالٌ لم يعرفوا من الحياة سوى الهرب، نساءٌ حملن الخوف بدل الأطفال، وشيوخٌ ماتوا مرتين: مرةً بالقصف، ومرةً بالنسيان.

ماتوا، ولم يسأل أحد عنهم.
ماتوا، والسماء لا تزال مفتوحة للطائرات ذاتها.
ماتوا، ونحن نعيش كأنّهم لم يكونوا.

نجا حسن الطايع بجسده، لكن قلبه ظلّ هناك، تحت أنقاض المدرسة، يصيح: لا تنسونا... لا تتركوا ذاكرتنا تحترق كما احترقت أجسادنا.

ربما يكون الموت أهون من أن تُقتل مرتين: مرةً بالصاروخ، ومرةً بصمت العالم.

بعد مرور أكثر من أربعة عقود على مجزرة مدرسة صيدا الرسمية – المدخل الجنوبي، لا تزال دماء الأبرياء تصرخ في وجه النسيان. لم تُشكَّل لجنة تحقيق مستقلة، ولم تُنشر قوائم رسمية توثّق أسماء الشهداء الذين قضوا في ذاك الملجأ الذي تحوّل إلى مقبرة، ولا أرشيف وطني يحفظ حكاياتهم. وحدها ذاكرة من عاشوا الفاجعة تحتفظ بالأسماء، بالوجوه، بالصراخ المكتوم تحت الركام.
فكيف تُبنى ذاكرة وطنٍ بلا أسماء لشهدائه؟ وكيف نكتب تاريخنا إذا أصرّ الرسميون على محوه بالصمت؟

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.
..........................

من شهداء عشيرة عرب السويطات في مجزرة مدرسة صيدا الرسمية – المدخل الجنوبي يوم 8 حزيران 1982:

1. حامد أحمد الأحمد / مواليد 1938، جدين - فلسطين.

2. خبصة حسين الأسعد / مواليد 1944، الكابري - فلسطين.

3. سلوى حامد الأحمد / مواليد 1963، جمجيم - أبو الأسود.

4. سميرة حامد الأحمد / مواليد 1965، جمجيم - أبو الأسود.

5. سعاد حامد الأحمد / مواليد 1966، جمجيم - أبو الأسود.

6. أحمد حامد الأحمد / مواليد 1969، جمجيم - أبو الأسود.

7. زياد حامد الأحمد / مواليد 1971، جمجيم - أبو الأسود.

8. إياد حامد الأحمد / مواليد 1972، جمجيم - أبو الأسود.

9. أيمن حامد الأحمد / مواليد 1974، جمجيم - أبو الأسود.

10. إيمان حامد الأحمد / مواليد 1976، جمجيم - أبو الأسود.

11. زكي حامد الأحمد / مواليد 1978، جمجيم - أبو الأسود.

12. ذيبة حسين الأسعد / مواليد 1938، الكابري - فلسطين.

13. كاملة محمود الأحمد / مواليد 1960، جمجيم - أبو الأسود.

14. نعيم محمود الأحمد / مواليد 1964، جمجيم - أبو الأسود.

15. ياسر محمود الأحمد / مواليد 1968، جمجيم - أبو الأسود.

16. يسرى محمود الأحمد / مواليد 1970، جمجيم - أبو الأسود.

17. مها محمود الأحمد / مواليد 1972، جمجيم - أبو الأسود.

18. نهى محمود الأحمد / مواليد 1974، جمجيم - أبو الأسود.

19. حسان محمود الأحمد / مواليد 1976، جمجيم - أبو الأسود.

20. فضة قاسم عوض / مواليد 1908، جدين - فلسطين.

21. طمشة محمد الأحمد / مواليد 1910، جدين - فلسطين.

22. رفاعية يوسف الناصر / مواليد 1910، بلد الشيخ - فلسطين.

23. عليا حسين الأسعد / مواليد 1940، فلسطين.

24. منى علي الأحمد / مواليد 1965، جمجيم - أبو الأسود. .

25. تمام علي الأحمد / مواليد 1970، جمجيم - أبو الأسود.

26. هيام علي الأحمد / مواليد 1971، جمجيم - أبو الأسود.

27. ابتسام علي الأحمد / مواليد 1973، جمجيم - أبو الأسود.

28. حسن علي الأحمد / مواليد 1975، جمجيم - أبو الأسود.

29. فاطمة خالد درويش / مواليد 1943، فلسطين.

30. عماد نايف الأحمد / مواليد 1966، جمجيم - أبو الأسود.

31. ناديا نايف الأحمد / مواليد 1967، جمجيم - أبو الأسود.

32. فادية نايف الأحمد / مواليد 1969، جمجيم - أبو الأسود.

33. فادي نايف الأحمد / مواليد 1972، جمجيم - أبو الأسود.

34. أحمد نايف الأحمد / مواليد 1973، جمجيم - أبو الأسود.

35. هيثم نايف الأحمد / مواليد 1976، جمجيم - أبو الأسود.

36. شادية نايف الأحمد / مواليد 1977، جمجيم - أبو الأسود.

37. باسم نايف الأحمد / مواليد 1979، جمجيم - أبو الأسود.

38. وسيم نايف الأحمد / مواليد 1981، جمجيم - أبو الأسود.

39. حسين محمد الأحمد / مواليد 1978، جمجيم - أبو الأسود.

📌 تنويه:
هذا الإحصاء جهدٌ شخصيّ قمتُ به في صيف عام 1983، ويشمل فقط شهداء مجزرة ملجأ مدرسة صيدا الرسمية – المدخل الجنوبي، ولا يشمل شهداء مدينة صيدا، لذا اقتضى التوضيح.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!
- شهد الصوّاف... صرخةٌ جائعةٌ في وجه أُمَّةٍ خذلتها!
- مارغريت تاتشر... حين قالت: -أنا لست زعيماً عربياً-!
- خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...


المزيد.....




- إسرائيل تعلن عن أول وفاة جراء الهجوم الإيراني
- إصابة نائب تركي باعتداءات على نشطاء -قافلة الصمود- في مصر
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل الملجأُ إلى مقبرةٍ!