أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!














المزيد.....

غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 18:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


غزة مرآة أمةٍ امتلأت مساجدها ومآذنها، لكنها فرّغت قلوبها من النخوة، واكتفت بالحياد البارد والدعاء الكسول، وتركت دماء أطفال غزة شاهداً على خيانة جماعية لا تُمحى.

غزة لم تكن مجرد حرب؛ كانت مرآةً. مرآة صافية إلى حد الوقاحة، انعكست عليها وجوه العرب والمسلمين بلا مساحيق تجميل، فظهروا عراة، باردين، يتقنون فن الهروب أكثر من فن النصرة.

من قال إن الردّة تحتاج إعلاناً؟ لم نسمع أحداً يصرّح: "كفرت بالقضية"، لكننا رأينا الملايين يختبئون خلف شعارات "الحياد"، ويستمتعون باستسلام "لا حول ولا قوة إلا بالله" و"حسبي الله ونعم الوكيل"، كأنها رخصة للنوم لا دعوة للفعل.

العرب الذين كانوا يوماً يتفاخرون بـ"النجدة"، صاروا اليوم خبراء في فنون الاعتذار:

اعتذار للدول الكبرى عن أي انفعال زائد.

اعتذار لوسائل الإعلام عن أي كلمة "جارحة".

اعتذار حتى للجلاد كي لا يزعل.

والمسلمون الذين كان يُفترض أن يذوبوا وجعاً لأجل مظلوم، ذابوا بدلاً من ذلك في جداول المباريات، ومواسم "الترفيه"، وحفلات "اللامبالاة". غزة تحت القصف، والعرب والمسلمون تحت "الستوري"، يصفّون صور العشاء لينشروها على "إنستغرام" بكل فخر.

أي إخوة هذه التي تحتاج تأشيرة وتصريحاً وختماً أمنياً قبل أن تتحرك؟ أي غيرة هذه التي تنطفئ عند حدود المعبر؟

إنها ليست هزيمة عسكرية، بل سقوط أخلاقي جماعي. سقوط صامت. كأن العرب والمسلمين صاروا متواطئين بالصمت، يغطون عجزهم بأحاديث مطوَّلة عن "الحكمة" و"التوازن". يا لها من أسماء رقيقة للجبن!

غزة لم تفضح الاحتلال بقدر ما فضحت العرب والمسلمين. فالاحتلال عدو معلوم، لم يغيّر أقنعتَه. أما العرب والمسلمون فصاروا أعداء أنفسهم: يكذبون على دم الشهداء ببيانات مكررة، يدفنون صرخات الأطفال تحت ركام نشرات الأخبار، ويستوردون من الغرب مفردات جديدة لتجميل الخيبة: "حل الدولتين"، "المسار السلمي"، "التطبيع كخيار استراتيجي".

كأن العرب والمسلمين يقولون لغزة: اصمدي وحدك، فلدينا أولويات أهم… مباريات الدوري، وأسعار النفط، وأعياد الميلاد الرسمية.

يا له من زمن بائس. زمن صار فيه الجلاد أكثر صدقاً من الضحية الصامتة. زمن يكفي فيه أن يكتب العربي أو المسلم منشوراً متعاطفاً ليشعر أنه "مقاوم".

غزة لا تحتاج دموع العرب والمسلمين، بل تحتقرها. غزة لا تنتظر قصائدهم، فقد شبعت منها. غزة فقط كشفتهم، مزقت آخر أوراق التوت، وتركتهم أمام أنفسهم: أمة كبيرة، غنية، مليئة بالمساجد والمآذن… لكنها مفلسة من النخوة والشرف والشهامة والكرامة.

[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة
- نزار بنات... حين قال -لا- ونام في تراب الوطن!
- أنس الشريف ومحمد قريقع… حين يكتب الشهداء وصية الحقيقة ويفضحو ...
- في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!
- مليارات تُصرف على الحروب... ماذا لو صُرفت على الحياة؟
- في زمن الهوان... حين تئنّ الأمة ويشرق الأمل!
- حينَ كان الذِّئبُ وفيّاً... وخذلنا البشرُ!
- حينَ بَكى الذِّئبُ... ونامَ الإِنسانُ!
- غزة: حين تصمُتُ الإنسانيّةُ وتتكلمُ المجازر!
- زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!
- أمير… طفلُ غزّة الذي مشى إِلى العدس فقتلتهُ رصاصةٌ: وصمةُ عا ...
- وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!
- أنأكل الطعام وغزة تحترق؟!
- رحيل زياد الرحباني: صمت البيانو.. وانطفأ الضوء في المسرح!
- أحمد مرعي ناصر... شاعر الأرض الذي حملتهُ الرّياحُ إِلى سعسع!
- جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!
- غزة... مرثيةُ أمةٍ فقدت شرفها!


المزيد.....




- اليوم 701 للحرب على غزة: قتل وجوع ونتنياهو يؤكد: لن تنتهي ال ...
- -رسالة نصر- أم -لعبة سياسية-؟ ترامب يعيد إحياء وزارة الحرب
- دول عربية تدين تصريحات نتنياهو وتدعم موقف مصر الرافض للتهجير ...
- شهادات صادمة بـ-محكمة غزة الشعبية- في بريطانيا
- واشنطن بوست تدافع عن تسمية وزارة الحرب
- بعد عمر الستين.. توقيت وجبة الإفطار مؤشر على صحتك
- عنزة قزمة تثير الرعب في حي سكني بأمريكا.. شاهد كيف
- نباتات تتوهّح في الظلام.. ما سر هذا الجدار العجيب؟
- هل يشعل نزع سلاح حزب الله فتيل صراع جديد في لبنان؟
- هل يُهدد -فرض السيادة الإسرائيلية- على الضفة، اتفاق التطبيع ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!