أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!














المزيد.....

غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 22:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


كشفت حرب غزّة الأخيرة هشاشة البنية السياسية والأخلاقية في العالم العربي، وفضحت ما كان يُخفى لسنوات تحت شعارات القومية والوحدة والدين.

قالوا لنا يوماً: "العرب جسدٌ واحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى"، لكن غزّة اليوم تتلوّى وحدها، تنهشها أنيابُ القصف، وتغصّ بدماء الأطفال، ولا أحد يسهر... ولا أحد يحمي.

كذبوا علينا حين قالوا: "العرب أوفياء". فالعروبة اليوم في غيبوبة، والعواصم العربية يلفّها الصمت، والخذلان صار هو اللغة السائدة. المواقف الخجولة تُباع وتُشترى على موائد التطبيع، والدم العربي يُساوم عليه في صفقات الغاز والمعابر والمعاهدات.

يا غزّة، كم مرّةً كتبنا فيكِ قصائد المجد، ثم رميناها في الأدراج؟ كم مرّةً صرخنا باسمكِ في الساحات، ثم بعناكِ في مزاد السياسة؟
أيُّ خذلانٍ هذا الذي تعانينه من إخوتكِ؟ وأيُّ عارٍ يسكنُ الحناجر؟

لقد أظهرت حرب غزّة انقساماً حادّاً في مواقف الدول العربية، وكشفت انتماءاتها الحقيقية. لم تعد الشعارات تنطلي على الشعوب. بات من الواضح لأبسط مواطن عربي، من المحيط إلى الخليج، من هي الأنظمة العميلة، وما هي الأحزاب التابعة — سواء كانت دينية تتاجر بالمقاومة، أو يسارية تروّج لكيان الاحتلال تحت عباءة "الواقعية".

غزّة اليوم بلا كهرباء، بلا ماء، بلا دواء... فقط رُكام، وأنينُ أمّهات، وعيونٌ تبحث في السماء عن إجابة. لكنّ السماء صامتة... والعرب كذلك.

نحن لا نطلب من العروبة جيوشاً، ولا طائرات، بل فقط شيئاً من الإنسانيّة. ألا يُصفَّق للمحتل، وألا تُصافح الأيادي الملطّخة بالدم.
لكن يبدو أنّ في هذا الزمن، حتى الإنسانيّة باتت سلعة تخضع للمصالح.

نحن أمام لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة، إذ تتغيّر ملامح الخريطة السياسية، وتتهيّأ الشعوب لانتفاضات قادمة، بثوبٍ جديد، قد لا يشبه ما عرفناه من قبل، لكنها قادمة لا محالة. فالغضب يتراكم، والنقمة تتأجّج، والسقوط آتٍ لا مفرّ منه.

دولٌ كثيرة مرشّحة للسقوط، ودول ستُعلن إفلاسها، ودول قد تشهد انقلابات عسكرية أو حروباً أهلية، لأن الأنظمة التي خذلت شعوبها، ووقفت على الحياد أمام المجازر، لا تملك شرعية البقاء. وهذه الدول، مهما طال عمرها، ستتلاشى بفعل حركة التاريخ.

غزّة لا تبكي لأنّ القصف اشتدّ، بل تبكي لأنّ الخذلان أوجعُ من الصواريخ. وإن كان في الغدر دروسٌ، فإننا اليوم نكتب على جدران الألم:
"العربيّ فقد الوفاء"،
و"كذبوا حين قالوا إنّ العرب أوفياء".

نموت في غزّة كلّ يوم، لا لأنّنا ضعفاء، بل لأنّنا وحدنا نقاتل العالم كله. نحمل على أكتافنا ثقل أمةٍ نسيتنا، وتركتنا نحترق في صمت.
صرخنا كثيراً... فلم يسمع أحد، وكتبنا بالدم... فلم يقرأ أحد.
واليوم، لا نطلب شيئاً، لا انتظار، لا رجاء، فقط أن تُكتب الحقيقة على شاهدِ قبرِنا:

"هنا مات الوفاء، ودفن العرب رؤوسهم في التراب."

خذلنا العرب، لا لأنّهم عاجزون، بل لأنّ النخوة ماتت فيهم بصمت.
ماتت النخوة، وتُركت غزّة وحيدةً تُكفّن أبناءها بيديها،
بينما العروبة تحوّلت إلى كلمةٍ جوفاء... تُردَّد كثيراً، لكنها تسقط من القلوب كما تسقط الورود على قبورٍ منسيّة.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا ...
- غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!
- نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!
- حين تُناديه الأُمُّ... ولا يُجيبُ!
- حين ينكسرُ قلبُ الأب… ولا أحدَ يسمع!
- مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل المل ...
- محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ


المزيد.....




- الرئيس الأمريكي يوقع على اتفاق سلام لإنهاء أحد أقدم الصراعات ...
- بيزنس إنسايدر: قطر أسقطت الصواريخ الإيرانية ببطاريات باتريوت ...
- الرئيس الجيبوتي يعتزم تفعيل دور -إيغاد- لحل الأزمة السودانية ...
- جنرال أميركي يكشف سبب عدم قصف موقع إيراني نووي بقنابل خارقة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يحبط -محاولة ديمقراطية- لتقييد قدرة ترامب ...
- عراقجي: على ترامب التوقف عن استخدام لهجة غير لائقة تجاه المر ...
- مجلس الشيوخ يرفض تقييد صلاحيات ترامب في الحرب مع إيران
- مقتل مواطنين عراقيين في تركيا.. وتحرك عاجل للسلطات
- أول رد من إيران على تصريحات ترامب عن -إنقاذ خامنئي من موت مش ...
- تحقيق إسرائيلي يكشف عن أوامر بقتل فلسطينيين أثناء تلقيهم مسا ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!