محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 20:51
المحور:
القضية الفلسطينية
يُحكى – والعهدة على الراوي – أنّه في القاهرة القديمة كان هناك "سوق للحمير"، ثم أُزيل هذا السوق، وبُني مكانه مبنى "جامعة الدول العربية".
وبينما ظنّ الناس أنّ الحمير قد انتهى عهدها… اكتشفوا أنّها فقط غيّرت اللافتة، وارتدت بدلة وربطة عنق، وصارت تُجيد إلقاء الخطب الافتتاحية: "نُدين… نَشجُب… نَستنكر… ونَشعُر بالقلق العميق!".
في سوق الحمير القديم، كان التاجر يصرخ بأعلى صوته:
– "الحمار دا شغّال وبيفهم، جرّب بنفسك!"
أمّا اليوم، ففي قمم القادة، تسمع الرئيس يقول:
– "نحن نعمل من أجل وحدة الصف العربي!"
ويصفّق الجميع بحرارة، رغم أنّ الصف العربي متبعثر كأوراق يانصيب قديم.
الحمير زمان كانوا يُباعون ويُشترون بوضوح، السعر مكتوب والسلعة أمامك.
أمّا في سوق السياسة العربي، فكل شيء يتم في الخفاء: الأوطان تُباع، والقرارات تُشترى، والشعوب مجرّد "بضاعة على الرف".
الفرق الوحيد بين السوقين:
في سوق الحمير القديم… كان البائع صريحاً، يقول لك: "الحمار عنيد".
أمّا في جامعة الدول… يخرج القائد بابتسامة ويقول لك: "نحن نصنع التاريخ"، بينما هو في الحقيقة يصنع بياناً ختامياً محفوظاً في الأدراج منذ عام 1945.
وبينما كانت الحمير قديماً وسيلةً للنقل… صارت اليوم رمزاً لكل من يحاول فهم المنطق العربي الرسمي.
يبدو أنّ الحمير لم تختفِ يوماً… بل غيّرت عنوانها من السوق الشعبي إلى القاعات المكيّفة.
[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟