أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!














المزيد.....

غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 15:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


في الأزمنة البعيدة، كان الشرق الاوسط قلب العالم، ونافذة السماء إلى البشر، ومسرح الوحي الذي غيَّر وجه التاريخ. على هذه الأرض مشت أقدام الأنبياء، ومنها صعدت الدعوات، ومنها أشرقت الكلمات الأولى التي بشّرت بالعدل والرحمة والسلام. لم يكن الشرق الأوسط مجرّد جغرافيا، بل كان مرآةً للروح الإنسانية ومهداً للنور.

لكن أي يدٍ طمست النور بالظلام؟ كيف تحوّل مهبط الوحي إلى مهبطٍ للطائرات الحربية الأميركية والصهيونية؟ طائرات لا تحمل بشارة ولا سلاماً، بل تقذف حمماً من نار وحديد، تمطر موتاً لا حياة.

اليوم، حين ترفع عينيك إلى سماء غزة، لن ترى أسراب الطيور، ولا غيوم الرحمة، بل سترى أزيزاً معدنيّاً يفتح أبواب الجحيم. كأن التاريخ انقلب رأساً على عقب: الأرض التي حملت رسالة "سلام على من اتبع الهدى" غدت جرحاً مفتوحاً تحت قصف لا يعرف الرحمة.

في غزة، الأطفال لا يحفظون أسماء الأنبياء بقدر ما يحفظون أسماء الطائرات: "إف-16"، "إف-35"، "الدرون". صارت هذه مفردات طفولتهم، بدلاً من قصص يوسف وموسى وعيسى ومحمد. أي قسوة أن تختزن ذاكرة البراءة أصوات الانفجارات بدلاً من أناشيد الأمهات؟

كان يُفترض أن تكون هذه المنطقة جسراً يربط الأرض بالسماء، فإذا بها تتحول إلى مسرح تُختبر فيه أحدث آلات القتل. هنا يسقط القناع عن العالم: شعارات الحرية والعدالة تنهار عند أول صاروخ يبتلع بيتاً آمناً.

ويبقى السؤال المرير: كيف صار الوحي يوماً يحمل للناس خبراً من الله، بينما تحمل السماء نفسها اليوم خبراً من البنتاغون؟ كيف تحوّل المهبط من رسالة تُضيء الدروب إلى قنابل تُطفئ الأرواح؟

في غزة تنكشف الحقيقة: الشرق الأوسط لم يعد مهوى القلوب لأنه منبع الأنبياء، بل لأنه حقل تجارب للسلاح، وبئر نفطٍ لا ينضب، و"موقع استراتيجي" على خرائط الجيوش. أما أهله، أصحاب الأرض والذاكرة، فقد حوّلهم العالم إلى أرقام في نشرات الأخبار، وصورٍ عابرة على شاشات لا تبكي معهم ولا لأجلهم.

ومع ذلك، يظل في هذه الأرض ما يذكّر بتاريخها المقدّس: صمود رجال ونساء يحملون أرواحهم على أكفّهم، يواجهون الطائرات بالحجارة، ويؤمنون أن السماء – التي كانت يوماً مهبط رحمة – ستعود لتكون لهم نصيراً، مهما طال ليل القصف.



[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ ش ...
- غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!
- النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!
- غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!
- الحذاء الأمريكي… والحذاء العربي!
- خذوا العبرة… من ملوك الاستسلام وأمراء البيانات!
- التاريخ سيكتب: أنتم جميعاً خذلتم غزة!
- عشيرة عرب السّمنيّة.. حين صنع نايف الحسن صوت البطولة!
- فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية ا ...
- غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة
- نزار بنات... حين قال -لا- ونام في تراب الوطن!
- أنس الشريف ومحمد قريقع… حين يكتب الشهداء وصية الحقيقة ويفضحو ...
- في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!
- مليارات تُصرف على الحروب... ماذا لو صُرفت على الحياة؟
- في زمن الهوان... حين تئنّ الأمة ويشرق الأمل!
- حينَ كان الذِّئبُ وفيّاً... وخذلنا البشرُ!
- حينَ بَكى الذِّئبُ... ونامَ الإِنسانُ!


المزيد.....




- البيان الختامي لقمة الدوحة: عدوان إسرائيل -الغاشم- على قطر ي ...
- الثانية خلال شهر.. إسبانيا تلغي صفقة سلاح ضخمة مع إسرائيل عل ...
- صفقات تتجاوز 10 مليارات دولار.. لندن وواشنطن تستعدان لتوقيع ...
- بعد 5 سنوات على الكارثة..بلغاريا توقف مالك السفينة التي ح ...
- نيبال: بين رفاهية فاحشة وفقر مدقع...-جيل زد- ينتفض ويقود مظا ...
- الجزائر: ما الذي ينتظر الحكومة الجديدة محليا وإقليميا ودوليا ...
- المشتبه به في مقتل تشارلي كيرك.. جمهوري ومتبرع لحملة ترامب؟ ...
- قمة الدوحة - الدول المغاربية: إدانات مغاربية لانتهاك سيادة ق ...
- صحيفة بريطانية: الإرهاب الزراعي جبهة خطيرة قد تهددنا مستقبلا ...
- محللون: بيان قمة الدوحة وضع الدول المطبعة أمام التزامات أخلا ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!