أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. مرآة الإنسانية!














المزيد.....

غزة.. مرآة الإنسانية!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 08:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


في غزة، ذلك الشريط الصغير على خريطة العالم، تُكتب أعظم الحكايات الإنسانية. فغزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة بالبحر والأسلاك، بل هي رمز لإنسانٍ اختار أن يتمسك بكرامته، حتى وهو يواجه أقسى الظروف. هناك، حيث يعلو صوت الأطفال فوق هدير الطائرات، وحيث تزرع الأمهات الأمل في قلوب أبنائهن رغم الدمار، يولد المعنى الحقيقي للشجاعة.

أهل غزة لا يملكون الكثير من مظاهر القوة، لكنهم يملكون ما هو أسمى: الإصرار على البقاء بكرامة. في كل بيتٍ مهدّم قصة حبٍّ لم تنطفئ، وفي كل شارعٍ مدمر حكاية صمودٍ لم تُكسر. وهم يرفعون للعالم رسالة صامتة: أن الكرامة ليست شعاراً يُرفع، بل حياة تُعاش، وجذورٌ لا تُقتلع.

وفي المقابل، يقف من يمدّ يده ليستولي على الأرض والبيوت. يظن أنه يكتب التاريخ بالقوة، لكنه في الحقيقة يزرع بذور العزلة والعار. فالتاريخ لا يرحم الظالمين، ولا يخلّد إلا الذين صبروا، ودافعوا عن حقّهم في الحياة، وأحبّوا أرضهم حتى الرمق الأخير.

في غزة يتجلّى بوضوح الفرق بين من يعيش ليحفظ إنسانيته، ومن يعيش على حساب إنسانية الآخرين. الفرق بين طفلٍ لا يحلم إلا بأن ينام في أمان، وبين من يحاول أن يسرق هذا الحق البسيط. بين أمٍّ تزرع الأمل في قلب ابنها، وبين من يزرع الخوف في قلوب الأبرياء.

الشجاعة الحقيقية هنا ليست في السلاح، بل في أن ينهض الناس كل صباح من تحت الركام ليواصلوا الحياة. أن يبتسم طفل رغم الجراح، وأن تصرّ امرأة على تعليم أبنائها رغم فقدان المدرسة، وأن يتقاسم الجار مع جاره آخر رغيف خبز. هذه هي البطولة التي لا يكتبها الإعلام، لكنها تُسطَّر في ذاكرة الأجيال.

ولأن غزة تحمل جراحها بكرامة، فإنها تعلّم العالم درساً خالداً: أن الأرض تُحَب كما تُحب الأم، وأن الكرامة لا تُباع ولا تُشترى. وبين من يتمسك بشرفه وأرضه، وبين من يحتلها، يبقى الفخر دائماً مع من جعل من صموده فعلَ حبٍّ وسلام، لا فعل كراهية وانتقام.

إن غزة اليوم ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية إنسانية كبرى. إنها مرآة تضعنا جميعاً أمام سؤالٍ أخلاقي: هل نقف مع من يحيا ليحفظ كرامته، أم مع من يسلب كرامة غيره؟ والإجابة، مهما حاولوا طمسها، واضحة كالشمس: الكرامة تنتصر، حتى وإن طال الطريق.

[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يكفيكم شرفاً… يا أبطال أسطول الصمود!
- سجّل يا تاريخ: غزة لم تُخذل من البحر بل من البرّ!
- غزة بين وصايتين: من كلوب باشا إلى توني بلير!
- العصفور والسمكة.. حين يصبح الحب مستحيلاً!
- إلى غزة… وإلى الشهيد الذي لم يخذلها!
- فلسطين… قضيّةٌ عادلةٌ بِأيدٍ فاسدةٍ!
- نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ وال ...
- نزار بنات ويوسف نصّار... حكايات لا تنتهي!
- علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الك ...
- ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!
- غزّة... حين يساوي التّوقيعُ وطناً!
- صبرا وشاتيلا… حين يصبح الوطن غطاءً للقتل!
- ذاكرة الدم… من صبرا وشاتيلا إلى غزة!
- غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!
- من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ ش ...
- غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!
- النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!
- غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!
- الحذاء الأمريكي… والحذاء العربي!
- خذوا العبرة… من ملوك الاستسلام وأمراء البيانات!


المزيد.....




- اندلاع حريق هائل بمصفاة نفط لشركة شيفرون قرب لوس أنجلوس
- أناقة باريسية.. مي عمر بفستان أسود لافت
- متظاهرون في البرتغال وإسبانيا يعبّرون عن دعمهم لـ-أسطول الصم ...
- بين عزلة إسرائيل وحرب غزة.. ترامب يراهن على دخول التاريخ، لك ...
- ناقلة نفط من -أسطول الشبح الروسي- تواصل طريقها إلى قناة السو ...
- الناتو يعزز الدفاع الجوي في جناحه الشرقي لمواجهة مسيّرات روس ...
- نزوح صامت في أوكرانيا بعد ضربات روسية على المناطق الحدودية
- وزيرة داخلية بريطانيا -محبطة- من المظاهرات المؤيدة لفلسطين
- بعد عودة الكهرباء.. أوكرانيا تصدر توضيحا عن مفاعل تشيرنوبل
- القوات الروسية تأسر مجموعة من مقاتلي وحدة أوكرانية خاصة


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. مرآة الإنسانية!