محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 00:02
المحور:
القضية الفلسطينية
في هذا الفضاء العربي المترامي، الذي يُحبّ الحكّام أن يُسمّوه "الوطن العربي المتآخي"، لكل زعيمٍ وسامٌ يليق به، ولكل عرشٍ لقبٌ يستحقه:
في الشام، يطلّ "ملك الصمود بالتصريحات"، يفتتح المعارض الدولية تحت هدير القصف، وكأنّ الصواريخ الغاشمة فقرةٌ من فقرات الافتتاح الرسمي، أو خلفيةٌ موسيقية لقصيدةٍ وطنيةٍ تتلوها المذيعة بصوتٍ مرتجف.
وفي بيروت، يتدرّب "أمير التنازلات" كل صباحٍ على طقوس الانحناء السياسي، يظنّ أنّ تسليم أوراق القوّة على أطباقٍ من ذهب سيُتوَّج في النهاية بوسامٍ من تل أبيب، وسلامٍ أبديٍّ لا يُرى إلا على الورق.
أما في الخليج، فـ"السلطان المبتهج بالوساطات" لا يهمّه أن تُقصف دمشق أو تُحاصر غزّة، ما دامت أسعار النفط في أمان، وما دام خطّ الودّ مع واشنطن دافئاً لا يبرد.
وفي بقية الجمهوريات الوراثية، يعتلي "الرئيس مدى الحياة" المنابر، يتفنّن في الخطب العصماء، ويختم دائماً بعبارته الشهيرة: "وسنردّ في الوقت والمكان المناسب". غير أنّ هذا الوقت لم يُطرق بابه منذ نصف قرن، والمكان لا يزال مجهول العنوان.
وأمّا الجامعة العربية، فهي تستحقّ لقباً خاصاً: "دار الأوبرا العربية"، إذ تُبدع في الكورال الجماعي: نشجب، ندين، نستنكر. ثم ينسحب وزراء الخارجية إلى قصورهم الفارهة، وقد أنجزوا "الواجب القومي" على أكمل وجه!
ويبقى الجمهور، شعوب الأمة، محصوراً في خانة "الجمهور الصامت": يتفرّجون من مقاعدهم الخشبية على هذه المسرحية الطويلة. يضحكون أحياناً من سذاجة الممثلين، ويبكون أحياناً من قسوة المشاهد، لكنّهم في النهاية يُجبرون على التصفيق، كما لو كان التصفيق هو قدرهم الأخير.
فيا أيها العرب، خذوا العبرة: إنّ كيان العدو لا يهاب بياناتكم، ولا يُعير مؤتمراتكم الطارئة وزنَ ذرّة، ولا يحسب لجيوشكم الورقية حساباً. أنتم، شئتم أم أبيتم، ملوك الاستسلام وأمراء البيانات… فتهيّؤوا إذاً لبياناتٍ جديدة بعد كلّ قصفٍ جديد.
[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟