أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!














المزيد.....

غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 10:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


حين جلس الذئب إلى صغيره يُعلّمه الحذر، قال له:
"إيّاكَ ومن يُشبهك ولا ينتمي إليك، فخطرُه أعظمُ من كلّ ما تخشاه."
واليوم لو مرّ هذا الذئب على أطلال غزة، لوقف طويلاً، ثمّ همس: "ها هي الحكاية تتكرّر، لكنّ الضحية هذه المرة ليست ذئباً... بل وطناً جريحاً اسمه غزة."

غزة تلك التي تتوضّأ بالدم وتُصلّي على الإسفلت، لا تزال واقفة، رغم أنّ السماء أطبقت عليها ناراً، والأرض ضاقت بما حملت من قبورٍ ودموع.
مدينةٌ صغيرة المساحة، عظيمة الصبر، تُقاتل العالم كلَّه بصدورٍ عارية، وقلوبٍ لا تعرف الاستسلام.

في غزة يُولَد الأطفال على صوت الطائرات، ويتعلّمون الأبجدية من أسماء الشهداء.
هناك يكتب الناس رسائلهم إلى الغيم، علَّه يحملها إلى ضميرٍ عربيٍّ غفا طويلاً، لا يُوقظه نداء، ولا يُحرّكه صراخ.

كم مرّةً انتظر الغزّيون من إخوتهم أن يأتوا... فلم يأتوا!
وكم مرّةٍ أُحرقت البيوت، وسُفك الدم، والعين على الجنوب والشرق والغرب، تبحث عن ظلٍّ من عروبة، فلا تجد إلا وجوهاً تبتسم في الشاشات، وبياناتٍ تُساق كما تُساق الأكفان!

أمّةٌ عظيمةُ التاريخ، صغيرةُ الموقف.
تخشى أن تقول كلمة حقٍّ، وكأنّ الصدق صار تهمة.
تكتفي بالمناشدة والدعاء، ثمّ تُغلق الشاشات، وتعود إلى نومٍ ثقيلٍ يغطّيه خجلٌ لا يعترف بنفسه.

غزة اليوم ليست مدينة، بل مرآة.
من نظر إليها رأى وجهه الحقيقي: إمّا حُرّاً يقف رغم الألم، أو متخاذلاً يُبرّر صمته بالمستحيل.

هناك بين الركام، تمشي امرأةٌ بثوبٍ أسود، تحمل ابنها الشهيد وتهمس: "الحمد لله."
وهناك طفلٌ يرفع حجراً أكبر من كفّه، كأنّه يرفع قلب الأمّة كلَّها نحو السماء.
وهناك، الله — وحده الله — لا يزال يسمع، ولا ينسى.

غزة لا تبكي لأنّها اعتادت الجرح، بل لأنّها رأت خذلان الأقربين قبل عداوة البعيدين.
فكلّ ما عانته لم يكن من عدوٍّ يحمل سلاحاً فحسب، بل من إخوةٍ يُشبهونها ولا ينتمون إليها.

ورغم ذلك تبقى غزة... تُضيءُ من تحت الرماد، وتقول لنا بصوتٍ مبحوحٍ من الدخان: "لا تحزنوا عليّ، بل احزنوا على أنفسكم، لأنّكم فقدتم ما يجعل الإنسان إنساناً: الإحساس."

*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا لعارنا.. ويا لعزّة غزة!
- غزة… الحزن الذي يصنع تاريخاً!
- غزة بين خذلان الإخوة وشهامة غوستافو بيترو!
- غزة.. مرآة الإنسانية!
- يكفيكم شرفاً… يا أبطال أسطول الصمود!
- سجّل يا تاريخ: غزة لم تُخذل من البحر بل من البرّ!
- غزة بين وصايتين: من كلوب باشا إلى توني بلير!
- العصفور والسمكة.. حين يصبح الحب مستحيلاً!
- إلى غزة… وإلى الشهيد الذي لم يخذلها!
- فلسطين… قضيّةٌ عادلةٌ بِأيدٍ فاسدةٍ!
- نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ وال ...
- نزار بنات ويوسف نصّار... حكايات لا تنتهي!
- علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الك ...
- ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!
- غزّة... حين يساوي التّوقيعُ وطناً!
- صبرا وشاتيلا… حين يصبح الوطن غطاءً للقتل!
- ذاكرة الدم… من صبرا وشاتيلا إلى غزة!
- غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!
- من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ ش ...
- غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!


المزيد.....




- فيديو مُنتشر لـ-رجل يحمل زوجته المريضة في الحرم المكي-.. ما ...
- هل يوقف القضاء الأميركي ترحيل أكثر من 6 آلاف سوري؟
- صحيفة روسية: ما أسرار التقارب الأخير بين طاجيكستان وأفغانستا ...
- السلطات البرازيلية تحتجز بولسونارو تجنبا لفراره
- مسيرة حاشدة في تونس ترفع شعار -ضد الظلم-
- قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على غزة
- قائد جيش اللبناني: خطة جنوب الليطاني تسير وفق الجدول الزمني ...
- مباحثات مصرية سعودية حول الأوضاع في السودان وغزة ولبنان
- رئيس الإمارات وملك البحرين يشهدان تمرين -ربدان - شويمان-
- استقالة نائبة جمهورية بعد أزمة علنية مع ترامب


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!