محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 12:08
المحور:
القضية الفلسطينية
في غزة حيث الليل بلا قمر، والأرض تتشقق من ثقل الدماء، يولد الحزن كل يوم من جديد. هناك تحت الركام، يختبئ صوت طفل لم يكتمل بكاؤه، وأمٌّ عانقت أسماء أبنائها بعد أن فقدت أجسادهم. غزة لم تعد مدينة محاصرة فقط، بل أصبحت جرحاً مفتوحاً في جبين العالم، يفضح كل قيمه وشعاراته الكاذبة عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.
غزة لا تموت وحدها، إنما تفضحنا جميعاً. كل حجر مهدوم، كل جثة تُسحب من تحت الأنقاض، كل صرخة مكتومة في ظلام الليل، تعكس وجه البشرية كما هو: قبيح، صامت، متواطئ.
أمّا العرب والمسلمون، فغزة تحوّلت أمامهم إلى امتحان فشلوا فيه جميعاً. خذلوها بالكلمات الميتة، بالقمم الفارغة، بالبيانات المكررة، وبالسكوت المريب. أصبحوا شهود زور على المجازر، شركاء في العجز والخذلان، غارقين في مصالحهم الضيقة وحساباتهم الباردة، بينما أطفال غزة يكتبون بدمائهم أعظم معاني الكرامة والصمود. يا له من خزي، يا له من عار.
غزة اليوم هي مرآة الإنسانية: من ينظر إليها يرى صورته الحقيقية. إن كان صادقاً يرى قلبه في ملامح الأطفال الذين يقاومون الحصار بالضحكة، وإن كان منافقاً يرى جبنه في صمت الحكام والخطابات العقيمة. غزة تكشفنا بلا رحمة، فلا يمكن التزيّن أمامها بالكلمات ولا الاختباء خلف الشعارات.
ومع ذلك، تبقى غزة أصدق من كل العالم، لأنها تعلمنا أن الكرامة يمكن أن تولد من بين الركام، وأن الصمود أقوى من كل الأسلحة، وأن الروح الحرة لا تنكسر حتى لو انكسر الجسد.
لكن السؤال يبقى معلقاً: إلى متى سيظل دم غزة يصرخ في صمتنا؟ إلى متى ستظل مرآتنا مكسورة ونحن عاجزون عن النظر إليها؟
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟