محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 18:12
المحور:
القضية الفلسطينية
سجّل يا تاريخ في دفاترك الملطخة بدموع المظلومين، أنّه في زمن الصمت المطبق، زمن الخيانة والتواطؤ، خرج أبطال من أعماق الضمير الإنساني، أبحروا منذ سبعةٍ وثلاثين يوماً من شواطئ إيطاليا وإسبانيا، يحملون قلوبهم قبل أجسادهم، وأرواحهم قبل أمتعتهم، متجهين نحو غزة المحاصرة.
لم تكن رحلتهم نزهة على الأمواج، بل كانت تحدياً للعالم بأسره، ورسالة تقول إن غزة ليست وحدها، وإن الضمير الحيّ مهما حاصرته القيود، يثور وينهض ويشق طريقه بين العواصف. لقد خاطروا بحياتهم، رافعين راية إنسانية لا تُقاس بميزان السياسة ولا تُشترى بفضة الخونة.
في المقابل، كان الصمت العربي والإسلامي طعنة في خاصرة القضية. فمن وقف متفرجاً، ومن شارك في حصار غزة خفية أو علناً، لم يكن أقل جرماً ممّن أطلق النار. كأن التاريخ يُعاد كتابته بمداد العار على وجوه الحكام، وبمداد الكرامة على وجوه الغرباء الذين خاطروا بحياتهم ليصلوا إلى غزة.
بعض هؤلاء الأبطال وقعت عليهم يد البطش الاحتلالي، فاعتقلهم الاحتلال ليضيف صفحة جديدة إلى سجله الأسود. والبعض الآخر لا يزال يصارع الأمواج، يقاوم الخوف والجوع والعطش، لكنه يظل متمسكاً ببوصلة الحرية، عازماً أن يصل إلى غزة ولو كان الثمن حياته.
سجّل يا تاريخ، ولا تُجامل. أعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. ضع الخونة في مزابل الذل، وارفع ذكر هؤلاء الأحرار في عليائك. فقد أثبتوا أن البطولة لا تحتاج إلى سلاح ولا جيش، بل إلى قلب صادق وروح تأبى الركوع.
سجّل أن غزة لم تُخذل من البحر، بل من البرّ الذي يتحدث باسم العروبة والإسلام. وسجّل أن الدمعة التي تنزل من عين طفل في غزة، أثقل وزناً وأصدق شهادة من كل بيانات القمم ومؤتمرات العار.
*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟