أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كلّم - الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!














المزيد.....

الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 07:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهدٍ يُدمي القلب، ظهر الشيخ الثمانيني مرهج شاهين مُهاناً، مكسور العينين، والدمعة على وجنتيه تنوب عن كل كلام. لم يحمل سلاحاً، ولم يكن في موقع اشتباك، بل بقي في بيته، ظنّاً منه أن شيبته ستحفظ له شيئاً من هيبة العمر، أو من حرمة الإنسان في أرضه، أو على الأقل... ستكبح يد قاتلٍ عن إطلاق الرصاص على قلبٍ ضعيف خذلته حتى سنواته الطوال.

لكنه مات قهراً، كما تموت الحرائر حين تُذبح الكرامة أمام أعينهن.
لم يُقتل بالرصاص، بل خُذل، وأُهين، وتُرك في لحظةٍ كُشفت فيها كل الأقنعة، وسقطت كل الشعارات.

ما فعله ذلك "الداعشيّ" في لباسٍ رسمي لا يُظهر شجاعة ولا رجولة، بل يكشف عن خواءٍ داخلي ونقصٍ في المروءة والأخلاق. أن تمتدّ يد هذا الكائن الحي لتهين وقار شيخٍ طاعنٍ في السنّ بعمر جده، فهو سقوطٌ أخلاقي لا يُمثّل شرف الرجال ولا كرامة الأحرار.
تصرّفٌ لا يدلّ إلا على نذالةٍ وجُبنٍ يختبئان خلف لحظة استعراضٍ رخيص، ويُعبّر عن انحدارٍ أخلاقيٍّ مبتذل، لا يليق حتى بالذئاب الجائعة.

قُتل الشيخ مرهج كما قُتل غيره من الشيوخ في مشاهد كثيرة عبر هذا الشرق المثقل بالخيانة.
قُتل كما قُتل أجدادُنا في دير ياسين، حين دخلت عصابات الهاجاناه وشتيرن وذبحت النساء والأطفال والشيوخ بدمٍ بارد، وهم يرفعون الرايات البيضاء ويصرخون: "نحن آمنون!".
قُتل كما ذُبح أبناء سنجار والأنبار والموصل على يد داعش، تلك التنظيمات التي حملت راياتٍ زائفة، وتحدثت باسم الدين، لكن سكاكينها كانت تُغرس في خاصرة الطفولة والتاريخ والعقيدة.
وقُتل كما قُتل أطفال الغوطة وحلب ودير الزور، في حفلات قصفٍ لم تفرّق بين سرير وبيت صلاة.

ما يحدث اليوم في السويداء ليس حدثاً معزولاً، بل صفحة أخرى تُضاف إلى سِفرٍ طويلٍ من المآسي، نكتبه منذ قرنٍ تقريباً، حين قرر العالم أن يجعل من دمنا حبراً لخرائطه الجديدة.
الثعلة اليوم كما السويداء هي دير ياسين ، ومرهج شاهين هو الشيخ فرحان السعدي، الذي أعدمه الإنجليز وهو صائم في رمضان.
البيوت التي اقتحموها، والوجوه التي غابت تحت الأنقاض، هي ذاتها التي ضاعت في صبرا وشاتيلا، أو سُحقت تحت أعلام التنظيمات المتطرفة التي لا تعرف من الله إلا ما يُستخدم غطاءً للقتل.

أليس مُفجعاً أن لا تأمن شيبةُ الرجل، ولا زغرودةُ الأم، ولا حتى مهدُ الطفل؟
وأن تتحوّل مفردات مثل "حماية السكان" و"التهدئة" إلى كلماتٍ مرعبة تعني القتل القريب؟

في زمنٍ انقلبت فيه المعاني، صار الشيخ الشهيد صورةً تُمرَّر على "العاجل"، قبل أن تمحوها الأخبار القادمة من جُرحٍ آخر.
لكن وجع الثمانيني لا يُمحى، ودمعته تظلّ شاهدة.
شاهدة على خذلاننا، على صمتنا، على فشلنا الجماعي في حماية أضعف ما فينا.

وحده الله يعلم كم من "مرهج شاهين" خذلناه،
ووحده التاريخ، سيحكم أيّنا كان القاتل، وأيّنا صمت والدم يجري أمامه.



[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة
- غريبٌ بين النجوم
- إِصلاحٌ أم انتقامٌ؟ قراءةٌ في تحرُّكاتِ -القيادةِ الفلسطينيّ ...
- ما بين -الشجرة- وغزة... أنشودة الدم التي لا تموت!
- غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!
- غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!
- غزة... وحيدة في ليل الخذلان!
- غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!
- غزّة... وأبو الحن في فخِّ المُساعدات!
- غزّة... لا مفرّ: نُزُوحٌ من الموتِ إِلى الموتِ!
- من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!
- غزّة... تنزفُ في عرض البحر!
- غزّة تنزف بصمت... وأمريكا تُدير المجزرة!
- غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!
- سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا ...
- غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!


المزيد.....




- محكمة استئناف فرنسية تقضي بالإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله ...
- من هي الجماعات المسلحة المتصارعة في سوريا؟
- الجيش السوري ينسحب من السويداء.. الشرع يؤكد أن الدروز جزء أس ...
- سوريا ـ انسحاب قوات الحكومة من السويداء وتكليف الدروز بحفظ ا ...
- أوبر تفتح أبوابها للتاكسي الصيني ذاتي القيادة.. والشرق الأوس ...
- الولايات المتحدة ترحّل مهاجرين لدولة أفريقية وسط مخاوف حقوقي ...
- لماذا تغيب روسيا عن التطورات الأخيرة في سوريا؟
- كيف تربح أميركا من حرب روسيا على أوكرانيا؟
- إصابة 5 جنود إسرائيليين والقسام تعلن عن عمليات في غزة
- لا يسكنها أحد.. كيف أصبحت عشرات القرى البلغارية خالية؟


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كلّم - الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!