أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - يوميّات من القلب... حين يتحوّل الألم إلى إبداع!














المزيد.....

يوميّات من القلب... حين يتحوّل الألم إلى إبداع!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 17:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ يختنق فيه الصوت بين الركام، يولد صوتٌ شعبيٌّ بسيط، لكنه صادق؛ نقيٌّ كدمعةِ أمٍّ، وناصعٌ كأملِ طفلٍ بين خيام النزوح. ذلك الصوت هو صوتُ المبدعين الذين اختاروا الكلمة والكاميرا سلاحاً في وجه الصمت، ليكتبوا للتاريخ بقلوبهم لا بأقلامهم.
ومن بين هؤلاء يبرز (أبو سمير)، الذي لم يكن مجرّد راوٍ للحكاية، بل كان هو الحكاية نفسها. كان وجعَ الناس على لسانه، وأملَهم في عينيه، وابتسامتَهم التي تصرّ أن تبقى حيّة رغم الألم.

من بين الركام كان (أبو سمير) يخاطبنا، ومن تحت القصف كان يخاطبنا؛ صوته يعلو فوق هدير الطائرات، يحمل إلينا ما تبقّى من أنين الأرض وكرامة الإنسان، يزرع في قلوبنا ما لم تستطع نشرات الأخبار أن توصله من حقيقةٍ ووجعٍ وصدق.

في زمن الحرب، حين غابت العدسات الكبرى ونام الإعلام الرسمي عن مآسي البشر، ظلّ (أبو سمير) يقف بين الخيام، يدوّن تفاصيل اليوم العادي، يلتقط نبض البسطاء، ويحوّل الحزن إلى حكايةٍ يعيشها كل بيت. بصوته الشعبي، وبلغته القريبة من القلب، استطاع أن يختصر وجع وطنٍ بأكمله في مشهدٍ واحد، في ضحكةِ طفلٍ أو تنهيدةِ عجوز.

ما فعله (أبو سمير) ليس مجرّد توثيقٍ للمعاناة، بل هو حفظٌ للذاكرة، وأرشيفٌ نابضٌ بالإنسانيّة، يسجّل للحاضر وللأجيال القادمة أن الإبداع الحقيقي يولد من رحم الألم. فكلُّ مقطعٍ صوّره كان جسراً بين المأساة والكرامة، بين الحزن والفخر، بين الجرح والنجاة.

إنّ مبدعينا الشعبيين أمثال (أبو سمير) لا يملكون أدواتِ الإعلام الضخم، ولا تقنياتِ الإنتاج، لكنهم يملكون ما هو أعمق: الصدق، والروح، والقدرة على أن يجعلوا العالمَ يشعر بما نشعر به نحن. إنهم يرفعون رؤوسنا عالياً، لأنهم اختاروا أن يكونوا صدىً للوجع لا صدىً للسلطة، وأن يحملوا حكاياتِ الناس لا شعاراتِهم.

ففي كلّ يوميّةٍ يقدّمها، كان (أبو سمير) يزرع فينا شيئاً من الإيمان: أن المأساة يمكن أن تتحوّل إلى رسالة، وأن الألم يمكن أن يكون طريقاً نحو وعيٍ أعمق بالإنسان، وأن البساطة حين تمتزج بالصدق تُصبح أقوى من كل خطابٍ رسميّ.

سلامٌ على كل مبدعٍ يشبه أبا سمير، على من جعلوا من حروفهم ولقطاتهم جسوراً بين الألم والكرامة. سلامٌ على الأصوات التي لا تملك سوى الحقيقة، لكنها تصل إلى كل بيتٍ لأنها خرجت من القلب، ولأنها نابعة من وجدانٍ لا يُشترى ولا يُقمع.

سلاماً على (أبو سمير)، وعلى أمثال (أبو سمير)...
أولئك الذين علّمونا أن الكلمة يمكن أن تُقاتل، وأن الصورة يمكن أن تُبقي الذاكرة حيّة، وأن البساطة حين تمتزج بالصدق، تصنع مجداً لا يُنسى.

*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبواب أغلقتها الأيام!
- تحيّة من فلسطين إلى اليمن!
- غزة... عنوان الصمود وضمير الأمة!
- غزة وجائزة نوبل للسلام… من يستحقها حقاً؟
- غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!
- يا لعارنا.. ويا لعزّة غزة!
- غزة… الحزن الذي يصنع تاريخاً!
- غزة بين خذلان الإخوة وشهامة غوستافو بيترو!
- غزة.. مرآة الإنسانية!
- يكفيكم شرفاً… يا أبطال أسطول الصمود!
- سجّل يا تاريخ: غزة لم تُخذل من البحر بل من البرّ!
- غزة بين وصايتين: من كلوب باشا إلى توني بلير!
- العصفور والسمكة.. حين يصبح الحب مستحيلاً!
- إلى غزة… وإلى الشهيد الذي لم يخذلها!
- فلسطين… قضيّةٌ عادلةٌ بِأيدٍ فاسدةٍ!
- نزار بنات والشيخ ماهر الأخرس: حكايةُ وفاءِ بين الزنزانةِ وال ...
- نزار بنات ويوسف نصّار... حكايات لا تنتهي!
- علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الك ...
- ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!
- غزّة... حين يساوي التّوقيعُ وطناً!


المزيد.....




- مصر: تصريح جديد للسيسي حول نشر قوات دولية في غزة
- قائد القيادة المركزية الأميركية يزور غزة لبحث سبل إرساء الاس ...
- مسؤول في حماس: نزع سلاح الحركة -غير وارد وخارج النقاش-
- رئيس وزراء فرنسا يتحدى الزمن لتشكيل حكومة
- واشنطن تايمز: طلب مثير للجدل أطاح بالاتفاق بين سوريا وإسرائي ...
- السيسي يدعو لنشر قوات دولية في غزة ويخطط لمؤتمر الإعمار
- زيلينسكي يدعو ترامب للتفاوض بشأن أوكرانيا بعد اتفاق غزة
- غارديان: الحذر واجب رغم قبول نتنياهو وقف إطلاق النار
- من يعرقل تنفيذ خارطة طريق حلّ أزمة السويداء؟
- لماذا أرسلت واشنطن 200 عسكري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - يوميّات من القلب... حين يتحوّل الألم إلى إبداع!