محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 12:01
المحور:
القضية الفلسطينية
حين يصبح الصمت خيانة، والحياد وجهاً آخر للخذلان... تبقى غزّة وحدها شاهدةً على سقوط الأقنعة.
قال عبد الوهاب المسيري:
"يأتي زمانٌ يخرج فيه قومٌ يهود، وهم في الأصل ليسوا كذلك، إنما هم مسلمون يلعبون دور اليهود، يُمثِّلون الاحتلال خير تمثيل."
ولقد جاء هذا الزمان، يا سيدي...
زمانٌ يُصلّي فيه البعض في المساجد ويُباركون للقاتل انتصاره، زمانٌ تُقصف فيه غزّة بالصواريخ، وتُقصف قلوبنا بالصمت.
ها نحن نعيش النبوءة بحذافيرها، نرى وجوهاً كانت تبكي للقدس تبتسم اليوم للقتلة، نسمع الشعارات القديمة تتساقط كأوراق الخريف، ونشاهد مَن يحمل أسماءنا ويتحدث لغتنا، لكنه يقف في صفّ العدو،
يُمثِّل الاحتلال خير تمثيل.
غزّة، يا وجعَ الأرض، يا طفلةً تنام على ركام بيتها وتغفو كأنها لا تعرف الخوف، ويا أُمّاً ودَّعت أبناءها ورفعت عينيها إلى السماء قائلةً: "اللهمَّ تقبّلهم شهداء."
كم أنتِ عظيمةٌ في صبرك، وكم هم صغارٌ في خذلانهم.
العرب اليوم يكتبون بياناتِ الشجب بأقلامٍ من رماد، يرفعون شعاراتٍ لا تُسعف جائعاً، ولا تُضمِّد جراحاً، ويغلقون المعابر بوجوهٍ باهتة، كأنّ غزّة ليست منهم، كأنها من كوكبٍ آخر.
لكنّكِ يا غزّة لا تموتين؛ فكلّ قذيفةٍ تسقط عليكِ تُنبت طفلاً أكثر عناداً،
وكلّ بيتٍ يُهدم يُشيَّد في قلوب الأحرار ألفُ بيتٍ من العزّة والإيمان.
يا غزّة، أنتِ المرآةُ التي كشفت زيفهم،
وأنتِ النورُ الذي فضح عتمتنا.
صدق فينا قولُ المسيري، وها نحن نرى أقواماً يلبسون عباءةَ الإسلام، لكنهم يُمثِّلون الاحتلال خير تمثيل.
فليكتب التاريخُ أنهم خذلوكِ،
وليشهد اللهُ أنكِ لم تخذلي الحقَّ يوماً.
* محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟