أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!














المزيد.....

وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 21:54
المحور: الادب والفن
    


في بكفيا، حيث التقت السماء بالأرض في مشهدٍ جنائزيٍّ مهيب، دخلت السيدة فيروز الكنيسة... ولم يدخل معها الزمن. توقّف كلّ شيء. وحده الحزن كان يسير ببطء، يسبق خطواتها الثقيلة، يغمر الطريق بالصمت، ويملأ الهواء برائحة وداع لا يشبه سوى فجيعة أمٍّ في ابنها.

لم تدخل فيروز لتغنّي، ولا لتتلقّى التصفيق، بل جاءت بقلبٍ مثقوب، تحمله بين ضلوعها كطفلٍ جريح. إنها اللحظة التي ينكسر فيها الصوت، وتتعثّر فيها اللغة، وتصبح الأسطورة أمّاً مكسورة... لا أكثر.

كانت ترتدي السواد، لكن وجهها كان الأبيض الأخير في هذا الحداد. وجهٌ يحمل في قسماته أوجاع عمرٍ طويل: رحيل زوجها عاصي الرحباني، ثم ابنتها ليال، وها هو اليوم ابنها زياد. وكأنّ الحياة تأبى إلا أن تقتطع من قلبها قطعةً بعد أخرى.
زياد، ذلك الابن الذي لم يكن ابناً فحسب، بل كان لغتها الثانية، ظلّها، مرآتها الفنية، عنفوانها في زمنٍ حاول إخضاعها، ودفئها في ليالي الحنين الطويلة.

اليوم، ترحل ملامحه الموسيقية، ويبقى صداه الذي تركه خلفه، يسكن فيروز كما يسكننا. يرحل زياد وتبقى فيروز في مشهدها الصامت، كما كانت دائماً، لكنّ صمتها اليوم أكثر وجعاً، معلّقٌ كتعويذةٍ على أبواب الكنيسة، صمتٌ لا يفكّه سوى دموع الملايين الذين أحبّوا صوتها وصوته، ووجدوهما معاً وطناً ومأوى.

لم تتكلّم فيروز... لكنها قالت كلّ شيء. عيناها كانتا ترتجفان بنداءٍ لا يُسمع، وخطوتها كانت صلاة. وقفت أمام نعش زياد كما وقفت أمام الزمن كلّه: شامخة، حزينة، ومتعبة. كأنّها تقول: "ها هو قلبي... خذوه برفق".

في هذا اليوم، لم تبكِ أمٌّ فقط، بل بكت بيروت، وغنّت الجبال مرثية لحنٍ لن يُعاد. رحل زياد الرحباني، وبقيت فيروز... صدى وجعٍ لا يهدأ، ونشيدُ أمٍّ تنحني للحزن، ولا تنكسر.

* محمود كلّم: كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!
- رحيل زياد الرحباني: صمت البيانو.. وانطفأ الضوء في المسرح!
- أحمد مرعي ناصر... شاعر الأرض الذي حملتهُ الرّياحُ إِلى سعسع!
- جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!
- غزة... مرثيةُ أمةٍ فقدت شرفها!
- الطفلة شام تسأل عن الطعام في الجنة، وغزة تموت جوعاً!
- نداء عاجل إلى العشائر العربية المتجهة إلى السويداء!
- بين الترفيع والترقيع: المشهد الفلسطيني في لبنان تحت المجهر
- الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!
- بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة
- غريبٌ بين النجوم
- إِصلاحٌ أم انتقامٌ؟ قراءةٌ في تحرُّكاتِ -القيادةِ الفلسطينيّ ...
- ما بين -الشجرة- وغزة... أنشودة الدم التي لا تموت!
- غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!
- غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!
- غزة... وحيدة في ليل الخذلان!
- غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!
- غزّة... وأبو الحن في فخِّ المُساعدات!
- غزّة... لا مفرّ: نُزُوحٌ من الموتِ إِلى الموتِ!


المزيد.....




- عُمرٌ مَجرورٌ بالحياةِ
- باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية ...
- إنقاذ كنز أثري من نيران القصف الإسرائيلي على مدينة غزة
- يُرجح أنه هجوم إيراني.. عشرات الممثلين الإسرائيليين يقعون ضح ...
- غزة... حين تعلو نغمات الموسيقى على دوي الانفجارات والرصاص
- غزة: الموسيقى ملاذ الشباب الفلسطيني وسط أجواء الحرب والدمار ...
- سياسي من ديمقراطيي السويد يريد إيقاف مسرحية في مالمو – ”تساه ...
- وزير الثقافة الإيراني: سيتم إعداد فهرس المخطوطات الفارسية في ...
- رشيد حموني يساءل السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل حول أدو ...
- -الحياد ليس خيارا-: لماذا يتحدث عدد كبير من الفنانين الآن عن ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!