أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ والدّمِ!














المزيد.....

نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ والدّمِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 08:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ تتراجع فيه القيم، وتغيب فيه المواقف، كان نزار بنات صوتاً لا ينكسر، رجلاً لا يعرف أنصاف المواقف، وكان وفيّاً حتى آخر رمق. حين خاض الشيخ ماهر الأخرس إضرابه عن الطعام من قلب زنزانته في سجون الاحتلال، لم يتردد نزار لحظة واحدة. لم ينتظر دعوة، ولم يحتج إلى توجيه، بل خرج في فيديو مؤثّر، تحدّث فيه بحرارة وألم عن معاناة الشيخ ماهر الأخرس، عن صموده، عن قضيته التي لم تكن يوماً شخصية، بل كانت عنواناً لصمود الفلسطيني الحر.

قال نزار بنات في ذلك الفيديو: "هؤلاء لا يملكون إلا أجسادهم، ونحن نملك الكلمة... أقلّ ما يمكن أن نقدّمه أن نتحدث، أن نرفع الصوت." وهكذا فعل. أضاء نزار على تفاصيل أُريد لها أن تُنسى، وأعاد الشيخ ماهر إلى واجهة الكرامة الوطنية، حيث كان يجب أن يكون.

وبعد تحرّر الشيخ ماهر الأخرس، لم ينسَ أبداً موقف نزار. دعا إلى عزومة كبيرة، وكان نزار من بين المدعوين شخصيّاً. بفرحة طفل، عاد نزار بنات إلى بيته يومها ووجهه يلمع من السعادة، وقال لزوجته جيهان(أم كفاح): "توقّعي من عزمني؟" ثم أجاب بنفسه: "الشيخ ماهر."

كانت زوجته حاملاً في شهرها السابع بابنه خليل، عام 2019، فأصرّ نزار على ألّا تُرافقه خوفاً على صحتها، وقال: "ياريت آخذك، بس بخاف عليكِ من الطريق."
ووعدها أن يكون لها مشوار خاص بعد أن تضع مولودها... ولكن الزمن لم يمهله.

حين اغتيل نزار بنات، لم يكن الشيخ ماهر من أولئك الذين يكتفون بالنعي أو بكلمات عابرة. بل وقف، وصرخ، وسار في كل مظاهرة، ووقف على باب بيت نزار، وزار عائلة نزار وأولاده أكثر من مرة. وفي عزاء الشهيد باسل الأعرج، التقى بـ"أم كفاح"، وقال لها: "دم نزار غالٍ."
فأجابته: "ولا بكنوز العالم."
هزّ رأسه، وقال: "والله صدقتِ."

لم يسكت الشيخ ماهر. ظلّ يدافع عن دم نزار وهو مُطارَد، وهو معتقل، وهو في السجن. ظلّ الصوت الذي أراده نزار أن يبقى. ظلّ أميناً على إرث الكلمة والموقف.

نزار بنات، الذي لم يمتلك يوماً سلطة ولا منصباً، امتلك شيئاً نادراً في هذا الزمن: الوفاء للأسرى، للكرامة، للحق.
كان يرى في إضراب الأسير صوتاً أعلى من كل خطاب رسمي، وكان يعتبر الصمت في وجه الجوع خيانة. ولهذا لم يصمت، ولهذا دفع الثمن.
تحدّث نزار بمرارة عن زمنٍ كانت فيه الحركة الوطنية تأمر بالإضراب، وتنزل إلى الشوارع.

الشيخ ماهر الأخرس اليوم في السجن، ونزار بنات في قبره، لكن بينهما ما زالت شعلة لم تنطفئ.
شعلة تقول إن الوفاء لا يُدفن، وإن الحق لا يُحبس، وإن الأحرار لا يُنسَون بعضهم.

كان نزار بنات وفيّاً للأسرى كما لو أنهم من لحمه ودمه، يرى وجعهم وجعه، ويعتبر صمت العالم عنهم جريمة لا تُغتفر. لم يتخلَّ عنهم يوماً، ولم يخذلهم في كلمة ولا موقف. وعندما جاء الدور، ردّ الشيخ ماهر الوفاء بالوفاء، ولم يترك دم نزار يبرد، بل ظل يهتف باسمه، يسير في المظاهرات، ويطرق أبواب الحقيقة في وجه كل من أراد طمسها.

هكذا يكون الشرفاء...
نزار أوفى للأسرى، والشيخ ماهر أوفى لدم نزار.
رحل نزار بنات، وسُجن الشيخ ماهر الأخرس، لكن بين قيد وجنازة بقيت الحكاية تنبض: الوفاء لا يموت.

[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزار بنات ويوسف نصّار... حكايات لا تنتهي!
- علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الك ...
- ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!
- غزّة... حين يساوي التّوقيعُ وطناً!
- صبرا وشاتيلا… حين يصبح الوطن غطاءً للقتل!
- ذاكرة الدم… من صبرا وشاتيلا إلى غزة!
- غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!
- من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ ش ...
- غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!
- النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!
- غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!
- الحذاء الأمريكي… والحذاء العربي!
- خذوا العبرة… من ملوك الاستسلام وأمراء البيانات!
- التاريخ سيكتب: أنتم جميعاً خذلتم غزة!
- عشيرة عرب السّمنيّة.. حين صنع نايف الحسن صوت البطولة!
- فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية ا ...
- غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة


المزيد.....




- ترامب يهاجم مدير FBI السابق بعد إدانته: -شخص فاسد للغاية-
- ستاربكس تغلق بعض متاجرها في الولايات المتحدة والمملكة المتحد ...
- رئيس وزراء السودان: أطفال ونساء دارفور يموتون وسط صمت دولي
- دراسة تزعم أن حسابات المراهقين على إنستغرام لا تزال تعرض محت ...
- الاحتلال يقتحم نابلس وقلقيلية ومقاومون يستهدفون آلية عسكرية ...
- حماس تستنكر دعوة عباس لتسليم سلاح المقاومة
- جيمس كومي.. توجيه اتهامات لرئيس FBI السابق في تصعيد -غير مسب ...
- ترامب يوقع أمر بيع -تيك توك-.. الرئيس الأميركي: اتفاق وشيك ب ...
- مقتل 5 عناصر من قسد بهجوم مسلح نفذته خلايا تنظيم -داعش- في ر ...
- إسرائيل تشن أوسع هجوم على صنعاء -انتقاما من مسيّرة إيلات-


المزيد.....

- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ والدّمِ!