أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!














المزيد.....

في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 01:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


قال نيلسون مانديلا ذات مرة:
"الفسادُ ليس مجرد سرقةٍ للمال العام، بل هو سرقةٌ لأحلام الناس ومستقبلهم."

هذه الكلمات، التي عبّرت عن وجع شعوب عانت الظلم والاضطهاد، تصدح اليوم بقوة في أرض فلسطين. فبينما كان حلم التحرر يتفتح في صدور الفلسطينيين، كان الفساد ينسج خيوطه في الظل، ليحوّل أحلام الملايين إلى رهائن في لعبة السلطة والمال.

لم يكن الفلسطينيون، حين خرجوا في شوارع المخيمات قبل عقود، يحملون سوى إيمانهم بعدالة قضيتهم. كانت الثورة الفلسطينية المعاصرة يوماً ما صرخةً في وجه الظلم، ورايةً للتحرر من الاحتلال، وأملاً لأجيال كاملة وُلدت في المنافي. لكن شيئاً ما انكسر في هذا الطريق الطويل، وكأن الحلم اختُطف من بين الأيدي، ليتحوّل إلى غنيمةٍ يتقاسمها المتنفذون، ومشروعٍ شخصي لفئة قليلة باسم "القضية".

اليوم، لم يعد الفساد مجرد ملف إداري أو اختلاس مالي، بل صار جريمة سياسية وأخلاقية بحق شعب بأكمله. فبدلاً من أن تُصرف أموال الشعب على صموده في الأرض، وعلى دعم المقاومة، وعلى تعليم أبنائه وتوفير حياة كريمة لأسر الشهداء والأسرى، تُهدر الملايين في مكاتب فاخرة، ورحلات خاصة، وسيارات مصفحة، وحفلات سفارات تحاكي حياة البلاط الملكي، لا حياة شعب تحت الاحتلال.

في عواصم العالم، تحولت بعض سفارات السلطة إلى جزر منعزلة عن الوجع الفلسطيني. أما من يدخلها من أبناء الجالية فيرى العكس تماماً لما يتخيله؛ قاعات فاخرة، موائد ممتدة بما لذّ وطاب، مناسبات اجتماعية مترفة، وسفراء يعيشون حياة الأمراء، بينما المخيمات في لبنان وسوريا وغزة والضفة تكتوي بالفقر والبطالة.

إنها لوحات فسيفساء سوداء، تُرسم فيها دموع الأمهات بيد، وفي اليد الأخرى كأس نبيذ، تتراقص فيه ضحكات حفلات بلا طعم ولا روح. هناك، حيث تُقتل الأحلام، تُضاء الشموع على موائد الفجور، ويتحوّل وجع الأرض إلى مهرجان للبذخ.

والأخطر أن هذا الفساد يُغلَّف دائماً بشعارات رنانة: "من أجل الشعب"، "لدعم الصمود"، "لحشد التضامن الدولي". لكن الحقيقة أن هذه الشعارات تحوّلت إلى غطاء لنهب منظم، تتوزع غنائمه على شبكة مصالح متشابكة، تمتد من المكاتب في رام الله إلى القاعات المذهّبة في باريس وواشنطن.

إنها سرقة الليل الحالك، حين يحلم الفلسطينيون بالحرية، ويأتي هؤلاء ليسرقوا ضوء الفجر، تاركين خلفهم ظلاماً بارداً يتسلل إلى قلب كل طفل فلسطيني لا يزال ينتظر، لاجئاً في وطنه المسلوب.

حين يسرق فاسدٌ المال، فهو يسرق خبز الفقراء. لكن حين يسرق سياسيٌّ أحلام شعبه، فهو يقتل الروح الوطنية نفسها. وهذا ما يحدث اليوم مع جيل كامل من الشباب الفلسطيني الذي نشأ على قصص البطولة والتضحية، ليكتشف أن الثورة التي حلم بها صارت سلطة تحرس الاحتلال... لا الوطن.

أصبحت فلسطين مشهداً درامياً، حيث تصرخ الأحجار على جدران المدن: "أين أنتم، أيها الذين كنتم تحفظون لنا الحلم؟" بينما يلهو حكام السلطة في قصورهم، يتناولون الكؤوس الفارغة، ليس من الخمر فقط، بل من أي شعور بالمسؤولية أو الوجدان.

إن مشاهد البذخ في الخارج، وصور الفقر في الداخل، ليست صدفة، بل هي انعكاس لسياسة ممنهجة جعلت من الثورة مؤسسة بيروقراطية مترهلة، ومن القادة نخبةً من رجال الأعمال والسياسة الفاسدة، بينما بقيت فلسطين نفسها خارج جدول الأعمال الحقيقي.

يا حلمَنا الذي سرقوه في الظلام،
ترى، هل تسمعُ صدى نواحنا؟
في كل زاوية، على جدار الصمت والندم،
ينزف الوطنُ دموع الفقد والخذلان.

لم نعد نعرفُ سوى وجع الانتظار،
ونقيسُ الليل بخيبات الشعور والثمن،
لكن رغم الألم، تبقى في صدورنا نارٌ،
لا تُطفئها أموالُ البذخ ولا ظلالُ السُّفن.

فلسطينُ، رغم القسوة، تبقى تنادي:
لا تحزن، فالحلم لا يموتُ فينا أبداً.

[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مليارات تُصرف على الحروب... ماذا لو صُرفت على الحياة؟
- في زمن الهوان... حين تئنّ الأمة ويشرق الأمل!
- حينَ كان الذِّئبُ وفيّاً... وخذلنا البشرُ!
- حينَ بَكى الذِّئبُ... ونامَ الإِنسانُ!
- غزة: حين تصمُتُ الإنسانيّةُ وتتكلمُ المجازر!
- زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!
- أمير… طفلُ غزّة الذي مشى إِلى العدس فقتلتهُ رصاصةٌ: وصمةُ عا ...
- وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!
- أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!
- رحيل زياد الرحباني: صمت البيانو.. وانطفأ الضوء في المسرح!
- أحمد مرعي ناصر... شاعر الأرض الذي حملتهُ الرّياحُ إِلى سعسع!
- جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!
- غزة... مرثيةُ أمةٍ فقدت شرفها!
- الطفلة شام تسأل عن الطعام في الجنة، وغزة تموت جوعاً!
- نداء عاجل إلى العشائر العربية المتجهة إلى السويداء!
- بين الترفيع والترقيع: المشهد الفلسطيني في لبنان تحت المجهر
- الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!
- بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة
- غريبٌ بين النجوم


المزيد.....




- مصر.. صورة محمد رمضان مع لارا ترامب تشعل تفاعلا وتكهنات
- خلال موجات الحر.. ما كمية الماء التي يجب شربها؟
- بالفيديو.. متظاهرون يقتحمون استديو القناة 13 الإسرائيلية
- المدة والاستعداد.. تفاصيل الخطة الإسرائيلية للسيطرة على غزة ...
- الجيش الإسرائيلي يبدء تمرينا -مفاجئا- لاختبار الجاهزية
- هل تناول النودلز يومياً يؤثر على الصحة؟
- إليكم آخر مستجدات اجتماع ترامب المرتقب مع بوتين في ألاسكا دو ...
- بقيمة آلاف الدولارات.. عملية سطو في لوس أنجلس تستهدف دمى -لا ...
- بين المخاطر والفرص.. ما هي مصالح الهند في سوريا؟
- لماذا نبقى في علاقات بلا عنوان؟ دراسة تكشف خفايا -اللا-علاقا ...


المزيد.....

- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!