أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!














المزيد.....

أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 20:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


"أنأكلُ الطعام، ونلبسُ الثياب، وبنو هاشمٍ هلكى؟!"

صرخة أطلقها زهير بن أبي أمية، أحد كفار قريش، في زمن الجاهلية، حين بلغ به الوجدان والمروءة أن يرفض الظلم، لا لأنه مسلم، بل لأنه إنسان. رفض أن يهنأ بلقمة طعام بينما تُحاصر بطونٌ جائعة، ويُمنع عن أهلها البيع والشراء، فقط لأنهم تمسكوا بمبدأ. هبّ زهير، وقال كلمته، وأعلن موقفه في وجه صحيفة القطيعة الظالمة، وقال:

"والله لا أقعد حتى تُشَقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة."



فهل بقي في هذا الزمن من يشبه زهيراً؟

هل بقي من يرفض أن يأكل وهو يعلم أن في غزة من لا يجد خبزاً؟

هل بقي من يمتنع عن البهجة، وهو يرى جثث الأطفال تزيّن الأرض في رفح وخان يونس وجباليا؟

هل بقي من تحركه ذرة من مروءة الجاهلية، بعدما غابت عن وجوه العرب والمسلمين حتى مروءة الإنسانية؟



اليوم، في القرن الحادي والعشرين، في عصر الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي ومؤتمرات السلام، تُباد غزة على مرأى ومسمع من العالم كله. يُحاصر أهلها، يُمنعون من الدواء، ويُقصفون في المشافي والمدارس والمخيمات، ويموتون وهم يفتشون في ركام منازلهم عن رغيف. تُبتَر أطراف الأطفال، وتُدفن النساء أحياءً، ويطحنُ الشيوخ تحت جنازيرِ الدباباتِ.



غزة لم تُحاصر تسعة أيام كما حُوصِر بنو هاشم، بل حوصرت سنوات، بل عقوداً، دون أن يشقّ أحد صحيفة الظلم التي كتبها العالم.

من ينقذ غزة؟

من يصرخ: "أنأكل الطعام، وأهل غزة جوعى؟!"



في الجاهلية، لما وقع الظلم، نطقت الألسنة واهتزت القلوب. أما اليوم، فقد خرس الصوت، وصمتت العواصم، وخضعت الشعوب، ونام الضمير.

حكامٌ يهرولون نحو التطبيع، وآخرون يرفعون شعارات الحياد والتهدئة، وكأن الحياد في المجازر فضيلة.

شعوبٌ مُنهكة، ووسائل إعلام مشغولة بالمهرجانات، والمسلسلات، والتفاهة.



لقد مات الضمير، ولم يبقَ من العروبة إلا اللغة، ومن الإسلام إلا الاسم.



غزة تُباد، وفلسطين تُذبح، والعالم العربي والإسلامي يعيش حالة موت سريري.

لا أحد يصرخ كما صرخ زهير.

لا أحد يقف كما وقف سعد بن أبي وقاص، أو عمر، أو علي، أو صلاح الدين.

أمة المليار مسلم تبدو وكأنها تُقبر وهي حيّة؛ لا تحس، لا تهتز، لا تثور.



كانت جاهلية الأمس أشرف من حضارة اليوم.

في الجاهلية، كان هناك رجال، وكان هناك ضمير.

أما في زمن المكيفات وناطحات السحاب، فقد ماتت المروءة، وسقطت الرجولة، وذُبح الإنسان.



في الجاهلية، وقف رجلٌ كافر في وجه قبيلته، وأبطل صحيفة الظلم.

أما اليوم، فالمسلم يمرّ على المجازر مرور الكرام، وربما يلوم الضحية على موتها.

في الجاهلية، حرّك الجوع القلوب.

أما اليوم، فالجوعى يحرّكون "الترند" لبضع ساعات، ثم يُنسَون.



يا أمةً أكلها الذل...

أما آن لكِ أن تصحي من موتك؟

أما آن لكِ أن تقولي: كفى؟

أما آن لكِ أن تتذكّري زهيراً الكافر، فتخجلي من صمتكِ وأنتِ تقرئين القرآن؟!



قال أحدُ الشُّعراءِ:

لقد أَسمعتَ لو ناديتَ حيّاً *ولكن لا حياة لمن تُنادي

ولو ناراً نفختَ بها أضاءت *ولكن أنتَ تَنفُخُ في رمادِ



[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل زياد الرحباني: صمت البيانو.. وانطفأ الضوء في المسرح!
- أحمد مرعي ناصر... شاعر الأرض الذي حملتهُ الرّياحُ إِلى سعسع!
- جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!
- غزة... مرثيةُ أمةٍ فقدت شرفها!
- الطفلة شام تسأل عن الطعام في الجنة، وغزة تموت جوعاً!
- نداء عاجل إلى العشائر العربية المتجهة إلى السويداء!
- بين الترفيع والترقيع: المشهد الفلسطيني في لبنان تحت المجهر
- الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!
- بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة
- غريبٌ بين النجوم
- إِصلاحٌ أم انتقامٌ؟ قراءةٌ في تحرُّكاتِ -القيادةِ الفلسطينيّ ...
- ما بين -الشجرة- وغزة... أنشودة الدم التي لا تموت!
- غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!
- غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!
- غزة... وحيدة في ليل الخذلان!
- غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!
- غزّة... وأبو الحن في فخِّ المُساعدات!
- غزّة... لا مفرّ: نُزُوحٌ من الموتِ إِلى الموتِ!
- من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!


المزيد.....




- انطلاق “مرصد الإعلام الفيلي” كمؤسسة إعلامية مستقلة لرصد وتحل ...
- ما ترتيب زلزال روسيا من بين أقوى الزلازل المسجلة؟
- مع إعلان ترامب موعداً نهائياً أمام موسكو، الغارات الروسية تو ...
- زلزال بقوة 8,7 درجات يضرب كامتشاتكا الروسية مسببا موجات تسون ...
- زلزال بقوة 8.7 درجات يضرب كامتشاتكا الروسية ويثير تسونامي با ...
- مجوّعو غزة يبثون شكواهم.. رمضان أبو سكران
- خلاف مصري إماراتي يؤجل اجتماع واشنطن حول الحرب في السودان
- الاحتلال يقتحم عزاء الشهيد الهذالين بمسافر يطا جنوب الخليل
- زلزال بقوة 8 درجات يقع قبالة الساحل الشرقي لروسيا.. وتحذير أ ...
- عاجل | ترامب: مراكز الطعام في غزة ستبدأ عملها قريبا


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!